لم تعر عجلة الانتاج الدرامي السوري بالاً لكل ما قيل ويقال عن أزمتها، التي عدها البعض خانقة، كحال طقسها الذي صار مشحوناً بالتنافس، ووصل في بعض الأحيان إلى المهاترات الإعلامية، والإعلانية المجانية، بين الشركات الإنتاجية، وبعض الكتاب أصحاب الشأن. كل يسحب البساط إلى جانبه. ومع ذلك لم تزل الأعمال التلفزيونية تزداد زخماً وعدداً، لتتعمق في تناول الواقع، وقضايا الساعة وتبعاتها أعمال شاركت في إنتاجها شركات محلية وعربية، إضافة إلى التلفزيون السوري. خمسة وعشرون مسلسلاً درامياً هذا العام، بعضها ما زال قيد التصوير، والبعض الآخر صور وأنجز على رغم المشكلات التي اكتنفت بعضها، مثل مسلسل"بالشام أهلي"الذي وصل النزاع حوله الى القضاء. بل إن بعض الشركات أنتج أكثر من عمل بين كوميدي ومعاصر وتاريخي. هموم الواقع "شركة سورية الدولية"، أنجزت أربعة أعمال تلفزيونية منها"عصي الدمع"للمخرج حاتم علي وتأليف دلع الرحبي، وهو مسلسل اجتماعي معاصر يرصد المتغيرات في تركيبة الأسرة السورية، وعلاقاتها الإنسانية المتنوعة، ويركز العمل على وضع المرأة في المجتمع السوري، والقضاء والتعليم في ظل التحديات التي تواجهها سورية، وهو من بطولة الفنان: جمال سليمان، سلاف فواخرجي، جهاد عبدو، ديمة قندلفت. والعملان الآخران كوميديان، أحدهما"بقعة ضوء"وهذه المرة بكاميرا المخرج هشام شربتجي، ومن تأليف عدد من الكتاب الشباب، ويتحدث بأسلوب ساخر، عن القضايا الإنسانية المعاصرة، التي يعانيها الفرد في المجتمعات العربية بعامة، والسورية بخاصة، في صور ومفارقات حياتية متنوعة. والعمل الكوميدي الآخر بعنوان"كل شي ماشي" تأليف فادي غازي، واخراج سالم الكردي، ويعد الجزء الثاني من مسلسل"ما في شي"ويتألف من ستمئة لوحة، مقسمة على ثلاثين حلقة تلفزيونية، وتعتمد كل حلقة على نكتة واقعية لتلقي الضوء على هموم الواقع العربي الراهن. أما العمل التاريخي"ملوك الطوائف"، فقد باشر المخرج حاتم علي في تنفيذه بعد أن كان مؤجلاً، ويأتي استكمالاً لمشروعه - المرحلة الأندلسية - مع الكاتب وليد سيف ويعالج درامياً التاريخ الأندلسي، منذ مرحلة التأسيس، حتى بناء دولة المرابطين في المغرب، وانتهاءً بمرحلة الانهيار. أما"شركة ايبلا"فلها عمل تلفزيوني واحد بعنوان"الظاهر بيبرس"تأليف غسان زكريا واخراج محمد عزيزية، ويروي العمل سيرة المملوك بيبرس البندقداري الذي أسر وبيع في أسواق دمشق، ورده شاريه إلى البائع، لينتقل بعد ذلك إلى أسواق حماة، ويحمل لقب سيد بيرقداري، ويدخله الملك الصالح ضمن كتيبة المماليك البحرية، التي حكمت ما يقارب مئة وأربع وأربعين سنة. ويؤدي الأدوار الرئيسة"عابد فهد الظاهر بيبرس، وسوزان نجم الدين شجرة الدر، وغسان مسعود الملك الصالح. أما مسلسل"بالشام أهلي"- نزار قباني - إنتاج شركة الشرق من إخراج باسل الخطيب وحوار قمر الزمان علوش، وتأليف يولا بهنسي، فلا يزال الخلاف حوله مستمراً، بين الشركة المنتجة وأبناء الشاعر نزار قباني. ومع ذلك صور وسيبث في محطتين عربيتين. وهو يروي السيرة الشخصية للشاعر، والديبلوماسي نزار قباني ومسيرته الشعرية، ويستعرض أبرز المحطات السياسية في حياته. في حين أن"شركة الشام الدولية"، اكتفت بإنتاج عملين كوميديين، وكلاهما بطولة الفنان أيمن زيدان، الذي تشاركه الفنانة سوزان نجم الدين في مسلسل"زوج الست"ويرصد حياة زوجين يعملان في إحدى المؤسسات، ويعالج مشكلة موظف يعمل في دائرة تتولى زوجته ادارتها، ما ينعكس على علاقتهما في البيت وخارجه. والعمل الثاني عنوانه"أنا وأربع بنات"إخراج رضوان شاهين، ويتحدث عن حياة أب توفيت زوجته وتابع حياته مع بناته الأربع وسط جملة من المشكلات والمفارقات، وتطمح بناته إلى مستقبل أفضل ويبحثن عن حلول لمواجهة اغراءات الحياة، بينما يحاول الأب التكيف مع القيم والمعايير الاجتماعية الجديدة. أما"شركة عرب"فأنتجت عملاً واحداً بعنوان"الغدر"وهو من إخراج بسام سعد، وتأليف عبدالمجيد حيدر وبطولة رشيد عساف وفرح بسيسو. ويحكي قصة امرأة قتل زوجها، وتتهم بقتله، وبعد خروجها من السجن تبدأ رحلتها في البحث عن ابنتها وابنها، لكن يبقى الشر يبحث لنفسه عن مغريات يشتري من خلالها ضمائر الناس. "بين السما والأرض"عنوان العمل الكوميدي الوحيد الذي أنتجته شركة"عالم واحد"، وهو من إخراج مأمون البني وتأليف حكم البابا، وينتمي إلى الكوميديا السوداء المركبة حول موضوعات متعددة، ومحوره مريض يكتشف أنه مصاب بالسرطان فيحاول القيام بأشياء كثيرة دونكشوتية في المجتمع، ليحقق ما لم يحققه من قبل. ويرصد العمل الجوانب السلبية في المجتمع. يشارك في تمثيل لوحاته عدد كبير من النجوم، منهم دريد لحام وخالد تاجا وباسم ياخور... بحث عن القاتل شركة"نور آرت"وهي شركة جديدة في سورية، أنتجت مسلسل"سراج الليل"تأليف أحمد حامد، وإخراج عدنان إبراهيم، ويتحدث عن امرأة فلاحة يقتل زوجها في ظروف غامضة، فتسعى إلى البحث عن القاتل، وخلال بحثها تتهم بقتل صاحب الأرض، وحرق محاصيله، فتحكم بالإعدام. يجسد الشخصيات الرئيسة هنا: نورمان أسعد، عباس النوري، وائل رمضان. وأنتجت"شركة لين"عملين هما"أشواك ناعمة"تأليف ريتا بيطار، وإخراج رشا شربتجي، اجتماعي، يتحدث عن بنات في سن المراهقة، ويرصد الأنماط البيئية والتربوية المختلفة، التي تؤثر في تنشئتهن، ويجسد الأدوار الرئيسة عدد من الفنانات السوريات منهن: سلافه معمار وروعه السعدي وسلمى المصري... والثاني"عصفور طيار - بكرا أحلى"تأليف عمر أوسو، وإخراج محمد الشيخ نجيب، دراما اجتماعية كوميدية، تدور أحداثه ضمن أسرة فقيرة، أثقلت كاهلها الديون والهموم، وتحاول هذه العائلة المؤلفة من خمسة أفراد تحدي هذه الظروف، بحثاً عن الثراء، إلا أن الحياة تقسو على العائلة ولا يبقى لها سوى الذكريات الجميلة. و"شركة ماسة"أيضاً أنتجت عملاً كوميدياً بعنوان"خمسة وخميسة"تأليف أندريه اسكاف، ومظهر جروش، وإخراج رشا شربتجي، وهو مسلسل اجتماعي كوميدي تدور أحداثه في مكان واحد، عبارة عن شقة استأجرها طلاب جامعيون حيث في كل حلقة يطرح موضوع مختلف، ويناقش مجموعة من القضايا الاجتماعية، والاقتصادية. والفكرة كما هو ملاحظ مستوحاة من مسلسل"فريندز". انتاجات التلفزيون السوري أنتج التلفزيون السوري عدداً من الأعمال، قد لا يتسع شهر رمضان لبثها كلها، لذا سيختار بعضها كما حدث العام المنصرم، ومنها:"المحطة 30"إخراج هند ميداني، وتأليف جيهان الجندي، وتدور أحداثه في مدينة دمشق، حيث يتابع مصائر خمس فتيات تجمع بينهن صداقة متينة، ويرصد أحلامهن وحياتهن العاطفية، والصعوبات التي تواجههن وتقف عائقاً أمامهن بسبب الظروف الاجتماعية، التي يعشن فيها. و"حاجز الصمت"إخراج يوسف رزق، وتأليف هاني السعدي، محوره كسر حاجز الخوف لدى المصابين بمرض الإيدز، و"رجال ونساء"إخراج فهد ميري، وتأليف حسن سامي يوسف ونجيب نصير، وهو إنتاج مشترك بين"الهيئة العامة للتلفزيون"و"شركة الشرق"، ويروي حكاية أناس عاديين يواجهون في تحركاتهم وأمكنتهم، خصام مجتمعهم المحكوم بالضباب، متأرجحين بين الواقع والمأمول، بين الماضي والحاضر، الحداثة والتقاليد، الفوضى والقانون... وهناك"المغامر"تأليف سلام اليماني وإخراج أسامة شقير، عمل موجه الى اليافعين، تدور أحداثه في العصر العباسي، وتقوم فكرته على كيفية تمكين اليافع من الاستفادة من بطل العمل من التجارب التي يمر بها. أما العمل الكوميدي الوحيد فعنوانه"حكايا الليل والنهار"وهو إعادة صياغة لأفكار الكاتب محمد الماغوط، في قالب درامي عن سيناريو وحوار عماد ياسين وكوليت بهنا. ويتناول موضوعات اجتماعية معاصرة ويعالج فيها قضايا الإنسان العربي وهمومه بأسلوب ساخر ولاذع. ولكل حلقة من حلقاته حكاية مستقلة. وأخيراً هناك مسلسل"قرن الماعز"إخراج طلال محمود، وتأليف غسان الجباعي، وتدور أحداثه في الأربعينات، ليكشف حال الاستعباد والظلم والقهر الاجتماعي، لا سيما أنها مستمرة حتى وقتنا الراهن وإن أخذت أشكالاً متعددة. ويفضح الأساليب والقيم البالية، التي كانت سائدة، وفيه عودة إلى الماضي القريب باستخدام طلاب جامعة قسم علم اجتماع ليحققوا بحثاً دخلوا من خلاله إلى ذاكرة امرأة سبعينية تكشف حال المجتمع وظروفه الصعبة.