فيما توقعت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت"اعادة تقويم"للسياسة الاميركية في العراق بعد فوز الديموقراطيين في الانتخابات النصفية للكونغرس، فتح الرئيس الأميركي جورج بوش الأبواب لتغيير سياسي في العراق بعد أشهر من المقاومة، باعلانه أول من أمس تغيير وزير الدفاع والتأكيد على ضرورة وضع"تصور جديد"للقضية. وقالت بيكيت خلال مؤتمر صحافي في معهد"رويال يونايتد سرفيسز انستيتيوت"روزي في لندن:"لا أتوقع أي تغيير ضخم في السياسة"الاميركية في العراق وانما"اعادة تقويم"لها، لافتة الى أن نشر تقرير اللجنة الخاصة في شأن العراق برئاسة وزير الخارجية السابق جيمس بيكر سيكون له على الارجح تأثير أكبر في استراتيجية التحالف الأميركي - البريطاني. ووفقاً لوكالة"أسوشييتد برس"، ستكون أول محطة للديموقراطيين في الكونغرس الجديد الذي سينعقد في كانون الثاني يناير المقبل، تشريعاً يطلب عودة عدد غير محدد من الجنود الأميركيين إلى بلادهم فوراً. ونقلت عن السيناتور الديموقراطي كارل ليفين المرشح لرئاسة لجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ اعتقاده بأن"عدداً من الجمهوريين سينضمون الينا في ذلك لأن هناك كثيراً من الاستياء في البلاد". وقد يجري العمل بهذا الأمر في وتيرة أسرع من العام المقبل. أما الرئيس الحالي للجنة العسكرية في مجلس الشيوخ السيناتور جون وورنر، فيريد استجواب غيتس في جلسات قد تتحول الى تحقيقات في جميع تفاصيل الحرب على العراق. وبحسب النائب الجمهوري جون مورتا الذي دعا أخيراً الى انسحاب من العراق، ستكون هناك جلسات استماع ومحاسبة لاستعادة الثقة، حتى يفهم الناس الحقائق الفعلية. وكان بوش عبر تغييره وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وتعيين بوب غيتس في مكانه غداة هزيمة انتخابية ساحقة، استبدل الرجل الذي كان يُجسد التصلب في قيادة الحرب، بأحد أعضاء مجموعة عمل يفترض أن تُقدم توصياتها الى الرئيس الاميركي لحل أزمة العراق. واعترف بوش خلال مؤتمر صحافي أول من أمس بأن"عدداً كبيراً من الاميركيين صوتوا مساء أمس الثلثاء للتعبير عن استيائهم من عدم تحقيق تقدم"في العراق. وقال:"بعد سلسلة من المناقشات المعمقة"كان آخرها في يوم الانتخابات"اتفقنا أنا ووزير الدفاع على أن الوقت ملائم لقيادة جديدة للبنتاغون". وكان بوش أعلن الاسبوع الماضي أن رامسفيلد سيبقى في منصبه حتى انتهاء الولاية الرئاسية في كانون الثاني يناير 2009. وأكد الرئيس الاميركي أنه لا يريد التسبب ببلبلة في الحملة الانتخابية، لكن القرار كان يجري اعداده منذ فترة طويلة ولا علاقة له بالانتخابات. وقال:"اتفقنا أنا والوزير رامسفيلد على أن آفاقاً جديدة ضرورية في بعض الأحيان وبوب غيتس سيُقدم آفاقاً جديدة". وأجمع الديموقراطيون على الترحيب بتعيين بوب غيتس الذي قالوا إنه"براغماتي"بدلاً من رامسفيلد الذي يحملونه مسؤولية عدد من الاخطاء الخطيرة في الحرب وينتقدون تصلبه وتسلطه. وشدد بوش على أن رامسفيلد سيصبح الشهر المقبل، في الوقت اللازم لتأكيد تعيين غيتس، وزير الدفاع الذي بقي في هذا المنصب أطول مدة في تاريخ الولاياتالمتحدة. اما رامسفيلد شخصياً، فقد وصف رحيله بأنه"أمر جيد". لكن بوش أكد مجدداً أن الجنود الاميركيين البالغ عددهم 150 الفاً في العراق لن ينسحبوا قبل الأوان، ولن يعودوا إلا منتصرين. كما نفى أن يكون العراق يشهد حرباً اهلية. وشدد الرئيس الاميركي على عزمه على العمل مع الديموقراطيين ومع مجموعة الدراسات حول العراق التي شكلها الكونغرس ويترأسها وزير الخارجية السابق جيمس بيكر والبرلماني الديموقراطي السابق لي هاملتون. وكان بيكر وغيتس تعاونا في الماضي في عهد الرئيس جورج بوش الأب. وبين التوصيات التي يُمكن أن تقدمها هذه المجموعة انسحاب تدريجي للقوات الاميركية من العراق واستئناف الحوار مع سورية وايران جارتي العراق. وقال بوش انه سيلتقي بيكر وهاملتون مطلع الأسبوع المقبل. ويعتقد بعض المحللين بأن انسحاباً تدريجياً للقوات الأميركية من العراق أصبح الآن أكثر ترجيحاً. وقال لورانس كورب المساعد السابق لوزير الدفاع في حكومة الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان إن"حقيقة رحيل رامسفيلد وأيضاً مجيء غيتس، تقول لي إننا سنشهد نوعاً من الانسحاب التدريجي". وأضاف كورب الذي يعمل الآن في مركز التقدم الأميركي وهو مركز بحوث:"سيُخفض عدد القوات تدريجاً، لنقول للعراقيين إن الولاياتالمتحدة لن تبقى هناك الى الأبد، وأن عليهم أن يعملوا معاً". وتوقع لورين طومسون وهو من معهد لكسينغتون في واشنطن خفضاً للقوات أيضاً، وقال:"لا شك في أن حجم الالتزام الأميركي في العراق سيتراجع. والمسألة الوحيدة هي الجدول الزمني لحدوث هذا الانكماش". وعلى رغم أن رامسفيلد أعلن استقالته أول من أمس، إلا أنه سيبقى في منصبه حتى يوافق مجلس الشيوخ على تعيين غيتس. وقال طومسون إن"رامسفيلد يترك القوات الأميركية في العراق في موقف لا يمكن فيه تحقيق النصر". لكن توم دونيلي من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية يرى أنه فيما حسنت القوات الأميركية قدراتها لمواجهة المقاتلين، لم يتقدم أحد بخطة واضحة وجيدة عن كيفية التعامل مع العنف الطائفي.