تلقى لبنان دعماً نادراً ما تتلقاه الدول اذ عُقد اجتماع وزاري أمس الاثنين في مقر الأممالمتحدة تعهدت فيه الأسرة الدولية دعم حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة واصلاحاتها وعقد مؤتمر دولي معني بلبنان قبل نهاية السنة. وطالب البيان الختامي"الدول الاقليمية باحترام سيادة لبنان واستقلاله كاملاً واحترام كون الحكومة اللبنانية وحدها صاحبة السيادة في كل الأراضي اللبنانية". كما أكد"تصميم"الأسرة الدولية على"ضمان انهاء تدخل العناصر الخارجية في الشؤون الداخلية للبنان"، داعياً"جميع الأطراف داخل لبنان الى الزام انفسهم بإصلاح سياسي سلمي وباستقرار اقليمي طبقاً لقرار مجلس الأمن 1559". وضم الاجتماع كلاً من وزراء خارجية الولاياتالمتحدة كوندوليزا رايس وبريطانيا جاك سترو وفرنسا فيليب دوست بلازي والروسي سيرغي لافروف وايطاليا جان فرانكو فيني، والسعودية الأمير سعود الفيصل، ومصر أحمد أبو الغيط، والامين العام للأمم المتحدة كوفي انان، ورئيس البنك الدولي بول ولفوفيتز، ومندوب الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الى جانب رئيس وزراء لبنان فؤاد السنيورة. وتبع الاجتماع المغلق مؤتمر صحافي لوحظ فيه غياب وزير خارجية روسيا عنه واعتذار كوفي انان نيابة عن لافروف لغيابه. وتعمد الوزراء في بيانهم"الترحيب"بالفاعلية التي ميزت ردود فعل الجهاز القضائي اللبناني والسلطات الأمنية رداً على مطالب"اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق"في اغتيال الرئيس رفيق الحريري التي يترأسها ديتليف ميليس. كما عبر البيان عن"الدعم القوي"لجهود لجنة التحقيق الهادفة الى"كشف الحقيقة الكاملة للاغتيال الارهابي"للحريري وضرورة"وضع مقترفي هذه الجريمة أمام العدالة". وقال وزير الخارجية السعودي ل"الحياة"في طريقه الى المؤتمر ان"التحقيق، على حسب ما خطط له لبنان، سائر بطريقة ان شاء الله ستؤدي الى معاقبة المجرمين الآن". وسألت"الحياة":"بغض النظر عن هويتهم؟"فرد قائلاً:"المجرم مجرم". أما في ما يتعلق بالمحاكمات وهل تكون داخل لبنان أم خارجه، قال سعود الفيصل:"هذا يتوقف على لبنان". وأكد ان"من الطبيعي ان ان تشارك المملكة العربية السعودية في أي شيء من أجل مؤازرة لبنان ومساندته". وأثناء المؤتمر الصحافي، قال سعود الفيصل ان"اليد الأثمة"التي اغتالت الحريري"كانت تقصد ابقاء لبنان على ما كان عليه من عدم استقرار... لكن النتيجة كانت العكس: قيام لبنان جدي ولبنان قوي ولبنان مستقر ومزدهر". وقال الرئيس السنيورة في حديث الى"الحياة"نصه صفحة 5 ان"المرجعية الدولية بالنسبة الى التحقيقات لا بديل منها اطلاقاً". وتابع:"لسنا على استعداد اطلاقاً للبحث في فكرة مرجعية عربية بديلة للمرجعية الدولية في التحقيق"، مؤكداً انه"لم يطرح علينا هذا الشيء". وفي ما يخص مطالبة الأسرة الدولية للحكومة اللبنانية استكمال تنفيذ القرار 1559 بكل جوانبه، قال السنيورة:"نحن نبين للاسرة الدولية اننا جادون في هذا الأمر"وان الحوار مع"حزب الله""بدأ بشكل غير رسمي"بهدف تبادل الآراء"توصلاً الى ايجاد آلية حقيقية"للتوصل الى"القناعات المشتركة". وعرض السنيورة داخل الاجتماع الاصلاحات التي بدأت حكومته بها كما الاجراءات في اكثر من ميدان. وأثناء المؤتمر الصحافي، سألت"الحياة"كوندوليزا رايس: نظراً الى ما نقله الرئيس العراقي عن الرئيس الاميركي بأنه لا يسعى وراء تغيير النظام السوري هل هناك استعداد اميركي لصفقة مع سورية، قالت رايس:"نحن مهتمون بالأمور الآتية: بداية التعاون مع تحقيق ميليس وان تظهر الحقيقة. وثانياً، ان تبقى سورية ملتزمة نص القرار 1559 وروحه، وان تسحب بالإضافة الى قواتها كل المخابرات المتبقية، فيجب ان يكون لبنان حراً ومن دون التدخل فيه. هذه قضية سيادة وطنية بالنسبة للبنان. ويجب على سورية احترام السيادة الوطنية اللبنانية. وثالثاً، من الواضح أنه يجب على سورية أن تنتقل الى الجانب الصحيح للأحداث التي تحصل في الشرق الأوسط. وهذا يعني اغلاق الفجوات التي يستخدمها المتمردون لاستخدام الأراضي السورية والدخول الى العراق وقتل الأبرياء العراقيين. وهذا يعني ايضاً وقف دعم الفلسطينيين الرافضين الذين يشكلون أكبر تهديد للتقدم في التقارب الفلسطيني - الاسرائيلي. ويجب عليها سورية التأكد من عدم حصول تدخل في شؤون لبنان. فهذه مسألة لبنانية الآن. لبنان الآن في موقع أصبحت فيه السياسة بين اللبنانيين. هذا ما يجب أن يكون عليه الأمر. هذه هي الأمور التي نقولها لسورية، وهذا هو الموضوع". وفي ما يتعلق بنزع سلاح"حزب الله"، ورداً على سؤال آخر، قالت رايس ان الحكومة اللبنانية"تريد بداية جديدة تأخذ القرار 1559 أساساً لها وهو يتيح للبنان هذه البداية الجديدة". وأضافت ان"السياق السياسي في لبنان مختلف الآن ويجب ان يكون ذلك ضمن ترتيب سياسي وحوار سياسي بين اللبنانيين. نحن مستعدون لرؤية ذلك يتحقق". وزادت ان"لا مجال للديموقراطية خصوصاً اذا كان هناك داخل الحكومة من يريد ابقاء خيار العنف متاحاً. فيجب ان تكون هناك سلطة واحدة وقوى أمن لبنانية واحدة تحت تلك السلطة. وأنا واثقة بأن ذلك مفهوم جيداً على الصعيد الدولي وفي لبنان، لكننا في بداية العملية وسندعم الحكومة اللبنانية في تقدمها". وسئل وزير خارجية فرنسا هل تلقت حكومته رسالة من الرئيس السوري بشار الاسد بوجود رئيس المخابرات السورية آصف شوكت في باريس، فتجنب نفي أو تأكيد وجود شوكت في باريس مركزاً بدلاً من ذلك على"دعمنا للسيادة واحترام الدولة اللبنانية واستقلالها وعدم التدخل العسكري أو المخابراتي فيها". وتابع انه في ما يتعلق بتحقيق ميليس فهو"تحقيق جنائي يقوم به قاض محترف ومؤهل، ويجب ان يتمكن من متابعة عمله بأكثر قدر ممكن من الحرية، وعلى كل الدول ان تستقبل النتائج في الوقت المناسب. لكن، نحن ليس لدينا أي تعليق ندلي به في الوقت الذي نتابع فيه أعمال التحقيق ولن نستبق الحكم عن نتائجه". واوضح السنيورة من جهته ان"كل اللبنانيين يريدون حقاً معرفة الحقيقة مهما أخذت من وقت ومهما كانت هوية الاشخاص الذين ستسميهم وتتهمهم. نريد الحقيقة حتى يتعلم الجميع درساً بألا يرتكبوا جرائم كهذه في المستقبل". وزاد ان"الأمر لا يتعلق فقط بمعاقبة الذين ارتكبوا هذه الجريمة وانما ايضاً ان يكون درساً بعدم ارتكابها مرة أخرى". وأكد"اننا سنطبق القوانين التي يجب علينا تطبيقها عندما يحين الوقت". ودعمت رايس قول السنيورة وزادت عليه:"يجب على الجميع التعاون والتعاون الكامل. وهناك دعوة لسورية كي تتعاون بشكل كامل. وارجو ان تقوم بذلك". وفيما كان هذا الاجتماع النادر يعقد في احدى غرف المؤتمرات في الأممالمتحدة بحضور رئيس الوزراء ممثلاً للبنان، غاب رئيس الجمهورية اميل لحود عن الاجتماع أو غيّب عنه. وصادف انه كان لحظة انعقاد الاجتماع يخاطب الجمعية العامة ليدلي بكلمة لبنان والتي تطرق فيها الى المواضيع الاقليمية الى جانب موضوع لبنان. ومما قال ان جريمة اغتيال الحريري هي"جريمة مدوية هزت وجدان اللبنانيين". وتزامن ذلك ايضاً توجه كل من وزير خارجية الاردن، ثم وزير خارجية تونس عبدالوهاب عبدالله، للاجتماع مع وزير خارجية اسرائيل سيلفان شالوم الذي اتخذ من قاعة مؤتمرات أخرى موقعاً لاستقبال الوزراء العرب، وكذلك وزير خارجية تركيا. ثم ترك شالوم الى الطابق الثالث للاجتماع مع وزير خارجية بريطانيا. ويذكر ان"اللجنة الرباعية"ستعقد اجتماعاً اليوم الثلثاء في مقر الاممالمتحدة على مستوى الوزراء.