في غضون تسعة أيام تمكن العداء الاستثنائي الاثيوبي كينيسي بيكيلي من تحطيم الرقمين القياسيين العالميين لسباقي 5 آلاف و10 آلاف متر على التوالي، ما اعتبر انجازا غير مسبوق منذ ان بادر "القاطرة البشرية" التشيخوسلوفاكي اميل زاتوبيك الى تسجيل رقمين مماثلين عام 1954، لكن في غضون ثلاثة ايام فقط. في لقاء اوسترافا التشيخي الدولي، حقق بيكيلي 22 عاماً ما سبق ان وعد به، وسجل زمناً مقداره 31،20،26 دقيقة في سباق 10 آلاف متر ناسخاً رقم مواطنه "النموذج" هايله جبريسيلاسي 75،22،26د الذي سجله في لقاء هنغيلو الهولندي عام 1998. اما الرقم الجديد لسباق 5 آلاف متر والبالغ 35،37،12 دقيقة فسجله بيكيلي في هنغيلو تحديداً، والسابق 36،39،12د، كان ايضاً بحوزة جبريسيلاسي منذ 1998. ولفت بيكيلي عبر موقع مدير اعماله الهولندي يوس هيرمنز، على شبكة الانترنت، الى ان الرقمين الجديدين حصاد الاعداد الجيد طيلة الشتاء الماضي. "ومنذ تحطيمي الرقم العالمي لسباق 5 آلاف متر ضمن القاعات 60،49،12م في لقاء برمنغهام، وتحليلي للزمن الجديد المسجل، أيقنت قدرتي على المضي قدماً هذا الصيف". وعزا بيكيلي توفيقه بالدرجة الاولى الى المناخ المعتدل الذي ساد الامسيتين في هنغيلو واوسترافا، "ولا سيما انني استدركت تأخري في النصف الاول من سباق ال10 آلاف متر وزدت من سرعتي، علماً انه لم يكن من السهل الجري بمفردي وعلى وتيرة واحدة مسافة 6 آلاف متر...". وتوقع الخبراء ان يستعين بيكيلي بشقيقه الاصغر تاركو ليؤدي دور الطريدة المحفزة في اوسترافا، غير ان الاخير شارك في سباق 3 آلاف متر وحلّ ثانياً 23،45،7د. ولفت بيكيلي الى ان شقيقه لا يزال بحاجة الى المزيد من الخبرة ليحسن تنفيذ "التكتيك المطلوب"، اضافة الى انه يشق طريقه نحو الشهرة، "ومن حقه اظهار قدراته، وربما اطلب منه مستقبلاً معاونتي". وأسهم انجازا بيكيلي في ترقب سباق 10 آلاف متر مثير و"حار" في دورة الالعاب الاولمبية المقررة من 13 الى 29 آب اغسطس المقبل في اثينا، اي على المسافة التي كشف انه سيخوضها. وهو يعير اهتمامه بالدرجة الاولى الى حصد ذهبيتها ليبقيها اختصاصاً اثيوبياً صرفاً، "وبعدها سأضع اولوية تحطيم الارقام نصب عيني من جديد". وفي الطريق الى أثينا، سيخوض بيكيلي سباق 3 آلاف متر ضمن لقاء غاتسهيد البريطاني يوم 27 الجاري، وسباق 5 آلاف متر في لقاء لوزان يوم 6 تموز يوليو المقبل. فرادة نادرة والواضح للعيان وللمتخصصين في علوم الطب الرياضي وأطباء القلب والشرايين ان بيكيلي المميز بقوته ورشاقته في آن، عداء غير مألوف وفريد من نوعه، يمتاز بقوة عضلات المنكبين غير المتوافرة عند بقية عدائي المسافات الطويلة، والعضلات البارزة في الفخذين وكأنه عداء لمسافة الميل، ويشبهونه بالسوفياتي فلاديمير كوتز بطل سباق 10 آلاف متر في دورة ملبورن الاولمبية عام 1956. واكتسب بيكيلي من دون شك بنية جسدية "خارقة" بفضل اقامته بجوار الهضاب العالية وتدريباته على ارتفاعات تتراوح بين 2400 و3200م عن سطح البحر، ما يجعل جسده يفرز مخزوناً منشطاً طبيعياً. واذا قارنا حالياً بين رقمه الجديد في سباق 10 آلاف متر، والرقم العالمي الذي سجله الاسترالي رون كلارك عام 1965 في اوسلو، يتضح جلياً ان بيكيلي يسبقه بنصف لفة على المضمار اي مسافة 200م. وهو حقق 6،13 دقيقة في النصف الثاني من السباق، اي ان معدل سرعته يبلغ 78،22 كلم في الساعة ما يؤهله لكسر حاجز ال 26 دقيقة، الامر الذي "يعقّد" غيره من العدائين، وربما يقررون الاعتزال باكراً. كما انه يفوق مقدرة "الارمادا الاثيوبية" بالكثير. وتبلغ نسبة كثافة كريات الدم الحمر عند بيكيلي 49 في المئة، في مقابل 42 عند جبريسيلاسي. وأليافه العضلية البطيئة مناسبة للتحمل، علماً ان كل غرام اضافي من خضاب الدم يولّد وفراً يعادل ما بين 10 و20 ثانية في جري المسافات الطويلة، اضافة الى التفوق الناتج من نشاط الدورة الدموية وسعة القلب والرئتين للأوكسجين... لذا لا يبالغ المتخصص في العلوم البيوميكانيكية برونو غاجير حين يقول: "ان بيكيلي نسيج خاص نادر جداً، والايام ستؤكد نظريتي".