يردد سياسي لبناني بارز أمام زواره ان الرئيسين اميل لحود ورفيق الحريري يتجهان الى الاستحقاق الرئاسي المقرر في الخريف المقبل "كملاكمين منهكين وعنيدين يصر الواحد منهما على دفع الآخر الى خارج الحلبة". ويضيف: "بلغت الكراهية الشخصية المتبادلة حداً لم يعرفه تاريخ التجاذب بين رؤساء الجمهوريات ورؤساء الحكومات. ويصر الرئيسان على إكمال المواجهة على رغم معرفتهما ان السنوات الأربع الماضية من الزواج الإلزامي بينهما كلفت البلد بلايين الدولارات وأربع سنوات من عمره". وأعرب السياسي عن أسفه لأن العلاقة بين الرجلين حرمت لبنان من الإفادة من الرصيد الذي امتلكه لحود لدى توليه الرئاسة حين أمل اللبنانيون في ترسيخ فكرة المؤسسات ومكافحة الفساد، كما حرمت لبنان من الإفادة من رصيد العلاقات العربية والدولية الذي يتميز به الحريري عن سائر أفراد الطبقة السياسية في البلاد. ويشدد السياسي على ان التجاذب الذي بدأ منذ اليوم الأول لعودة الحريري الى الحكم، اثر انتصاره في الانتخابات النيابية في العام 2000، أدى في النهاية الى تسميم الجو العام وشل مؤسسات الحكم واستنزاف هيبة الدولة وتأخير الاصلاحات الاقتصادية ونهوض لبنان بالتزامات قطعها على نفسه في مؤتمر باريس - 2 فضلاً عما ألحقه بصورة القضاء والعجز عن محاربة الفساد. ويروي وزير لبناني اشترط عدم ذكر اسمه ان جلسات مجلس الوزراء تحولت الى ما يشبه ساحة المبارزة على رغم الوساطات السورية التي كانت تسبقها وعلى رغم سعي الحريري الى تفادي اصطدام حاد ومباشر وتفضيله اسلوب الحرب بالواسطة تفادياً لانفجار يرغمه على مغادرة موقعه. ولاحظ الوزير ان بعض الممارسات شكّل خروجاً على الدستور والأعراف وأيقظ جروحاً كان يفترض انها اندملت بعد تسوية الطائف. وقال ان المواجهة بين الرئيسين والوساطات السورية المتواصلة بينهما اساءت ايضاً الى دمشق، اذ أظهرت ان كل المواقع الرسمية اللبنانية اشبه بواجهات، وان القرار الفعلي موجود بكامله في سورية أو لدى من يمثلها في لبنان. ووصف الوزير ما يجري حالياً على الساحة السياسية بأنه "انتفاضة ضد التمديد" كان الحريري أول من فجرها لتنبيه دمشق الى ان قرار التمديد للحود أو التجديد له سيكون مكلفاً سياسياً وباهظاً اقتصادياً، خصوصاً بعدما اكد الحريري انه ليس في وارد البقاء في السراي في حال استمرار لحود في قصر بعبدا. ولم يخف الوزير ان دمشق لم تنظر بعين الرضا الى "انتفاضة" الحريري هذه، خصوصاً بعدما تكشّف في الشهور الماضية ان شكوكاً عميقة تعتري علاقاتها معه في حين تطابقت خيارات لحود العربية والاقليمية مع خياراتها. ويميل سياسيون الى الاعتقاد بأن دمشق لن تسمح بإضعاف لحود حتى اليوم الأخير من ولايته الرئاسية، وانها إذا اختارت صرف النظر عن التمديد أو التجديد له لن تسمح بوصول رئيس للجمهورية "يدير البلاد في عهد الحريري"، مشيرة الى ان الأخير لن يقطف ثمار إبعاد لحود عن قصر بعبدا وربما يدفع ثمن هذا "الانتصار" في الانتخابات النيابية في السنة المقبلة، ومن مجمل دوره على الساحة اللبنانية.