ما الذي يجمع بين السينمائي المصري الراحل شادي عبد السلام والفنانة التجهيزيّة اللبنانيّة الشابة نادين توما؟ بين الشاعر اللبناني عبّاس بيضون والمصوّرة الفلسطينيّة رندا شعث؟ بين خليل رباح وغسان سلهب وإيليا سليمان وربيع مروّة وسامية محرز ولينا صانع وحسن خان...؟ الجواب: تظاهرة ثقافيّة غير تقليديّة، بعنوان "أشغال داخليّة"، تقام بين 2 و7 نيسان إبريل في أماكن مختلفة من بيروت برعاية وزارة الثقافة اللبنانيّة والموسم الثقافي العربي، وبدعم من هيئات عالميّة عدّة. وهذا ال "منتدى عن الممارسات الثقافيّة في المنطقة" تنظّمه جمعيّة "أشكال ألوان" التي تديرها كريستين طعمة. وكريستين طعمة شخصيّة فريدة على الساحة الثقافيّة اللبنانيّة الراهنة. تعمل في مجال التنشيط الثقافي، وتنظيم التظاهرات الفنيّة... لكنّها لا تشبه الآخرين، إذ تراهن على تجارب مختلفة، وتعمل على التقاط ارهاصات خاصة تعتمل بها المدينة. تطارد أصواتاً خفيضة لا يتسع لها كونشرتو الصخب المحيط، وتبتعد عن المكرّس والمتعارف عليه، ابتعادها عن الأسماء الرائجة والشعارات الجوفاء. تسلك في بحثها عن الأسماء والتجارب دروباً غير متعارف عليها، ونادراً ما وطأتها قدم، لذلك هي تربك وسائل الاعلام، وتضع الصحافيين والنقاد في حيرة: كيف يكمن تقديمها والتعريف بها، من خارج اللغة الجاهزة؟ تنطلق مشاريعها من العلاقة بالمكان، بالمدينة، باللحظة، وتنتمي إلى زمن فسيح يتخطى حدود الوطن وعشائره الثقافيّة، وحروبه الكبيرة والصغيرة. وقد أفسحت حيّزاً كبيراً للتجهيز، والفنون الحيّة عند لحظة تشابكها وتقاطعها، "الآن" و"هنا". هكذا يتحرّك حول كريستين طعمة خلان وشركاء من آفاق فكريّة وجماليّة مختلفة، معظمهم ينتمي إلى جيل ما بعد الحرب. وليد صادق، أكرم الزعتري، جلال توفيق، ربيع مروّه، كارل باسيل، طوني شكر، خليل جريج، جوانا حاجي توما، مروان رشماوي... تشكيليّون، مسرحيّون، فنّانو فيديو وتجهيز، باحثون، منظّرون، شعراء... يتلمّسون معنى الأشياء، يعيدون قراءة الموروث، ويشبكون الصلة بالعالم. أما الجمعيّة اللبنانيّة للفنون التشكيليّة التي تديرها طعمة، وتعرف بإسم "أشكال ألوان"، فتأسست العام 1995، فتعنى بإقامة النشاطات في الأماكن العامة، والعمل على انصهار الفنّ في حياة المدينة ومرافقها. كما تهتمّ بإقامة علاقات تبادل ثقافي بين لبنان والخارج، انطلاقاً من الفنون البصريّة والمعاصرة بشكل أساسي. بين أبرز النشاطات التي أقامتها: مشروع الصنائع 1995، مشروع حديقة السيوفي 1997 - ولا تزال المنحوتات في كنف الحديقة، مشروع الكورنيش 1999، مشروع شارع الحمرا 2000. ومن نشاطاتها ضمن اطار برنامج التبادل الثقافي: "بيروت - مرسيليا" 1996، "بيروت - إسطمبول" 1998، إضافة إلى برنامج ثقافي عن "الفنون السمعيّة في الحيّز العام"، بالتعاون مع "المركز الثقافي البريطاني" في بيروت 2000... وفي العام 2001، نظّمت "أشكال ألوان" معرضاً بعنوان "حلقات مفقودة"، شارك فيه سبعة فنانين لبنانيين هم: وليد صادق ولميا جريج ومروان رشماوي ونادين توما وطوني شكر وجوانا حاجي توما وخليل جريج، في "تاون هاوس غاليري" في القاهرة أيلول/ سبتمبر 2001. كما نظّمت معرضاً آخر مكمّلاً للأوّل، تحت عنوان "دائرة مربّعة"، في بيروت درج الفنّ، الجميزة - تشرين الثاني/ نوفمبر 2001، ودعت إليه ستة فنانين مصريين هم: حسن خان وصباح نعيم ورحاب الصادق وشادي النشوقاتي ولارا بلدي ووائل شوقي. وسيتمّ نقل المعرضين، اللبناني والمصري، إلى الأردن ثم إلى إيران. وبعد أن اشتغلت كريستين طعمة على الحيّز اللبناني، ما مكّنها من السيطرة على أدواتها، وبلورة أسئلتها، راحت تتلفّت إلى المحيط العربي، وتحاول أن تكرّر تجربة الجمع والتلاقي والتبادل، على مستوى العالم العربي وإيران. كما فتحت على أشكال تبادل جديدة هي الندوات والمحاضرات وحلقات النقاش، فكانت النتيجة التظاهرة التي تفتتح مساء اليوم الثلثاء في "مسرح المدينة" في بيروت، تحت عنوان "أشغال داخليّة"، بمشاركة نقاد ومبدعين من إيران وسوريّة والعراق وفلسطينولبنان ومصر. كواليس الابداع العربي تصرّ كريستين طعمة على "أشغال داخليّة" كترجمة ل Home works في كلمتين، بدلاً من المعنى المباشر الذي هو "فروض منزليّة". فمشروعها هو فتح كواليس الابداع العربي الجديد، وطرح أسئلة تقودنا إلى ممارساته وانشغالاته. وهذه الأشغال يطمح المنتدى إلى تقديمها من داخل، لحظة تكوّنها وحدوثها. من هنا أن اللبنانيّة نادين توما تقدّم عرضها في مكان ما بين بين مقهيين في شارع الحمراء، ثم عند ساحة عبد الناصر في الكورنيش، والمصري حسن خان يقدّم تجهيزه في ناد ليلي غير بعيد عن وزارة الثقافة اللبنانيّة في الستاركو، فيما يفتح زيكو بيته لغربان الايرانيّة بيتا فايازي... وهذا المساء يفتتح المنتدى عند الرابعة بعد الظهر بمحاضرة لعبّاس بيضون، بعنوان "ثقافتنا وفنوننا - داخل العالم خارج العالم". ويتلوه، في الأيّام المقبلة، عدد من المحاضرين والمحاضرات نشير بينهم إلى ترداد زلقدار شهرزاد - مطبوعة فنية سياسية، ورشا السلطي صمت الطبقات - حداثة تخريب وكيتش في بيروت ما بعد الحرب، ومحمد علي الأتاسي إنتحار صحافي، وأكرم الزعتري المرّة من نظرة، وساميا محرز صورة الأزمة وأزمة الصورة - عائلة الحاج متولّي نموذجاً، وكاترين دافيد بيروت معلّماً - تجارب فنية معاصرة في لبنان، وجنان العاني مشاهد وأعراق، وعصام نصّار فلسطين في بدايات التصوير الفوتوغرافي - من المشهد المتخيّل إلى المشهد الاجتماعي، وجوانا حاجي توما وخليل جريج كمون. وتقدّم التظاهرة مجموعة من الأفلام لكلّ من غسان سلهب وأكرم الزعتري ومحمد سويد بعلبك، إيليا سليمان الحلم العربي - تكريم بالقتل - سايبر بالستاين ونشير تحديداً إلى تجربة الفلسطيني نزار حسن من فلسطين تحد، واللبناني - العراقي جلال توفيق نوم العقل - هذا الدم المراق في عروقي، والايراني إبراهيم مختاري يوم غير عادي في حياة زينات، وطبعاً إلى فيلم "المومياء" لشادي عبد السلام. كما نشير إلى مسرحيّة بعنوان "بيوخرافيا" للثنائي لينا صانع ربيع مروّه، وإلى المعرض الفوتوغرافي الذي تقيمه رندا شعث في "نادي اللقاء" تحت عنوان "أن تكون هناك"، وإلى معرض خليل رباح "حقوق النشر".