في مواجهة الطموح العلني للأكراد في فرض سيطرتهم على مدينة كركوك الغنية بالنفط، يحشد التركمان العراقيون صفوفهم للمشاركة في الانتخابات وخصوصاً المحلية منها بهدف الحصول على الحصة الكبرى من الثروة النفطية في شمال العراق. ويستخدم التركمان لاقناع أبناء قوميتهم بالاقتراع لمصلحة لائحتهم، قناة تلفزيونية فضائية وخمس محطات اذاعية وعدداً كبيراً من الصحف الصادرة باللغة التركية. فعلى شاشة قناة"تركمانلي"التلفزيونية، يقول مذيع متوجهاً الى"التركمان العراقيين... إن المشاركة في الانتخابات واجب قومي وطني وديني. صوتوا للجبهة التركمانية العراقية. صوتوا للائحة الرقم 175". وسينتخب العراقيون في 30 الشهر الجاري 275 عضواً في المجلس الوطني الانتقالي وممثلي مجالس المحافظات ال18 كما سينتخب الأكراد 111 نائباً في برلمانهم الذي يتمتع بحكم ذاتي. ولطالما أثار التعايش بين التركمان والاكراد والعرب في مدينة كركوك الواقعة على بعد 255 كلم الى شمال بغداد، توترات عرقية أدت أحياناً الى اراقة دماء. ويؤكد التركمان اليوم أنهم يمثلون 13 في المئة من سكان العراق البالغ عددهم 26 مليون نسمة، لكن بحسب الاحصاء الأخير عام 1977، فهم لا يمثلون سوى اثنين في المئة. وتخشى المنظمات القومية التركمانية من أن يفضل القسم الأكبر من التركمان الشيعة طائفتهم على قوميتهم. وأقر سعد الدين ارغج وهو سني يتولى قيادة المجلس الاستشاري التركماني قومي:"نخشى من أن يعطي التركمان الشيعة في تلعفر وداقوق وتازة وطوز وامرلي ومندلي أصواتهم للائتلاف العراقي الموحد". ويضم"الائتلاف العراقي الموحد"أحزاباً اسلامية شيعية ويحظى"بمباركة"المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني. وشهد الصراع من أجل السيطرة على هذه المدينة الغنية بالنفط تطوراً جديداً مع سماح المفوضية العليا للانتخابات لحوالي مئة ألف كردي يتحدرون من كركوك وأبعدوا عنها في عهد الرئيس السابق صدام حسين بالتصويت. ويرى كثيرون في ذلك هدية للاكراد الذين يسعون لضم هذه المدينة الى منطقتهم التي تتمتع بالحكم الذاتي، فيما نددت تركيا بهذا القرار الذي قد يمهد في نظرها الطريق نحو الانفصال. من جهتها، تبدي"الجبهة التركمانية العراقية"القريبة من أنقرة مطامح تبدو غير قابلة للتحقيق وتدعو الى انشاء منطقة تتمتع بالحكم الذاتي في كركوك مع رئيس تركماني ونائب رئيس كردي. الى ذلك، يخشى قادة تركمان آخرون ايضا من أن يحول انعدام الأمن في بعض المناطق، دون ادلاء ابناء قوميتهم بأصواتهم. وفي هذا السياق، يقول رئيس"الجبهة التركمانية العراقية"فاروق عبدالله عبدالرحمن"إن حوالي 300 ألف تركماني يقيم معظمهم في تلعفر شمال لن يجرأوا على التوجه الى صناديق الاقتراع بسبب الوضع الأمني وسيكون ذلك خسارة كبيرة"للأصوات. وتقع تلعفر التي يقيم فيها عدد كبير من التركمان في محافظة نينوى المضطربة حيث من المحتمل أن لا تجرى الانتخابات في عاصمتها الموصل بسبب التهديدات وهجمات المتمردين. وادراكاً منهم للأهمية الحيوية للمواقع النفطية، يبدي التركمان عصبية بالغة ازاء ما يعتبرونه"انحيازاً اميركياً"لمصلحة الأكراد. ويعبر عن ذلك رئيس"الجبهة التركمانية العراقية"بغضب بقوله:"منذ سقوط نظام صدام هناك نوع من الغزل بين المسؤولين الأميركيين والقادة الأكراد".