قدمت بلغراد اقتراحات لوضع حد للتوتر في جنوب صربيا، من خلال "برنامج سلمي"، وذلك في وقت دان مجلس الأمن الهجمات التي نفذها المسلحون الألبان انطلاقاً من المنطقة العازلة المحاذية للحدود الشرقية لإقليم كوسوفو على المواقع العسكرية اليوغوسلافية. وأعلن نائب رئيس الحكومة الصربية نيبويشا تشوفيتش برنامجاً من ثلاث خطوات متعاقبة لإعادة الحياة الطبيعية الى جنوب صربيا، يجري إقرارها وتنفيذها بإشراف ممثلين عن الصرب وألبان المنطقة والمجتمع الدولي. وتتضمن الخطوة الأولى، التزام الوسائل السلمية لإنهاء المشكلة القائمة جنوب صربيا، من دون احداث تغيير في الحدود والوضع الراهن الخاص بالتركيبة السكانية والتقسيمات الإدارية في المنطقة. والثانية، القضاء على المظاهر العسكرية التي أقامها مسلحون ألبان في أماكن عدة في المنطقة المنزوعة السلاح، بهدف توفير الأمن لسكانها من الألبان والصرب. ويتم في المرحلة الأخيرة، بعد التحقيق الكامل للخطوتين السابقتين، تضافر الجهود المحلية والدولية لإنعاش المنطقة زراعياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وفي شكل يتوخى عودة الأوضاع الى طبيعتها. لكن تشوفيتش الذي خولته بلغراد تمثيلها في شؤون جنوب صربيا، أكد وجوب بقاء القوات اليوغوسلافية على أهبة الاستعداد للرد على أي عمليات عسكرية، حتى يتم وضع حد للتوتر الذي أحدثه "الإرهابيون" في المنطقة. ورأى مراقبون في البلقان أمس، أن برنامج تشوفيتش تعترضه عقبة رئيسية تكمن في عدم مشاركة "جيش تحرير بريشيفو وبويانوفاتس وميدفيجا" في تنفيذه، خصوصاً أن الزعامة المحلية لألبان جنوب صربيا المتمثلة برئيس بلدية بريشيفو رضا حليمي كانت اكدت رفضها الدخول في أي محادثات لحل المشكلة، من دون مشاركة ممثلي الحركة المسلحة الذين تخصهم القضية مباشرة. وساد الاعتقاد في بلغراد ان المسلحين الألبان سيترددون في قبول الاقتراحات الصربية المعروضة، لأنها تفرض واقعياً استسلامهم، من دون تحقيق أي من مطالبهم التي أعلنوها كمبرر لنشوء حركتهم. وجاء ذلك في وقت ندد مجلس الأمن بالاعتداءات التي قام بها المسلحون الألبان في المنطقة المنزوعة السلاح والتي أسفرت عن قتل جنود يوغوسلاف. وأكد المجلس وجوب وضع حد لهذه الأعمال فوراً واعتقال المسؤولين عنها وإحالتهم على العدالة. وكانت حكومة بلغراد طلبت الاثنين الماضي عقد جلسة عاجلة للمجلس بعد مقتل جندي يوغوسلافي وإصابة عدد اخر بجروح بعد هجمات الألبان جنوب صربيا. وإلى ذلك، أعرب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي جورج روبرتسون عن أمله في أن تتخذ بلغراد إجراءات يمكن الوثوق بها، لبحث طلبها حول تقليص المنطقة المنزوعة السلاح التي عرضها حالياً خمسة كيلومترات داخل الأراضي الصربية المحاذية لحدود كوسوفو. وأوضح ان من بين الإجراءات المطلوبة "تخفيف التوتر ومشاركة الألبان في وحدات الشرطة المحلية في المنطقة". وأفادت وكالة انباء "بيتا" الصربية ان المواجهات تواصلت امس، بين القوات الصربية والمسلحين الألبان في منطقتي سفيتي ايليا وسيلو لوتشاني ومناطق اخرى على خطوط المواجهة بين الطرفين. وأصدرت وزارة الخارجية الألبانية بياناً حضت فيه الطرفين، الصربي والألباني، على التزام الهدوء وحل الخلافات بالحوار السياسي. ومعلوم أن وساطة يونانية بدأت منذ نحو اسبوعين لتطبيع الأوضاع بين تيرانا وبلغراد، اثر اجتماع الرئيس اليوغوسلافي فويسلاف كوشتونيتسا في أثينا مع رئيس الحزب الاشتراكي الحاكم في ألبانيا فاتوس نانو، إذ يتوقع إعادة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين قريباً. ومن جهة اخرى، تواصلت تظاهرات الألبان في الشطر الجنوبي من مدينة ميتروفيتسا شمال غربي كوسوفو احتجاجاً على هجوم شنه الصرب على الجيب الألباني محلة البوسنة الصغيرة في الشطر الشمالي من المدينة وأسفر عن حرق أحد منازله وقتل ألباني وجرح اثنين آخرين. وكانت الاضطرابات أدت اول من امس الى جرح 32 ألبانياً و10 جنود دوليين وحرق عربتين مصفحتين لقوات كفور.