تردد في مصر أمس وبقوة أن فاروق حسني وزير الثقافة تقدم باستقالته الى الرئسي حسني مبارك على خلفية حادث حريق قصر ثقافة بني سويف يوم 5 ايلول سبتمبر الماضي والذي راح ضحيته 46 من رواد المسرح، بينهم ثلاثة صحافيين متخصصين في النقد المسرحي، وكانت صحف مصرية عدة طالبت باستقالة الوزير. ولم تتمكن"الحياة"من سؤال الوزير مباشرة عن صحة تقدمه بالاستقالة، كما سألت قيادات ثقافية عدة رفضت الحديث بدورها، واعتبرت الاستقالة مجرد اشاعة، إلا أن مصدراً وثيق الصلة بالوزير أكد ل"الحياة"أن حسني وضع استقالته تحت تصرف الرئيس"ليقرر ما يراه"بعدما جرى"تسييس"حادث قصر ثقافة بني سويف من جانب تيارات عدة"استغلت الحادث الأليم لمصالح شخصية". وكان حسني تحدث أول من أمس الى طلاب المعهد العالي للفنون المسرحية في مقر أكاديمية الفنون، وقال إن حادث مسرح بني سويف حالة فريدة من نوعها في تاريخ المسرح المصري، وأن"شهداء الحادث هم شهداء الحركة الثقافية كلها"، وأكد أنه"لا يعفي نفسه من المسؤولية تجاه هذا الحادث"، وأنه"مستعد للمساءلة إذا ثبت تقصيره". وأشار بعض الذين تداولوا نبأ الاستقالة الى مقال الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي أمس في صحيفة"الأهرام"تحت عنوان"ليست قضاءً وقدراً"، مؤكدين أنه أحد الدوافع وراء تقدم حسني باستقالته. إذ انتقد حجازي بشدة أحوال الثقافة المصرية حيث"العمل في قصور الثقافة وفي معظم مؤسساتنا الثقافية بطابعه المظهري العشوائي الذي يقصد به الدعاية قبل أي هدف آخر ويفتقد للتفكير والتخطيط والمتابعة، أي يفتقر للثقافة، ويصعد فيه البعض على رقاب البعض وينفردون بالمزايا ويتسترون على الاخطاء ويلجأون لرشوة النقاد و..."، وأشار حجازي الى"تراجع كمي وكيفي"في الثقافة المصرية وإلى فشلها الذريع في كل شيء. وكان حسني تقلد منصب وزير الثقافة في 16 تشرين الأول اكتوبر العام 1987 في الحكومة الثانية للدكتور عاطف صدقي وظل في منصبه مع حكومات الدكتور كمال الجنزوري والدكتور عاطف عبيد وأخيراً الدكتور أحمد نظيف. وأحدث تولي الفنان فاروق حسني حقيبة الثقافة في حكومة صدقي الثانية جدلاً واسعاً، لكنه استطاع في سنوات قليلة بناء أرضية توافق واسعة حول اسمه واسهاماته ونجح في دعم مؤسسات وزارته مادياً بشكل غير مسبوق لتتمكن من تحديث آليات عملها، وتم بناء العديد من المتاحف والمكتبات والمسارح ودور العرض السينمائي، كما أسس مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي ودعم العديد من الانشطة الثقافية الحرة. وعلى رغم أن حسني لم يبتعد عن المواقف المبدئية للحركة الثقافية المصرية في القضايا القومية وفي ملف التطبيع مع اسرائيل، إلا ان عدداً من كبار المثقفين ومنهم الأديب جمال الغيطاني رئيس تحرير جريدة"أخبار الأدب"الذي خصص غلافها الأخير لحادث بني سويف تحت عنوان"كم محرقة تكفي ليرحل هذا الوزير"؟ لم يتصالح أبداً مع حسني، وظل في حالة اشتباك منتظم معه، ودائماً ما طالبه هؤلاء بالاستقالة، في حين أن معظم التيار الثقافي وقف مع حسني واستفاد من خدماته للمؤسسات الثقافية في مصر بعامة.