تصاعد العنف العرقي بين الصرب والألبان في اقليم كوسوفو وأدى الى مخاوف من اتساعه وانعكاساته على الأقليات العرقية في دول البلقان، فيما طلبت الادارة الدولية في كوسوفو مساعدات عسكرية عاجلة من القوات الدولية سفور في البوسنة من أجل احتواء الوضع قبل خروجه عن السيطرة بصورة تامة. أدت المواجهات في كوسوفو خلال اليومين الماضيين، الى ما لا يقل عن 22 قتيلاً ونحو 500 جريح، وُصفت اصابات نحو 30 منهم بأنها خطرة، كما أصيب 61 جندياً وشرطياً دولياً بجروح، بعضهم في حال حرجة. وشملت المواجهات الدامية كل أنحاء كوسوفو، حيث دُمر نحو 50 منزلاً للصرب وخمس كنائس ارثوذكسية صربية. وأعلن الناطق باسم الادارة الدولية في كوسوفو، انه تم الطلب من القوات الدولية سفور في البوسنة ارسال مساعدات عسكرية عاجلة الى الاقليم، من أجل العمل مع 17 ألف و500 جندي وشرطي دولي في قوات كفور في كوسوفو لمنع خروج الأوضاع عن السيطرة التامة في انحاء الاقليم. احراق مساجد في صربيا وامتدت حوادث العنف الى صربيا، وقامت مجموعات متشددة صربية بإحراق مسجدين، أحدهما في بلغراد والآخر في مدينة نيش 500 كلم شرق بلغراد وهما المسجدان الوحيدان في المدينتين ويعود بناؤهما الى العهد العثماني، كما دُمر المركز الاسلامي في مقاطعة فويفودينا الصربية. وهاجم متظاهرون صرب السفارة الأميركية في بلغراد ورشقوها بالحجارة، لكنهم أخفقوا في اقتحامها بسبب طوق ضربته الشرطة الصربية حولها، ما أدى الى اصابة عشرة من أفراد الشرطة بجروح. وقامت تظاهرات صاخبة في بلغراد أمس، طالبت بالتدخل العسكري الصربي في كوسوفو والسماح لمتطوعين مسلحين من صربيا بالانتقال الى كوسوفو "لحماية صرب الاقليم". وطلبت بلغراد عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن واتخاذ قرار "لانهاء الفلتان الأمني في كوسوفو وحماية الاقلية والمعالم الصربية من اعتداءات الارهابيين الألبان" وحذرت بلغراد المجتمع الدولي من أنها قد تتدخل عسكرياً "اذا استمرت الاعتداءات الألبانية الهادفة الى تصفية الوجود الصربي في كوسوفو". وهدد الوزير الصربي لشؤون كوسوفو نيبويشا تشوفيتش في تصريح صحافي مدينة ميتروفيتسا امس، من أن "الصرب سيدافعون عن مناطقهم في كوسوفو مهما كانت النتائج ولن يسمحوا للارهاب الألباني بالسيطرة عليهم تحت انظار المجتمع الدولي الذي ظل عاجزاً أمام موقف العدوان الألباني المستمر منذ أكثر من أربع سنوات ونصف السنة". وأفاد وزير دفاع اتحاد صربيا والجبل الأسود بوريس تاديتش بعد اجتماع عقده مجلس الدفاع الأعلى للاتحاد، ان بلغراد طلبت من حلف شمال الأطلسي الذي يقود القوات الدولية كفور في كوسوفو "بالموافقة على قيام القوات الصربية بمساعدة القوات الدولية كفور في حماية غير الألبان في كوسوفو". كما أعلن رئيس الحكومة الصربية فويسلاف كوشتونيتسا أمس، ان الصرب "لا يمكن أن يسمحوا باستقلال كوسوفو وهيمنة الألبان الكاملة على الاقليم" وأوضح ان الموقف الصربي في شأن مستقبل كوسوفو "ينطلق من تأييد القرار الدولي الذي يمنح الاقليم حكماً ذاتياً واسعاً في اطار اتحاد صربيا والجبل الأسود". مفتي بلغراد ل"الحياة": فئة حاقدة على المسلمين وأبلغ مفتي بلغراد الشيخ حمدي يوسف سباهيتش "الحياة" في مكالمة هاتفية من بلغراد، انه "لم يستطع دخول المسجد ولكنه تفحصه من بعيد فوجد ان النيران أتت على قاعة الصلاة ومئذنة المسجد، ولكنها لم تصل الى دار الافتاء والاقسام الأخرى التي هي في الجهة الشرقية من المسجد". لكن الشيخ سباهيتش بدا شديد التألم والمرارة وقال: "اذا كان التطرف وصل الى هذا الحد تجاه هذا المسجد الذي لم يدع إلا الى السلام والوئام، فهذا يعني أن بلغراد لم تعد في حاجة الى وجود المفتي الذي يشرف على أمور المسلمين في المدينة وضواحيها البالغ عددهم أكثر من مليون نسمة". وأكد الشيخ حمدي سباهيتش، انه على علاقة ممتازة مع البطريرك بافلي وأيضاً مع المسؤولين في الحكومات الصربية، واعتبر ان ما جرى كان من قبل "فئة تخريبية متطرفة استغلت الحوادث المأسوية لتنفيذ مآربها الحاقدة على المسلمين". وأشار الى أنه تلقى ادانات كثيرة من الكنيستين الارثوذكسية والكاثوليكية في بلغراد اضافة الى وجوه صربية بارزة، والتقى مع رئيس الحكومة الصربية فويسلاف كوشتونيتسا، وأعرب الجميع عن "استنكارهم لهذا العمل التخريبي غير المبرر والسعي لفتح تحقيق في الموضوع والعمل بسرعة لإعادة المسجد الى وضعه السابق". لا حل وسطاً بين الألبان والصرب على رغم ان السبب المباشر للمواجهات يعود الى اتهام الألبان لصرب الشطر الشمالي من مدينة ميتروفيتسا بإغراق ثلاثة أطفال ألبان في نهر ايبار الذي يفصل بين الشطرين، فإن الناطق باسم الادارة الدولية في كوسوفو ديريك شيبل استبعد أمس وجود علاقة للصرب بغرق الأطفال الثلاثة لأن الحادث وقع في الجانب الألباني من النهر. واعتبر المراقبون تصريح الناطق بأنه تأكيد بأن سبب المواجهات الحقيقي يعود الى الاحتقان المتراكم بين الصرب والألبان، وفشل الوجود الدولي في توفير الثقة بين الطرفين وإعادة نحو 150 ألف صربي أرغمهم الألبان على النزوح من كوسوفو. كما لم يستطع المجتمع الدولي توفير الأجواء لحسم الوضع النهائي للاقليم، بصورة حل وسط بين الاستقلال الذي يريده الألبان والحكم الذاتي الواسع الذي لا يقبل الصرب بأكثر منه.