ذهبنا لنرى القنبلة. كانت في حجم الشمامة الكبيرة. أخذنا ندور حولها. صدئة تماماً ومكتنزة. ذكرتني بالقنابل المتساقطة في التلفزيون كل تشرين الأول أكتوبر. نهروني عندما مددت قدمي نحوها، كانت غريبة بسوادها وثقلها وسط الانبساط الرملي المطلق. بالابتعاد عنها تزداد ادهاشاً وجاذبية. نادت عليّ نهى بصوت شرخ الصحراء نصفين. اضطررت لانتظارها. كانت حافية تحمل الصندل في يدها. صاحت: "رايح تشوف الأمبلة؟" تشابكت أصابعنا. وركزت بصري في الأرض مستشعراً الرمال يطرّها الشبشب الى رأسي. رأيت ظرف طلقة في حجم الإصبع. كانت قمته مثقوبة ومحشوة بالرمل، نفخت فيه ومسحته. من مسافة بعيدة تجذب القنبلة عينيك. نقطة غامضة تبدو شريرة وفاتنة. بعد دورات عدة حولها تعلقت نهى برقبتي، وقالت: "بوسني". كانت قبلة طويلة. قبل الغروب ذهبت وحدي. كان لدى القنبلة آخرون، سيدات يرتدين الخمار وأطفال. وقفت بعيداً. كن يركزن فيها أبصارهن ويهمسن. لاحظت أنهم يتحركون حولها في دائرة، دائماً يدورون. بين حين وآخر كان طفل يمسك بيد أمه ويصيح: "ماما هي فيها إيه؟"... فيها إيه ماما؟". ذهبوا، ببطء. أخذت أقترب. لم أطف، قرفصت في دائرة الأقوام ثم كوّعت. كان شعوري جديداً، طفلاً. في الليل ظهرت القنبلة كالنقطة الأشد إظلاماً دائماً. حتى مع الابتعاد عشرين خطوة ظل حضورها محدداً، ثقيلاً. في طريق العودة عرفوا ان الظرف الصغير في جيبي، صاحبوا: "متوديناش في داهية، ده أمن دولة". تأملت ج.ع.م - 35ح - 62 على قاعدته. أخرجت يدي من نافذة السيارة. أفلتّه. الإسماعيلية - شريف سمير [email protected]