محمد الفاتح في السلطنة 1 قرر الفاتح تأمين حدود بلاده الغربية، فقاد الحملة الثالثة المعروفة بحملة مرفأ إنز الجنوي عند مصب نهر مريج في كانون الثاني سنة 1453م، ثم قاد الحملة الهمايونية الرابعة ضد صربيا سنة 1454م، ثم قاد الحملة الخامسة ضد صربيا أيضاً سنة 1455م، وأخضع إمارة مولدافيا"البغدان"ثم قاد الحملة السادسة ضد صربيا سنة 1456م، فتمكن من اجتياحها ومعه 150 ألف مجاهد، و300 مدفع، و200 قطعة بحرية نهرية. ثم قاد الحملة السابعة المعروفة بحملة المورة سنة 1458م، ففتح أثينا، وفتح 292 قلعة من قلاع القرون الوسطى اليونانية البيزنطية، وبقيت في أيدي البيزنطيين ثماني قلاع، ثم قاد الحملة الثامنة ضد صربيا، وأخضعها نهائياً في 8/11/ 1459م، ثم قاد الحملة التاسعة سنة 1460م، فأخضع ما تبقى من بلاد المورة اليونانية، وبذلك أصبح البلقان الكبير خاضعاً للسلطنة العالمية العثمانية. 2 التوسع العثماني في آسيا بعد فتوحات البلقان الكبير، توجهت حملات الفاتح نحو جنوب البحر الأسود، ففي الحملة العاشرة فتح ميناء وقلعة أماسرة في بداية سنة 1461م، وفي الحملة الحادية عشرة ضم إمارة جندرلي في ربيع سنة 1461م. ثم قاد الحملة الثانية عشرة وفتح إمارة طرابزون البيزنطية في صيف سنة 1461م، واستسلم الامبراطور دافيد كومين مُنهياً بذلك إمبراطوريتهم التي استمرت 257 سنة، وفتح العثمانيون للمرة الأولى في تاريخ الإسلام مدن وقلاع طرابزون وريزة وآرتوين، وسيطروا على الساحل الجنوبي للبحر الأسود في شكل كامل. 3 فتوحات البلقان قاد الفاتح الحملة الثالثة عشرة ففتح رومانيا"الأفلاق"سنة 1462م، وفي السنة نفسها قاد الحملة الرابعة عشرة، وفتح البوسنة في شكل تام، ثم قاد الحملة الخامسة عشرة في البحر ضد اللاتين، وهي أول حملة بحرية يقودها سلطان عثماني شخصياً، وشيد قلعتين متقابلتين على طرفي مضيق الدردنيل"جنق قلعة". وفي سنة 1463م قاد الحملة السادسة عشرة، وقصد البوسنة ثانية، ولكنه وصل إلى صوفيا عاصمة بلغاريا ثم عاد إلى أدرنة، وضاعف التجهيزات، وقاد الحملة السابعة عشرة، وتوجه إلى البوسنة سنة 1464م، ففتحها واعتنق أهلها الاسلام، ثم فتح ما جاورها من كرواتيا، وحاول ملك المجر استرداد البوسنة في ثلاث محاولات فاشلة سنة 1465، وسنة 1471م، وسنة 1479م. وقاد الفاتح الحملة الثامنة عشرة سنة 1466م، فألغى إمارة قره مان في قونيا، وولى عليها ابنه الأمير مصطفى، ثم قاد الحملة التاسعة عشرة ضد المرتد إسكندر بك الأرناؤوطي سنة 1466م، وهرب إسكندر بك نحو الجبال، وبنى الفاتح قلعة الباسان، ثم قاد الحملة العشرين ضد الأرناؤوط سنة 1467م، وبعد ذلك مات إسكندر بك سنة 1468م، وانتهى عصيان الأرناؤوط. 4 الفاتح في مواجهة الحلفاء ترأس البابا بيوس الثاني اجتماع التحالف الذي عقد في مدينة ريجنس بورغ في نيسان/ إبريل سنة 1454م، وعاهدته على حرب العثمانيين ثلاثون دولة في أوروبا وآسيا، ففي آسيا تحالفت دولة"كرجستان"جورجيا، ودولة الخرفان البيض"آق قويونلو"التركمانية المخالفة للعثمانيين، والمسيطرة على إيران بزعامة حسن الطويل"أوزون حسن"ولكن الفاتح لم يهتز لذلك التحالف بل صمم على المواجهة، وعدم الخضوع للابتزاز. كان السلاجقة والعثمانيون قدموا أربعة ملايين شهيد حتى ذلك اليوم، للمحافظة على بيضة الإسلام. وبدأت الحرب الكبرى في 3 نيسان سنة 1463م، فهجم الفرنجة من الغرب مع بقية الأوربيين والبابوية، فتصدى للهجوم الأوروبي الصدر الأعظم محمود باشا، ومات البابا في طريقه إلى الحرب سنة 1464م، وخاض السلطان معارك عدة ضد البندقية، فأعدّت البندقية 14 مؤامرة لاغتيال السلطان حتى تموز سنة 1479م، ولم تنجح. وقاد الفتح الحملة الحادية والعشرين في صيف سنة 1470م، واجتاح قلاع ومواقع البندقية في بحر إيجه، وفتح جزيرة آغريبوز في بحر إيجه، وحرر الصدر الأعظم كديك أحمد باشا سواحل البحر الأبيض المتوسط. 5 التحالف الإيراني - الأوروبي برزت دولة غَنَّامَةِ الْخِرْفان البيض التركمانية المعروفة باللغة التركية: آغ قويونلو، أو آق قويونلو، أي: الخرفان البيض، وكان أول حكامهم قره إيلك عثمان 1389-1435 م الذي تحالف ضد الخرفان السود والعثمانيين مع الخبيث تيمورلنك، فعيَّنَه حاكماً على ديار بكر وما حولها بعدما انتصر على العثمانيين سنة 1402م، ثم بدأت حروب الخرفان البيض بالتعاون مع البيزنطيين ضد حكام أسرة غَنَّامَةِ الْخِرْفان السود - القره قويونلو، فقضوا عليها، واستولوا على مناطقها، وسيطر غَنَّامَةِ الْخِرْفان البيض على شرق الأناضول، وأذربيجان، وفارس، والعراق، وأفغانستان وتركستان، واتخذوا من تبريز الايرانية عاصمة لها، وبلغوا أوج قوتهم في عهد حسن قوصون أوزون 1453-1478 م الذي هزم التيموريين، وقتل ملكهم"أبو سعيد"سنة 1459م، ثم قتل جهان شاه حاكم الخرفان السود"قره قويونلو"سنة 1467م، واستولى على عاصمته بغداد وتوابعها في كرمان وأصفهان، وفارس وهراة"هرات"وشنَّ حسن أوزون حملات على جورجيا، فاستولى على قلعة حسن كييف سنة 1462م. ثم خرتبرت خربوط سنة 1465 م، ثم تحالف مع الروم البيزنطيين والكاثوليك الأوروبيين ضد العثمانيين منذ سنة 1471 م، واتخذ من كرمان قاعدة عسكرية ليواجه العثمانيين من الشرق بالتعاون مع القوات المسيحية التي تهاجم من الغرب والشمال والجنوب، ومع ذلك هزم حسن أوزون أمام السلطان محمد الفاتح سنة 1473 م. 6 الفاتح على الجبهة الآسيوية تعاهدت ثلاثون دولة أوروبية وآسيوية ضد العثمانيين في الثاني من شباط/ فبراير سنة 1468م، وحاولت قوات التحالف ضم مملكة المماليك المصرية السورية إليهم، ولكن دولة المماليك رفضت ذلك لاشتراكهم مع العثمانيين بالدين والمذهب، عبأت دول التحالف قواها العسكرية، وخاضت ضد العثمانيين معارك فاشلة، ثم تعاهدت على خوض المعركة العمومية الكبرى بحراً وبراً، وبدأت المعارك البحرية ضد العثمانيين في سواحل البحر الأبيض المتوسط انطلاقاً من قبرص، وتحرك أوزون حسن الآق قوينلو بجيش يتجاوز عدده الثلاثمئة ألف خيّال، وغادر خربوط قاصداً أرزنجان. وترك السلطان الفاتح قوة كافية لحماية إسلامبول، وترك ابنه الأصغر جَمّ سلطان نائباً عنه أثناء غيابه، وتحرك السلطان الفاتح من إسلامبول في 11/4/ 1473م، ومعه مئة وتسعون ألف مجاهد يتوزعون في خمسة فيالق. وكان السلطان الفاتح يقود فيلق المقدمة، ويقود فيلق الميمنة ابنه الأمير أبا يزيد الثاني، ويقود الفيلق الأيسر ابنه الأمير مصطفى، وترك في المؤخرة فيلقين للالتفاف على العدو، ووصل إلى سيواس، وقصد عدوه المتآمر، فوصل إلى الجنوب من غومش خانة التركية الشرقية في 11/8/ 1473م، وحصلت المعركة التصادمية في سُهُوب بلدة أوطلوق بلي الواقعة شمال شرقي مركز محافظة أرزنجان التركية. وتحركت في البلقان قوات الحلفاء التابعة لملك المجر متياس، وإمبراطور ألمانيا فريدرك الثالث، وملك البندقية وتوابعه، وقرر الحلفاء تكرار هزيمة القوات العثمانية مثلما حصل قبل ذلك بإحدى وسبعين سنة في موقعة أنقرة بين السلطان العثماني أبا يزيد الأول، والمرتد تيمورلنك. ودارت الحرب بين سلطان المسلمين محمد الفاتح وأعدائه الأوروبيين وعملائهم المرتدين الآسيويين، فهجمت أساطيل البندقية وغيرها على المواقع البحرية العثمانية، ولكنها صُدّت، ولم تحقق انتصاراً يُذكر، وفشلت القوات البرية في البلقان بقيادة الإمبراطور الألماني فريديرك، وملك المجر متياس، وتراجعت أمام هجمات فرسان الرومللي العثمانيين. وبدأت المعركة البرية الكبرى بين قوات السلطان محمد الفاتح البالغ سنّ الحادية والأربعين، وقوات حسن الطويل التركماني البالغ سنّ الخمسين، وانطلقت قذائف المدفعية العثمانية، وبدأ حصاد فرسان العدوّ، وأوعز الفاتح لفيلقي الاحتياط بالالتفاف على العدو، فشكّلا فكي كماشة، ومنعا عساكر العدو من الفرار، وقَتَلَ الأمير العثماني مصطفى بن الفاتح قائدَ الجناح المعادي زينل ميرزا بن حسن الطويل، وأسر ثلاثة أمراء تيموريين، وهجم الأمير العثماني أبا يزيد الثاني على سرادق حسن الطويل، فهرب حسن الطويل، من ميدان المعركة، وقال لحليفه القره ماني أحمد بك:"يا قره مان أوغلو خرّب الله بيت سلالتك، سَبَّبْتَ خزيي وعاري، ما لي وبني عثمان؟". وأمر الفاتح بعدم ملاحقة الفارين، ومكث في الميدان ثلاثة أيام يتفقد الجرحى والشهداء، وينظم أمور الأسرى، وطلب حسن الطويل الصلح، فأجابه الفاتح، ووقعا معاهدة صلح تضمنت اعتراف حسن الطويل بامتلاك العثمانيين لمملكتي طرابزون وقره مان، وأصبح حليفاً للعثمانيين في آسيا هو وأولاده من بعده. 7 الفاتح على الجبهة الأوروبية خابت آمال التحالف الرومي البيزنطي - الكاثوليكي في أوروبا وآسيا بعد فشل عميلهم حسن الطويل"أوزون حسن"ومع ذلك قرروا الاستمرار بالتصدي للسلطنة العثمانية، واستمرت المواجهات العسكرية من سنة 1473م حتى سنة 1479م، وخلال تلك الفترة قاد قائد فرسان الصاعقة في رومللي المجاهد علاء الدين باشا ثلاثمئة وثلاثين معركة، عبر خلالها نهر الطونة"الدانوب"وأسر مهتاب خانم ابنة ملك المجر متياس وتزوجها، وفتح علي باشا فارادين المجرية سنة 1473م، ثم أخضع مملكة بودوليا سنة 1474م. وقاد السلطان محمد الفاتح الحملة الهمايونية الثالثة والعشرين في ربيع وصيف سنة 1476م، ففتح بلاد"البغدان"مولدوفيا. ثم قاد السلطان الفاتح الحملة الهمايونية الرابعة والعشرين في أواخر سنة 1476م، وحاصر قلعة سمندرة، وتراجع عنها لسوء الأحوال الجوية. وتمكن الباشوات علي باشا، ومالقوج، وغازي اسكندر، وطرخان باشا من أن يفتحوا زغرب عاصمة كرواتيا سنة 1476م. وقاد السلطان محمد الفاتح الحملة الهمايونية الخامسة والعشرين سنة 1478م، وتوجه إلى بلاد الأرناؤوط في ألبانيا لتحريرها من البنادقة ففتح قلعة عاصمتهم أشقودرة في 26 كانون الثاني سنة 1979م، وفتحت القوات العثمانية البندقية سنة 1478م، وفي سنة 1479م دخل داود باشا بلاد النمسا، وخضعت البندقية لتوقيع معاهدة سلام مع السلطان الفاتح في 25 كانون الثاني سنة 1479م. وأرسل الفاتح حملة فتحت المجر سنة 1480م بقيادة الوزير علاء الدين باشا، ومعه 12 سنجقاً من فرسان المغاوير، وتوغلت الحملة العثمانية في أراضي النمسا حتى وصلت إلىغراز.