يستضيف "مهرجان لندن الدولي للمسرح"LIFT ابتداء من اليوم الاثنين خمسة عشر فناناً من لبنان بينهم فلسطيني. فتحت عنوان عريض مشترك هو "الضحك" Laughter، تجتمع في مبنى "بارجهاوس" جنوبي شرقي العاصمة البريطانية، أعمال وعروض مبدعين شباب ينتمون الى جيل ما بعد الحرب، ضمن تظاهرة هي الاضخم على مستوى الفنّ العربي في لندن منذ سنوات طويلة بين 7 و21 حزيران/ يوليو الحالي وهي ليست المرّة الأولى التي يشرّع فيها "مهرجان لندن الدولي للمسرح" أبوابه للعالم العربي، اذ سبق لهذا الملتقى المرموق أن استضاف عروضاً مسرحيّة من تونس والجزائر وفلسطين ومصر. أما الجديد هذه السنة، فهو أن مديرتي المهرجان لوسي نيل وروز فينتون عهدتا الى جهة عربيّة، هي جمعيّة "أشكال ألوان" التي تديرها كريستين طعمة، بتنظيم تظاهرة متكاملة، تكون لها مطلق الصلاحية في تحديد الرؤية العامة للبرمجة، واختيار عناصرها: من الاعمال المشاركة إلى طريقة جمعها وتقديمها. كما أن تظاهرة "الضحك" لا تقتصر على نوع فنّي محدد، بل تضيع عندها غالباً، الحدود الفاصلة بين المسرح والتجيهز والفيديو والكتابة والتشكيل، وهي السمة الأساسيّة التي تميّز النتاج الابداعي ل"جيل ما بعد حرب" في لبنان. معظم المشاركين العرب في مهرجان هذا الموسم، ولدوا خلال الحرب الاهلية اللبنانية، أو مع "انتهائها"، واكتشفوا الخراب المحيط من دون أن يفهموا تماماً ماذا حدث. أطلّوا على المشهد مسكونين بهاجس الفراغ والخوف من العدم. وعجزت واجهة "السلم" البرّاقة عن المساعدة على التئام هذا الجرح الداخلي المؤسس لوجودهم وانتمائهم. هؤلاء القادمون الجدد وجدوا أنفسهم، باختصار، أمام هوّة السؤال الذي طبع أهمّ التجارب الفنيّة والابداعيّة الجديدة في بيروت. وليد رعد، ربيع مروّة، أكرم الزعتري، نادين توما، لميا جريج، مروان رشماوي، خليل جريج وجوانا حاجي توما، إضافة الى "مخضرمين" مثل محمد سويد وغسان سلهب... كلّ هؤلاء عملوا بشكل أو بآخر من خارج الأشكال واللغات الموروثة، على مساءلة الذاكرة، ذاكرة الحرب، أي ما يجوز تسميته "أركيولوجيا الحرب اللبنانيّة"، ضمن علاقة أشكاليّة ومعقّدة بين الذاتي والموضوعي. المشاركون في مهرجان لندن يحملون معهم بيروت الأسئلة المعلّقة، وليد رعد مجموعة أطلس يفتتح التظاهرة اليوم وغداً بعرض "عنقي أرفع من شعرة" بالاشتراك مع طوني شكر وبلال خبيز الذي يسترجع بطريقة بصريّة، اشكالية، ظاهرة السيارات المفخخة في بيروت خلال الحرب. ثم يعرض ربيع مروّه ولينا الصانع عملهما السابق "بيوخرافيا" 10-13/6، وفي الوقت نفسه يقدّم ربيع مروّة أحدث أعماله "البحث عن موظف مفقود" الذي يمسرح الغياب خياراً جمالياً... وضمن السياق نفسه يقدّم أكرم الزعتري العرض الأوّل لفيلمه الجديد "في هذا البيت" الذي ينتمي الى المشروع "الاركيولوجي" بامتياز. لدى انتهاء الحرب كان المصوّر علي حشيشو عضواً في الميليشيا التي احتلّت منزل آل داغر في عين المير، جنوبي لبنان. وعندما انتهت الحرب كتب رسالة الى أهل البيت، يبرر فيها ما قام به ورفاقه، ثم دفن الرسالة في حديقة المنزل. وعادت كاميرا الزعتري لتحفر في الارض بحثاً عن تلك الرسالة، موغلة في جراح الذاكرة الجماعيّة التي لم تندمل. وتقدّم نادين توما، للمرّة الأولى في لندن، كتابها الفنّي "سيدي مايليدي". وهو عمل جريء، يجمع العناصر البصريّة الى لغة البوح والتداعي، في لعبة توازيات تتوزع معها "انا" المبدعة بين ذكورة وأنوثة، وتتماهى من خلالها مع امرأة مغامرة من القرن التاسع عشر هي الليدي ستانهوب. ونشير أيضاً الى فيلم غسان سلهب الجديد "نرسيس المفقود"، والى عمل لميا جريج Replay، والى تجهيز للثنائي خليل جريج وجوانا حاجي توما بعنوان "صور معمّرة"، وتجهيز آخر لمروان رشماوي بعنوان "بيروت كاوتشوك". وتقدّم تظاهرة "الضحك" سلسلة عروض فيديو لجلال توفيق، غسان سلهب، محمد سويد، أكرم الزعتري، جريج - حاجي توما، اضافة الى فيلم مميز للفلسطيني شريف واكد بعنوان "شيك بوينت".