ذكرت مصادر رسمية ان العاهل المغربي الملك محمد السادس اجتمع أمس الى السناتور الأميركي رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس ريتشارد لوغر الذي قام بوساطة أميركية ناجحة لاطلاق 404 من الأسرى المغاربة الذين وصلوا مساء أول من أمس الى اكادير على الساحل الاطلسي على متن طائرتين عسكريتين. ورجحت ان تكون المحادثات عرضت الى الطابع الانساني لمشكلة الصحراء والآفاق التي ترتبت عن المبادرة الأميركية لجهة دعم الحل السياسي للنزاع، اضافة الى الاوضاع الاقليمية وآفاق تحسين العلاقات بين المغرب والجزائر والترتيبات ذات البعد الاستراتيجي في الانفتاح الاميركي على منطقة شمال افريقيا، في حين كان لافتاً حضور وفد وزاري مغربي كبير في استقبال الأسرى، ضم كذلك قادة عسكريين. ورأى بيان لوزارة الخارجية المغربية ان اطلاق الأسرى"لم يكن بمبادرة بوليساريو او نتيجة تدخل من الجزائر"وانه ترجمة لجهود قام بها السناتور لوغر موفد الرئيس الاميركي جورج بوش الى المنطقة. وأضافت ان ذلك"لا يمكن ان يبرئ او يعفي المسؤولين الحقيقيين عن هذه المأساة الانسانية". وتابع البيان ان هذه الخطوة"لا يمكن ان تدفع الى نسيان اصرار الجزائر وبوليساريو على جعل اطلاق سراح الأسرى رهن تسوية سياسية لنزاع استمر في شكل مصطنع". وقال لوغر ان مهمته لناحية اطلاق الأسرى كانت"انسانية محضة من دون شروط"، ودعا المغرب والجزائر الى"استغلال الفرصة من أجل تسوية القضايا المرتبطة بنزاع الصحراء". ويمكن لهذه العملية ان تجدد طرح حل قضية الصحراء في اطار الأممالمتحدة. غير ان مسؤولاً مغربياً رفيع المستوى أكد ل"الحياة"ان فصل المشكلة الانسانية للأسرى والرعايا المتحدرين من أصول صحراوية المقيمين في مخيمات تيندوف عن الطابع السياسي يُعتبر مدخلاً لمعاودة بناء الثقة، وقال"ان الحل السياسي في اطار السيادة المغربية يبقى المخرج اللائق لتجاوز المأزق الحالي"، معبراً عن أمله في ان تسفر جهود الامين العام كوفي انان والوسيط الهولندي الجديد بيتر فان فالسوم في احراز تقدم، خصوصاً ان اطلاق الأسرى يسبق بأسابيع نهاية ولاية"المنيورسو". وجاء في بيان للخارجية الاميركية صدر أول من أمس ان ادارة الرئيس جورج بوش تأمل ان تغتنم الاطراف"هذا الحدث الايجابي"مناسبة بالنسبة الى المغرب والجزائر لاستئناف الحوار بهدف تحسين علاقاتهما وايجاد مناخ اقليمي يسمح بايجاد حل للخلاف المتعلق بالصحراء. واضاف ان اميركا تشيد بالنجاح الذي حققته مهمة لوغر واطلاق الأسرى المغاربة طبقاً لقرارات مجلس الأمن. وربط مراقبون بين تفعيل الوساطة الاميركية في قضية الأسرى وحدوث المزيد من الاهتمام بمنطقة شمال افريقيا، إن لجهة التنسيق في الحرب على الارهاب نتيجة تزايد المخاوف من استخدام المنطقة الواقعة جنوب الصحراء لاقامة قواعد ارهابية، أو لجهة تفعيل مبادرة الشرق الاوسط الكبير. اذ لفتت المصادر الى كون زيارة السناتور الاميركي تشمل ليبيا، علماً ان العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي كان اجرى أكثر من اتصال هاتفي مع الرئيس جورج بوش في الآونة الأخيرة، أكد التزامه دعم التسوية السلمية في الشرق الاوسط من موقعه رئيساً للجنة القدس، وبعث برسالة تهنئة فريدة الى رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون. ومن جهة قال جون بولتون، المندوب الاميركي في الأممالمتحدة، ان احتجاز اولئك الاسرى"كان عائقاً أمام تحسين العلاقات بين المغرب والجزائر"، ما يعني برأي اكثر من مراقب ان زيارة لوغر الى الجزائر قد تكون عرضت للظروف المواتية لمعاودة الحوار بين المغرب والجزائر، خصوصاً ان مظاهر تعاون أمني لاحت في الافق من خلال تسليم السلطات الجزائرية نشطاء متطرفين مغاربة الى بلادهم، إذ يخضعون لتحقيقات أمنية وقضائية حول تورطهم المحتمل في التخطيط لهجمات بتنسيق مع جماعة جزائرية.