"بيروت... هل هي مدينة حقّاً، أم انّها مجرّد اسم تاريخي؟"... هذا العنوان - البرنامج، إنطلق منه الشاعر أدونيس لتقديم المحاضرة التي افتتحت مساء أمس "أشغال داخليّة 2" في "مسرح المدينة" في بيروت. و"أشغال داخليّة 2" منتدى عن الممارسات الثقافيّة تنظمه للعام الثاني جمعيّة "أشكال ألوان"، إنطلق في "مسرح المدينة" الذي أفلت موقتاً من حكم الاعدام، وتتوزّع نشاطاته على أماكن عدّة من المدينة التي تقاوم للاحتفاظ بشيء من روحها. مرّة أخرى تفاجئ كريستين طعمة الجمهور اللبناني بتنظيم منتدى ثقافي - فني مميّز من النوع الذي تفتقر إليه بيروت. وكريستين طعمة هي مديرة الجمعيّة اللبنانيّة للفنون التشكيليّة "أشكال ألوان" التي أسست عام 1995، وتعنى بإقامة النشاطات في الأماكن العامة، والعمل على انصهار الفنّ في حياة المدينة ومرافقها. وتهتمّ بإقامة علاقات تبادل ثقافي بين لبنان والخارج، انطلاقاً من الفنون البصريّة والمعاصرة في شكل أساسي. اعتدنا من القاهرة إلى بيروت، ومن تونس إلى عمّان، على "مهرجانات" أشبه بمناسبات رسميّة تؤمّها "الوفود" من أقطار "شقيقة" ودول "صديقة"، وتطرح أعمالاً مستهلكة في الغالب لغةً وروحاً، ويواكبها جمهور مكيّف لم يعد قادراً على التلقّي النقدي المبدع واعادات النظر... فيما يتحلّق في اطارها أهل "الكار الواحد" ليمارسوا طقوسهم المكررة والمستعادة، ويصفّق بعضهم للبعض الآخر، أو يمارس عداواته وحروبه الصغيرة. المنتدى الذي ينطلق اليوم في بيروت، فتنظمه جمعيّة مستقلّة عن المؤسسة الرسمية، يخرج عن التصنيفات الجاهزة والقوالب التعبيريّة "الميتة". وتلتقي في إطاره تجارب متقاطعة، متكاملة، تتواجه وتتحاور في ما بينها. "أشغال داخليّة 2" الذي سبقته محاولة ناجحة أولى قبل سنة، يجمع بين مختلف أشكال التعبير، خارج حدود التصنيفات، في اطار هاجس فكري وجمالي وثقافي مغاير. فإذا بأعمال الفيديو تتجاور مع العروض المشهديّة التي تفلت من عقال "المسرح". وتتقاطع التجهيزات الفراغيّة مع السينما، والكتاب مع الفنّ الفوتوغرافي. ويلتقي عدد من المبدعين والباحثين من فلسطين وايران وتركيا ولبنان ومصر والعراق... ليطرحوا قضايا راهنة، بلغة حيّة وفي سياق سجالي. لهذا ربّما استقطب المنتدى قرابة خمسين ضيفاً من منظمي تظاهرات عالميّة، ومنشّطين فنيين، ومنتجين، ومديري مؤسسات ثقافية، جاؤوا من أوروبا وأميركا والعالم العربي والاسلامي، بمبادرة شخصيّة دائماً، لمتابعة الأعمال والعروض والمداخلات والنقاشات. هكذا سيكون في وسع الجمهور أن يكتشف أو يعيد اكتشاف فيلم إيليا سليمان السابق "سجل اختفاء" 35 ملم، وأن يشاهد أعمال فيديو مختلفة لأكرم الزعتري هذا اليوم، وشريف عظمة مضيفة مصريّة: تمثيليّة، ولميا جريج هنا وربّما هناك وريتا ابراهيم بارادوكس... قصة فوبيا، وجلال توفيق حفظ ماء الوجه وشريف واكد شيك بوينت، وجوانا حاجي توما وخليل جريج الفيلم المفقود، وغسان سلهب جسدي حيّاً... جسدي ميتاً، وفؤاد الخوري رسائل إلى فرانسين، وروي سماحة لم يعنون لأسباب عدّة، وسمر كنفاني منذر. ويشتمل البرنامج على محاضرات في شؤون جماليّة وفكريّة عدّة، يلقيها إضافة إلى أدونيس الذي يحتفل بصدور كتابين شعريين عن "دار الساقي" "تنبأ أيّها الأعمى"، و"أول الجسد، آخر البحر"، حازم صاغيّة من عبدالحليم إلى عمرو دياب، أنطون شماس عائد إلى بيروت: الحنين، مدائن اللغة وعواصم الوهم، سليم تماري القدس: مدينة الجدران الحقيقية والوهميّة، ستيفن رايت العابر الحدود والاحتمالات، غيفن انسيريلو غلو حفريات الفاجعة، ومحمد مظلوم بغداد: العاصمة المستعارة، ولينا صانع في الفعل المسرحي: ما بين القول والمسافة. وبين مفاجآت المنتدى عمل ربيع مروّة الجديد البحث عن موظّف مفقود وعرض للمصريّة آمال القناوي الغرفة، ومعرض تشكيلي لمروان رشماوي بيروت كاوتشوك. ونشير الى معرض صور للايراني بايمان هوشماند زاده زرقانه، وتجهيزين للثنائي اللبناني جوانا حاجي توما - خليل جريج الصور المعمّرة، والثنائي التركي غيفن انسيرليو غلو - هاكان توبال الاستيعاب واعادة استيعابه. ويشتمل المنتدى على ندوة تنظمها رشا السلطي بمشاركة اميلي جاسر، مختار كوكش، سينا نجفي ملامح: ثلاثة مشاريع نيويوركية. وعلى حفلة توقيع كتب في "فينيل غاليري"، لثلاثة أعمال يصدرها منتدى "أشغال داخليّة 2"، هي: "جورنال اللطائف المصوّرة سامر أبو هوّاش، "الخريطة المتحسسة طوني شكر، و"العولمة وصناعة الأحداث الزائلة" بلال خبيز. وتقدّم المصوّرة الفلسطينيّة رندا شعث كتابها الفوتوغرافي الجديد "تحت سماء واحدة: القاهرة" اصدار "مركز ويت دي ويت للفن الحديث" - هولندا.