انضم رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى الهجوم على رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أمس، بعد المشادة التي جرت بين الاخير ورئيس الجمهورية اميل لحود في قمة الخرطوم والهجوم الذي شنه"حزب الله"على رئيس الحكومة لاقتراح تعديل فقرة في قرار الجامعة االعربية تؤكد على حق الشعب اللبناني في المقاومة وتحرير ارضه بدلاً من العبارة التي تؤكد على ان المقاومة تعبير عن حق الشعب في تحرير أرضه. وجاء هجوم بري مفاجئاً للسنيورة بعدما شرح الاخير موقفه في جلسة نيابية عقدت امس السجال الذي حصل في الخرطوم. واتهم بري السنيورة بارتكاب خطيئة، بعد ان قال رئيس الحكومة ان فوزي صلوخ زوده نصف الحقيقة. وعند انتهاء مداخلة بري على السنيورة أنهى الاول الجلسة من دون ان يفسح له المجال كي يرد. وكان النائب علي حسن خليل وجه الى السنيورة سؤالاً قال فيه:"سمعنا حرص الحكومة على موضوع المقاومة، وهذا امر ينسجم في الواقع مع البيان الوزاري لكن ظهر عكس هذا في قمة الخرطوم، ما حدث هناك اضعف صورة لبنان وحضوره ويهمنا ان تجيب الحكومة بشكل صريح على حقيقة التزامها؟". ورد السنيورة بالقول:"لطالما عبرنا في أكثر من مناسبة، أكان في مجلس النواب أم في الحكومة، واكثر من ذلك في الامكنة التي تعتبر مراكز القرار في العالم، عن أهمية المقاومة ودورها في تحقيق التحرير، ولكونها ممثلة في مجلس النواب وفي الحكومة اللبنانية، وكانت موضع بحث في جلسات الحوار والتي يفترض ان شاء الله ان يصار الى تثبيت لبنانيتها عبر كل الوسائل المتاحة، وأهمها التعاون مع الاشقاء السوريين الذين من خلالهم نأمل ان يصار الى توقيع المستندات بالتفاهم معاً، ويفترض ان تودع هذه المستندات الاممالمتحدة، وكان الرئيس بشار الأسد أشار اليه حرفياً، من خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده عندما كان في باريس في حزيران يونيو 2001". وأضاف:"عندما جرت عملية الاعداد للمقررات الواجب تحضيرها لدى مؤتمر وزراء الخارجية، وبعد ذلك في السودان، جرى التداول بيني وبين الوزير الخارجية فوزي صلوخ ووضعت صيغٌ عدة، وبادر الى العمل على اقرار صيغة معينة لم يتشاور معي في شأنها. وعندما عاد تداولت معه، وقلت ان هذه الصيغة لا تعبر عن الوضع الذي نحن فيه الآن، والذي هو دقيق، وينبغي ان تنتبه لعدم استباق الامور". وتابع السنيورة انه امتنع"عن اتخاذ اي موقف في هذا الشأن حفاظاً على كل المعطيات التي لدي. بعد ذلك، في السودان، اتصل هاتفياً من خلال معاونه وذكر أن هناك اعتراضاً على عبارة معينة بالطلب ان يصار الى استبدال كلمة الترسيم بالتحديد، فقلت له ان هذا الامر يوجب تغيير كل الصيغة واعتماد الصيغة التي تم اعتمادها في هيئة الحوار. ونقل هذا الامر الى الوزير عبر معاونه. بعد ذلك إرسلت هذه الصيغة عبر الهاتف الينا، بالنص الذي أقر في هيئة الحوار، ولن يذكر اي شيء لاننا نقلنا الصيغة التي اقرت في الحوار، وطلبنا منه ان يعمل على اقرارها، فعاد الينا وقال ان هذه هي الصيغة التي أقرت، وبالتالي كان يعني بالنسبة الينا ان هذه الصيغة هي التي اقرت. اكتشفت أننا زودنا نصف الحقيقة، وهو ما أشرت اليه البارحة على انه اجتزاء، وهذا دفعني خلال المؤتمر الى القول ان هناك امراً يجب تعديله حفاظاً على وحدة الصف اللبناني وعلى المقاومة، ولعدم استباق نتائج الحوار وعدم التأثير عليه". وأكد"اننا حريصون على المقاومة، وما أوردته هو تأكيد لأمر أساسي، حق لبنان والشعب اللبناني في المقاومة، هذا ما حرصت على أن أبينه، لكي لا اؤثر على اي قرار في هذا الشأن من هذه الجهة او تلك الجهة، ولا سيما اننا نقترب من عملية بحث هذا الشأن ابتداء من يوم الاثنين. هذا هو الذي دفعني الى ما حصل. وأعود وأقول إن هذا كان بدافع حرصي على تثبيت حق لبنان في المقاومة، وهو حق اللبنانيين جميعاً وليس حصرياً لمجموعة منهم. هذا حق للبنان وواجب للدولة اللبنانية في ان تدافع هي عن لبنان هذه الامور التي اردت ان اؤكدها". وتوجّه الى بري بالقول:"ما نريد ان نصل اليه هو ان نؤكد وحدة اللبنانيين، بداية من حقهم في تحرير الارض وفي المقاومة، مقاومة جميع اللبنانيين للاحتلال توصلاً الى عملية التحرير. هذا ما توخيناه من اجل انجاح الحوار وليس للتعطيل عليه، وربما حاول البعض ان يستغل هذه الفرصة لتحقيق مكاسب معينة. لم ادخل في هذا الامر لا من قريب ولا من بعيد، وما أود ان اؤكده هو الوحدة الشديدة لدى اللبنانيين في التوصل الى قناعات مشتركة في شأن تحرير الارض وحق اللبنانيين في التوصل الى المقاومة وعدم القفز على نتائج الحوار وعدم استباق الامور، لأن هذا قد يؤثر على هذه النتيجة التي نرغب وترغبون فيها جميعاً، فلا نصل الى نقطة يشعر فيها البعض بأن هناك تأشيرات من فريق على فريق". وحاول هنا نائب"حزب الله"علي عمار طلب الكلام فرد عليه بري قائلاً:"طوّل بالك علي قليلاً"، وتولى هو الرد شخصياً على السنيورة واصفاً"الذي حصل في الخرطوم بانه وصل الى درجة الخطيئة، كل الذي حصل من أوله الى آخره". وأضاف:"اولاً: عندما ذهبت دولتك الى الخرطوم بعدما تكلمت بالحوار على اساس انك ستكون ضمن وفد واحد، من غير الممكن ان نقبل ان نكون وفدين، هذا اولاً، ثانياً: وفي اختصار شديد ايضاً، موضوع المقاومة ليس باقياً على طاولة الحوار عندما اعلن لبنانية مزارع شبعا، انا من كرسيك الان قلت للصحافيين ان المقاومة باقية، باقية، باقية، الذي بقي موضع مناقشة هو موضوع سلاح المقاومة ضمن خطة دفاعية من اجل حماية لبنان بالاشتراك فعلاً مع كل اللبنانيين هذا امر نحن نتمناه دائماً كمقاومين وكمواطنين ولا يوجد خلاف بيننا وبينك بالنسبة الى هذه النقطة التي تتعلق في موضوع المستقبل، في موضوع سلاح المقاومة وليس في موضوع المقاومة، لان المقاومة لها وجوه عدة، احد وجوهها هو السلاح، موضوع المقاومة ليس موضع نقاش على الاطلاق على طاولة الحوار". أضاف:"الامر الثالث، هناك بيان وزاري ادليت به في مجلس النواب واخذت الثقة على اساسه. وحدك لا تملك الحق بتغييره ولا مجلس الوزراء كله له الحق بأن يغيره الا عندما يرجع ويتقدم مرة ثانية امام المجلس النيابي ويأخذ ثقة على اساس بيان وزاري جديد. الامر الاخير، اصبح عندنا ازمة وزارية يا دولة الرئيس، ونتيجة هذه الازمة الوزارية كلنا تعبنا وجهدنا نحن واياك حتى وصلنا الى كلام صريح وواضح بأن المقاومة ليست ميليشيا، وانطلقنا من هذا الكلام في هذه القاعة واتكلنا على الله بالنسبة الى هذا الموضوع"شو عدا ما بدى"حتى يحصل هذا الشيء. انا اقول لك اريد ان اهنئك من قلبي بشدة، انا كنت اعتقد بأن جذوة المقاومة موجودة في لبنان اكثر من عند العرب، اكتشفت انها موجودة عند العرب اكثر، اشكرك على هذا الكلام". وكان سبق الجلسة خلوة بين بري والسنيورة، الذي وضعه في صورة ما جرى على هامش قمة الخرطوم. وقالت مصادر نيابية مقربة من بري ان الاخير تمنى على السنيورة التعاون من اجل لملمة الموضوع وتطويق التداعيات السياسية المترتبة على الاشتباك الذي حصل في الخرطوم بين رئيسي الجمهورية والحكومة. ولفتت الى ان بري لم يكن في وارد احراج رئيس الحكومة وان هدفه من وراء طلبه من عضو كتلته النائب حسن خليل التقدم من السنيورة بسؤال حول الخلاف في الخرطوم والموقف من البيان الوزاري افساح المجال امام الاخير لتوضيح موقفه باتجاه تهدئة الوضع وانهاء السجال السياسي الدائر حول المقاومة انطلاقاً من الحوار الجاري في البرلمان. وتوجهت المصادر من السنيورة باللوم لأنه لم يلتقط الاشارة التي بعث بها بري مؤكدة ان لا نية لدى رئيس المجلس بإحراجه او بفتح السجال على مصراعيه على خلفية ما دار في الخرطوم بمقدار ما انه رغب في اقفال هذا الموضوع. واعتبرت ان بري اضطر للرد على السنيورة خصوصاً انه كان تفاهم معه على محاصرة المشكلة وتطويقها، مشيرة الى ان رئيس المجلس استغرب اصرار السنيورة على موقفه بدلاً من ان يوضح ما قصد به من خلال ما صدر عنه في الخرطوم على قاعدة التأكيد على البيان الوزاري. لكن اوساط السنيورة لم تكن مرتاحة للاسلوب الذي اتبعه بري في رده ولا في التعابير التي استخدمها. وسألت ايضاً عن الاسباب التي أملت على بري مخاطبة رئيس الحكومة بعبارات قاسية لا تساعد على تهدئة الوضع ومحاصرة المشكلة وتطويق ردود الفعل عليها.