يمكنك ان ترى قناة "الحرة" الأميركية او لا تراها، إذا لم ترها انت مميز عن غيرك. بالتأكيد إن تجاهل الشيء لا يعني إلغاء وجوده ومفعوله، كما ان التجاهل ليس الأسلوب الأنجع للمجابهة أو إيصال الرأي الآخر او الرواية المختلفة، والمؤكد كذلك ان القيمين على قناة الحرة، منذ البداية، كانوا مقتنعين ان "الحرة" لن تكون بلا مشاهدين! في برنامج Magazine المنوع عرضت "الحرة" اخيراً فقرة عن دير ياسين استناداً الى ما تقوم به منظمة Deir Yasin Remembered وهي منظمة تُعنى بإبقاء مجزرة دير ياسين في الذاكرة ومتابعة دلالاتها وشؤونها، بخاصة في المجالات الثقافية والفنية والإنسانية ولها موقع على الإنترنت www.Deiryas.org تضم هذه المنظمة شخصيات عدة من جنسيات وأديان ومهن مختلفة، من هذه الشخصيات كان الراحل إدوارد سعيد، وحنان عشراوي، وانضم إليها قبل خروجه من السجن موردخاي فعنونو الخبير الذري الإسرائيلي الذي قضى 18 عاماً في السجن. عرض البرنامج اعمالاً فنية للرسام الأميركي من اصل جزائري خليل بن ديبه كما عرض منحوتات لفنانين آخرين حاولوا من خلالها عرض قضية دير ياسين في الإطار الفني. ثمة لقطة مؤثرة في البرنامج تظهر رجلاً فلسطينياً هو درويش محمود درويش حميدة 85 عاماً وهو من دير ياسين، يروي ذكرياته عن المجزرة ثم يقول كيف ان ضابطاً اسرائيلياً تجرأ بالحديث معه عن السلام عندها نظر الى الحذاء الأسود للضابط وقال له: قلبك بلون حذائك! في البرنامج ذاته عرضت الحرة "فقرة" عن فيلم "درب 181" للمخرج الفلسطيني ميشال خليفي والمخرج الإسرائيلي إيال شيفان، والمقصود بالرقم 181 هو قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأممالمتحدة. يقول إيال شيفان: "علينا ان نعطي الوقت للوقت. هذه الأرض لها تاريخ علينا ان نعطي الوقت للإصغاء". اما ميشال خليفي فيقول ان الفيلم "عبارة عن تحليل نفسي"، ويعلق على طول الفيلم فيقول ان "اربع ساعات ونصف الساعة لشعبين ليست كثيرة". تحدث المخرجان عن الحروب وإمكان التعايش، عما تعرض له مخيم جنين في الغزو الإسرائيلي في نيسان ابريل 2002، هنالك مقابلات مع شهود. الجناة والضحايا مرتبكون امام الكاميرا وثمة لقطة في الفيلم تبرز سيدة اسرائيلية يهودية من أصل تونسي فقدت ابنها في حرب لبنان تقول: "لا احب اسرائيل، انا ام... هذه ليست لعبة...". بعد "دير ياسين" و"درب 181"... يعرض Magazine فقرة تظهر 25 تلميذاً عراقياً تلقوا منحة للدراسة في جامعات اميركا على حساب برنامج Fulbright. نرى ونسمع هذا. والآن مقابلات مع عدد من هؤلاء "المحظوظين" الآتين من بلاد الرافدين حيث الحرب والجوع والدمار الى بلاد "العم سام" حيث الديموقراطية... والعمران... والعلم. هنا نحن لا نعلن ادلجة وتسييس الأمور. فقط لاحظنا ان كولن باول وزير الخارجية الأميركي صافح جميع التلاميذ العراقيين ال25 واحداً... واحداً، وكان مرحاً. وتحدث إليهم ودعاهم الى التواصل مع وزارة الخارجية. لاحظنا مصافحة باول للمجموعة العراقية في الوقت ذاته الذي كانت فيه كل القنوات الفضائية ومنها قناة "الحرة" تنشر صور الانتهاكات الأميركية بحق الأسرى العراقيين، ومنها صورة كلب مخيف "يلقي التحية" على اسير عراقي عار ومغلول اليدين! دير ياسين، فيلم "الدرب 181"... ثم بعد ذلك فقرة طويلة، ومعدة جيداً عن منح اميركية للعراقيين! الأسلوب، والترتيب، وطريقة العرض ليست عفوية او عرضية في الإعلام. اما الافتعال فإنه قبيح، لأنه يزيد فضائحية الفضيحة.