على رغم نفي رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الاحمد مرات ان يكون في نيته اجراء تعديل وزاري، فان الاستجواب البرلماني الذي قدمه النائب الدكتور ضيف الله بورمية ضد وزير الصحة الدكتور محمد الجار الله اول من امس، قد يخلق ظروفاً يصبح التعديل الوزاري فيها حتمياً. ويتهم بورمية الوزير بالاهمال الجسيم وبتجاوزات مالية وادارية في وزارته، والتساهل ازاء"اخطاء طبية قاتلة". وقال الشيخ الصباح لدى عودته من قمة الجزائر ليل الاربعاء لصحافيين سألوه عن الاشاعات المتعلقة بتغيير في الحكومة:"للمرة العاشرة اقول لكم ليس هناك تعديل". لكن الحاح الصحافة الكويتية في مسألة التعديل جاء بعد تداعيات كثيرة جعلته مرتقباً، علماً ان الشيخ اصباح قد يفضل ان يأتي التعديل في الموعد الذي يختاره هو، بعيداً عن ضغوط الصحف وتدخلاتها. وقدم عضو مجلس الامة البرلمان بورمية الاربعاء الماضي استجوابه ضد الجار الله، والذي كان يلوح به منذ شهور. وجاءت حادثتان لتشجعا على ذلك: الاولى عندما كسب احد الاطباء حكماً قضائياً بحق وكيل وزارة الصحة عبدالرحيم الزيدي، ما مهد لقرار حكومي بعزل الاخير، والثانية ما فعله مغتصب مجهول في مستشفى الفروانية، حيث اعتدى على مريضة حامل في الشهر الثامن، قبل نحو اسبوع، وفر ثم حاول الامر ذاته ليل الاثنين الماضي، مع طبيبة كانت تبيت في المستشفى. واثارت هذه الحوادث غضب الجمهور الكويتي الذي يشكو اساساً من تراجع الخدمات الطبية، على رغم الانفاق الحكومي الكبير على هذا القطاع. وقال بورمية وهو طبيب ومدير سابق لمستشفى الولادة، في مقدمة كتاب الاستجواب انه"يعلم ما لا يعلمه بقية نواب المجلس، كونه متخصصا في الطب ولا تنطلي عليه الاعذار". وسيسائل الوزير حول ستة مواضيع هي"الاهمال الاداري والاعتداءات الجنسية في الفروانية"و"اخلال الوزير بمبدأ احترام القانون"و"تردي الاوضاع الصحية وانتشار السرطان وامراض خطيرة اخرى، وعدم تحمل الوزارة مسؤولية وقاية المواطنين، وكذلك النقص في الأدوية وسيارات الاسعاف"و"التهاون في اخطاء طبية قاتلة"و"مساهمة وزارة الصحة في انتشار الادمان على المخدرات"و"التعدي على المال العام، والتسبب في ضياعة وحماية سراقه، وعدم الاهتمام بتحصيله واسترداده". وقال الجار الله ان الاستجواب حق دستوري للنائب، وانه مستعد للرد على اتهامات بورمية وتفنيدها. واشار الى تمتعه بتضامن الحكومة معه، وباشر اجراءات لطمأنة الجمهور تجاه اعتداءات الفروانية، فاجتمع اول من امس بالطبيبات والممرضات العاملات فيه اللواتي كن اعتصمن احتجاجاً على تردي الامن وعدم ضبط المغتصب المجهول. وقال ان نقاطاً امنية ستقام في المستشفيات لمنع تكرار ما حدث. وسيعرض طلب الاستجواب على البرلمان في غضون اسبوعين، لكن من حق الوزير التأجيل لاسبوعين تاليين. وربما يحصد الوزير الذي يستجوب للمرة الثانية ثمار سنوات طويلة من تراجع الخدمات الصحية في الكويت، كما سيلام على الانتقادات الكثيرة التي وجهت الى وكيل الوزارة عبدالرحيم الزيد وانتهت بأحكام قضائية ضده. والامر الآخر ان نواب المناطق الخارجية من ابناء القبائل قد يناصرون زميلهم بورمية، بسبب ما يقولون انه اهتمام محدود من وزير الصحة بمناطقهم، وكذلك لرفض عدد من طلبات العلاج في الخارج، وهو الملف الاكثر سخونة في علاقة النواب بوزير الصحة. وربما لا يكون الشيخ صباح راغباً في تعديل وزاري قريباً، لكن الاحداث تدفعه الى ذلك، فلديه حقيبة الاعلام من غير وزير، ووزير المال محمود النوري يطلب منذ سنة اعفاءه لأسباب صحية، وهناك استجوابات محتملة لوزراء آخرين. وقد يكون التعديل الوزاري مطلوباً ايضاً لتخفيف الانتقادات المستمرة الموجهة الى حكومة الشيخ صباح التي اكملت عامين من عمرها.