يعزو معظم أصحاب المحال التجارية في بغداد، ما تشهده السوق العراقية من تذبذب في أسعار المواد الغذائية المنتجة محلياً، وفي مقدمها الفواكه والخضار واللحوم، إلى زيادة الطلب عليها، على رغم توافر المعروض منها، بسبب الكميات الكبيرة المستوردة منها من دول الجوار، فيما تشهد سوق صرف العملات استقراراً نسيباً ومتواصلاً، بفضل السياسية المالية الثابتة التي يتبعها البنك المركزي العراقي، عبر الكثير من الإجراءات، أبرزها المزاد اليومي الذي ينظمه في بيع الدولار. وحيث ان غالبية المواد الغذائية تشهد إقبالاً متزايداً من المستهلكين العراقيين، الذين ازدادت القدرات الشرائية لقسم كبير منهم، خصوصاً فئة موظفي القطاع العام، ما يؤثر في مستوى الأسعار، إلا ان المستورد من هذه السلع، مثل الخضار والفواكه، أدى إلى نشوء أسواق جديدة لها تتسم برغبة المواطنين المتزايدة في اقتناء هذه المواد الغذائية، حتى وان كان ذلك على حساب المنتجات المحلية، التي حافظت على مستوى أسعارها المتدنية، مقارنة بالسلع المستوردة، على رغم تميز المعروض من كلا النوعين بقصر فتره موسمه. ويلاحظ ان سوق المواد الغذائية المعلبة المستوردة محدود، ويتميز بثبات أسعارها، الذي يتأثر باستقرار سعر صرف الدولار في مقابل الدينار العراقي، 1460 ديناراً للدولار الواحد، وما أبقى على محدودية نشاط هذه السوق، هو تدني الطلب على مفرداتها بسبب مخاوف المواطنين من تسرب الكثير من المعلبات المستوردة المغشوشة إليها، وما رافقها من تلاعب في تاريخ صلاحيتها للاستهلاك البشري. ويشير كريم جاسم، وهو صاحب محال تجارية في منطقة بغداد الجديدة شمال العاصمة، إلى انه اشترى كميات كبيرة من المعلبات من أسواق الجملة قبل الحرب الأخيرة بأيام لأجل تصريفها في وقت لاحق، الا انه بسبب عزوف المستهلكين عنها بسبب مخاوف من ان تكون غير صالحة للاستهلاك بعد تسرب كميات كثيرة منها إلى الأسواق العراقية دون خضوعها إلى الرقابة التجارية والصحية، أدى إلى خسارته الكثير من الأموال، خصوصاً انه مضى على شرائها نحو ثلاث سنوات، ما يدعو المواطن إلى القلق والخوف. وبالنسبة الى المواد الغذائية الأخرى الداخلة في مفردات البطاقة التموينية، فقد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في أسعارها، نجم عن تلكؤ وزارة التجارة العراقية في توفير هذه المفردات للمواطن لفترة طويلة، تمتد في بعض المناطق إلى نحو عام، ما أدى إلى ارتفاع أسعار مثيلاتها في السوق التجارية، خصوصاً بالنسبة الى الطحين والسكر والشاي والرز والحليب، فيما لوحظ ان أسعار بعض هذه المواد تجاوز الضعف أو أكثر، مقارنة بما كانت عليه الحال قبل ذلك. وإذا ما تناولنا أسعار اللحوم الطازجة، فقد أشار أكثر من بائع لحوم إلى ان ارتفاع هذه الأسعار ناجم عن قلة المعروض، والذي يعزوه الكثيرون إلى عمليات تهريب المواشي والأغنام العراقية إلى دول الجوار، حيث الطلب المتزايد عليها. وظل الطلب على اللحوم العراقية المحلية محصوراً لدى الأسر العراقية ذات الدخل المرتفع، بعد ان راحت الأسر الأخرى تبحث عن طلباتها لدى المحال والأسواق المتخصصة بعرض اللحوم المستوردة التي تناسب أسعارها مداخيل هذه الأسر.