وصل الرئيس السوري بشار الأسد مساء أمس الى العاصمة الروسية موسكو في زيارة دولة هي الأولى منذ تسلمه الرئاسة. وستعقد في الكرملين اليوم قمة روسية - سورية مكرسة للبحث في الملفات ذات الاهتمام المشترك. واستبق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اللقاء بتأكيد أهمية"تفعيل العلاقات التاريخية"بين البلدين، فيما وصفت وزارة الخارجية الروسية الزيارة بأنها ستشكل دفعة مهمة لاستئناف التعاون في المجالات المختلفة. وقال بوتين خلال اجتماع عقدته الحكومة أمس ان لدى الجانبين الروسي والسوري قاعدة مهمة تشكل أساساً للتفكير في تعزيز التعاون وتقوية الاتصالات في المجالات المختلفة. ولفت الى ان الوضع في الشرق الأوسط سيشغل حيزاً مهماً من محادثات الجانبين، مشيراً الى أن الموقف في هذه المنطقة"ما زال معقداً جداً". وزاد انه بحث أخيراً خلال مكالمة هاتفية تطورات الأوضاع هناك مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون، وشدد على عزم بلاده مواصلة العمل في شكل فاعل على صعيد التسوية في الشرق الأوسط، واصفاً المحور السوري بأنه أحد أكثر عناصرها جدية. وينتظر ان يبحث الرئيسان، بالاضافة الى ملف الشرق الأوسط، جملة المسائل المتعلقة بالتعاون الثنائي، خصوصاً على الصعيد التجاري الاقتصادي وموضوع الديون المستحقة لروسيا منذ عهد الاتحاد السوفياتي والتي تقدرها موسكو بنحو 13 بليون دولار. وكان هذا الملف محور بحث مكثف لوزيري مال البلدين خلال اجتماعات مغلقة منتصف الشهر. ونقلت مصادر روسية أمس ان الطرفين توصلا الى اتفاق يقضي بشطب 9.78 بليون دولار من مجموع الديون، أي ما يعادل نحو 85 في المئة منها. ورجحت المصادر الاعلان رسمياً عن هذا الاتفاق خلال القمة. وفي حال تم ذلك، يكون الجانبان تمكنا من تجاوز ملف شكل عقدة أساسية أمام تعزيز التبادل وعلاقات التعاون بينهما. ولم تستبعد جهات روسية ان يناقش الطرفان ملفات التعاون العسكري، على رغم الضجة التي أثارتها اسرائيل بعد نشر تقارير عن نية موسكو بيع أنظمة صاروخية متطورة الى دمشق، ما دفع الطرفان الى الاعلان ان هذا الملف ليس مدرجاً على جدول الأعمال. وكان الرئيس الروسي أكد في مكالمة هاتفية مع شارون انه لن يتم توقيع صفقة لبيع اسلحة هجومية خلال الزيارة. وقال الخبير فالنتين يورتشينكو المقرب من المؤسسة العسكرية ان البحث قد يتركز على بيع أسلحة دفاعية، خصوصاً ما يتعلق بأنظمة الدفاع الجوي. وشدد على أن موسكو ما زالت تمتلك امكانات تجعلها الشريك الأساسي لسورية في عدد من المجالات، وعلى رأسها ملف التعاون العسكري، مشيراً الى حاجة دمشق الى صيانة أسلحتها السوفياتية المنشأ وتحديثها. ولفت خبراء روس الى توافر مجالات مختلفة أخرى لاستئناف التعاون بين البلدين، خصوصاً ان مئات المنشآت والمشاريع الصناعية الكبرى التي أسهم الاتحاد السوفياتي السابق في اقامتها في سورية بحاجة الى عمليات تحديث وصيانة. ولفت الخبير في شؤون العلاقات مع سورية فلاديمير ايسايف الى ضرورة توقيع البلدين"رزمة"اتفاقات تعاون جديد بعدما انتهت فعالية غالبية الاتفاقات السابقة. وكانت الخارجية الروسية وصفت سورية بأنها"شريك مهم للروس"، وأعرب الناطق باسمها الكسندر ياكوفينكو عن أمل بلاده بأن تشكل الزيارة دفعة مهمة للعلاقات في المجالات المختلفة، مشيراً الى ان حجم التبادل التجاري بين البلدين الذي يصل حالياً بحسب التقديرات الرسمية الى زهاء 210 ملايين دولار، لا يعكس الامكانات الواقعية لروسيا وسورية. ووصف الاتهامات الأميركية لسورية بدعم الارهاب بأنها"غير موضوعة"، وأعرب عن معارضة بلاده"تقسيم الدول الى محاور شر"، مشيراً الى ان هذه السياسة لم تساعد على تعزيز الأمن في أي دولة.