من دون حفلة افتتاح انطلقت الدورة السابعة عشرة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي تضامناً مع ضحايا الحريق الذي نشب في"مسرح وقصر ثقافة بني سويف"قبل اسبوعين وراح ضحيته ما يقارب 40 ممثلاً ومخرجاً وناقداً مسرحياً. وعلى رغم هذا يمكن القول ان التظاهرة التي قادها أدباء وفنانون مصريون من مختلف الأجيال امام مبنى دار الأوبرا المصرية ربما كانت هي العرض الأهم والذي سرق الأضواء من كل عروض المهرجان حيث دعا المتظاهرون الذين تقدمهم جمال الغيطاني وبهاء طاهر الى"مقاطعة هذه الدورة من المهرجان حداداً واحتجاجاً". وطالب بيان صادر عن"حركة أدباء وفنانين من اجل التغيير"الى تقديم المسؤولين عن محرقة مسرح بني سويف"في محاكمة علنية وعلى رأسهم وزراء الثقافة والداخلية والصحة ومحافظ الاقليم الذي شهد الكارثة وتحميلهم المسؤولية السياسية والجنائية كاملتين". ودعا البيان الذي وقعه نحو 300 مثقف وفنان وكاتب من بينهم أحمد فؤاد نجم ويوسف شاهين وحسن سليمان وبهاء طاهر ومحمد البساطي ورضوى عاشور وصنع الله ابراهيم وسيد حجاب وعلي بدرخان وأمينة رشيد وعبدالوهاب المسيري ومحمد عفيفي مطر وسحر الموجي وعلاء الأسواني ومحمد بدوي ومحمد السيد سعيد وسعيد الكفراوي ومحمود الورداني ومحمد المخزنجي وعادل السيوي"القوى السياسية والثقافية والمسرحيين من الفرق الحرة ومسارح الهواة وفناني الأقاليم وكل صاحب ضمير إلى المشاركة في المطالبة بإتمام هذه المحاكمة". وأمام عدسات القنوات الفضائية وممثلي وسائل الاعلام رفض عدد من الكتاب والمسرحيين على رأسهم الكاتبة فتحية العسال التوقيع على البيان الذي صدر عن مجموعة من المثقفين قبل أسبوع طالبوا فيه الرئيس المصري برفض الاستقالة التي قدمها فاروق حسني وزير الثقافة الأسبوع الماضي بعدما أعلن مسؤوليته السياسية عن الحادث وهي الاستقالة التي لم تقبل فعلاً". وانتقد البيان الذين قاموا بالتوقيع على بيان دعم الوزير. وقال البيان الصادر عن أدباء وفنانين من اجل التغيير:"نحن نؤكد احترامنا لحق الاختلاف إلا أننا نرى في الوقت نفسه أن بياناً من هذا النوع لا يمثل إلا ذلك التيار المتحلق حول الإدارة الرسمية والذي يصر - تحقيقاً لمصالحه - على إخضاع الثقافة المصرية لآليات التسلط السياسي ويبرر اختياراتها ويسعى الى تفويت الفرصة على أي مواجهة حقيقية وأي محاسبة لهذه السلطة حتى عند وقوع كارثة في هذا الحجم. وتابع البيان:"إن إصرار السلطة السياسية على إبقاء وزير الثقافة في موقعه لم يكن إلا تأكيداً على أن نظرتها الدونية للمواطن المصري لم تتغير". ومن ناحية اخرى لم ينجح قرار إقالة مصطفى علوي رئيس هيئة قصور الثقافة والعضو البارز في"لجنة السياسات"التابعة للحزب الوطني والتي يترأسها نجل الرئيس مبارك، وقد صدر قبل التظاهرة بساعات في التخفيف من غضب المثقفين المصريين المشاركين في التظاهرة على رغم ان قرار الإقالة يأتي استجابة مباشرة لواحد من المطالب التي تم إعلانها عقب"كارثة الحريق"والى جوار مظاهرة الأدباء انطلقت جماعة تطلق على نفسها"جماعة 5 سبتمبر"تشكلت عقب كارثة حريق المسرح وتضم نحو 300 مسرحي مصري وراحت توزع بياناً آخر جدد الدعوة الى إجراء محاكمة علنية" للمسؤولين عن الحادث والمطالبة بمعاملة الضحايا والمصابين كشهداء ومصابي حرب, بما يوفر ذلك لهم ولأسرهم من رعاية وتكريم كاملين فوراً". وطالبوا بپ"ترشيد الإنفاق الوزاري وتوجيه تكاليف الاحتفاليات النخبوية والمهرجانات المعزولة عن جماهيرنا إلى تقديم الخدمة الثقافية الحقيقية والآمنة في ربوع مصر". ودعوا الى توفير الأمن في مسارح الدولة والتأمين المطلوب لأماكن ترتادها أعداد كبيرة من الجماهير". وكانت التظاهرة شهدت هتافات معادية لوزير الثقافة، وقام المتظاهرون برفع صور لرموز مصر من الفنانين والكتّاب، وانهوا التظاهرة بأداء مجموعة من الأغنيات السياسية وأبرزها أغنية"مصر يا أمة يا بهية للثنائي الشهير نجم والشيخ امام وغنوا النشيد الوطني المصري. وكانت أصوات دعت الى إلغاء هذه الدورة إلا ان وزير الثقافة دافع عن إحياء المهرجان لمواجهة"من يتربصون بالمهرجان ويحاربونه ويريدون إلغاءه مشيراً إلى إصراره على إقامته وحمايته من أعداء النشاط المسرحي". وشدد على رفض ما وصفه بتسييس الفن"لأنه يؤدي إلى ضياع الفن... ولا نريد أن ينقلب الفن إلى مناحة سياسية". وتشارك 12 دولة عربية من بين 54 دولة تقدم أكثر من 70 عرضاً في الدورة الجديدة. والدول العربية المشاركة في المهرجان هي الأردن والجزائر والسودان والعراق والمغرب والسعودية واليمن وتونس وسورية وقطر وليبيا إضافة إلى مصر. ويترأس لجنة التحكيم المخرج الأميركي مارك هول أميتين وتضم العراقي يوسف العاني والمصرية فريدة النقاش. ويكرم المهرجان ممثلين ومخرجين وكتّاباً من بينهم استاذة المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق ماري إلياس والشاعر والناقد اللبناني بول شاوول والفنان المصري عبدالرحمن أبو زهرة والفنانة سهير المرشدي واسم الناقد المسرحي الراحل نبيل بدران. وينظم المهرجان كذلك ندوة دولية بعنوان"التجريب وتقاليد الكتابة المسرحية.