بدأت اوروبا البحث عن سياسة امنية خاصة بها، بعدما انذرت اعتداءات مدريد الخميس الماضي، بأن الارهاب اصبح على اعتاب القارة، في حين لم تنفع السياسة الاميركية لمكافحة الارهاب في درء هذا الخطر عن اسبانيا على رغم ان الاخيرة كانت من اهم حلفاء الولاياتالمتحدة. وحظيت دعوة برلين الى عقد اجتماع امني اوروبي للبحث في مكافحة الارهاب في دول الاتحاد، بتأييد من جانب فرنسا، فيما دعت المفوضية الاوروبية دول الاتحاد إلى اتخاذ إجراء "سريع وحاسم" لمكافحة الارهاب، وذلك من خلال "تعزيز التعاون الامني" بينها ومساعدة أسبانيا في التحقيقات الخاصة بهجمات مدريد. برودي يلوم حرب العراق وبدا ان اعتداءات مدريد فتحت الباب لتوجيه انتقادات الى السياسة الاميركية في العراق، جاءت بوادرها من رئيس المفوضية الاوروبية رومانو برودي الذي يسعى الى اطاحة رئيس الوزاء الايطالي سيلفيو بيرلوسكوني الحليف الوحيد المهم المتبقي للاميركيين في اوروبا بعد بلير. وقال برودي امس، ان اعتداءات مدريد تظهر ان حصيلة الحرب على العراق "سلبية" لأن "الارهاب بات اقوى بكثير مما كان عليه قبل عام". وأضاف في مقابلة مع صحيفة "لاستامبا" الايطالية امس: "من الواضح ان النزاع مع الارهابيين لا يحل بالقوة. لنتذكر ان عاماً مر على بدء الحرب على العراق". وأضاف: "الحصيلة سلبية. هي كذلك في العراق وسلبية خارج العراق: اسطنبول وموسكو ومدريد. الارهاب الذي كان يفترض وقفه من خلال هذه الحرب بات اقوى بكثير مما كان عليه". وبعدما أشار الى ان "اوروبا بأسرها تشعر بأنها تتعرض للهجوم"، تحدث برودي عن امكان انشاء منصب المفوض الاوروبي لمكافحة الارهاب. وتابع ان "الرد الاوروبي يجب ان يكون اكثر تعباً من الرد الاميركي"، اذ "فهمنا على الفور ان المسألة لا تتعلق بحدث يخص الاسبان فقط". دو فيلبان لا يغفل الشرق الاوسط وفي الوقت نفسه اقترح وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دو فيلبان في حديث الى اذاعة "ار تي ال" عقد اجتماع استثنائي لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، مؤيداً بذلك موقفي الرئاسة الإيرلندية للاتحاد وألمانيا. وقال: "دعونا نحافظ على الاندفاع نفسه الذي نظم عقب احداث 11 ايلول سبتمبر، وخصوصاً على صعيد مجلس الأمن". وأشار دو فيلبان الى انه "ليس بوسعنا اليوم ألاّ نرى ان هناك بؤرتين تغذيان عدم الاستقرار والإرهاب في العالم وهما بالطبع ازمة الشرق الأوسط والعراق". قمة أمنية اوروبية واكدت الحكومة الألمانية امس ان الاتحاد الأوروبي وافق على الاقتراح الذي رفعته برلين الى الرئاسة الإيرلندية للاتحاد لعقد اجتماع سريع لوزراء داخلية الدول الأوروبية من اجل مناقشة الوضع الأمني في القارة. وتم تحديد يوم الجمعة المقبل موعداً للاجتماع. واعتبرت برلين انه في حال التأكد من مسؤولية "القاعدة" عن الاعتداءت "سيعني ذلك بعداً جديداً للإرهاب، ما يتطلب مواجهته دولياً". في حين ان المعضلة تتمثل في فقدان تبادل للمعلومات بين اجهزة الأمن الأوروبية. وعلى رغم اعتبار وزير الداخلية الالماني اوتو شيلي الاعتداءات "نوعية جديدة من الإرهاب" فإنه حذّر "من بث الذعر بين المواطنين من طريق تضخيم الأخطار التي يمكن ان تتعرض لها البلاد". وشدد "على ضرورة رفع اليقظة الأمنية فيها وتحسين التعاون والتنسيق بين مختلف الأجهزة". إبعاد الأجانب المشتبه بهم وأعلن انه يؤيد "إبعاد كل اجنبي من البلاد يشكل خطراً امنياً"، مضيفاً انه سيسعى للمرة الأولى "الى استصدار تدبير قانوني يسمح بإبعاد كل شخص تلقى تدريبات عسكرية في افغانستان". وأعلن وزراء داخلية ولايات ألمانية عدة من بينها بافاريا وهسّن وشمال رينانيا ووستفاليا امس انهم قرروا تعزيز تدابيرهم الأمنية لمواجهة خطر وقوع اعتداءات فيها. وعبر وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي عن حماسته الشديدة لاجتماع يعقده وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي. وتعهد ساركوزي الذي شارك الى جانب دو فيلبان ووزراء الدفاع ميشال آليوماري والاقتصاد فرانسيس ميرو الناطق باسم الحكومة جان فرانسو كوبيه في اجتماع ترأسه رئيس الحكومة جان بيار رافاران لمتابعة سير خطة "فيجيبيرات" الأمنية، بشن "حرب لا هوادة فيها ضد الإرهاب". بولندا وإيطاليا وفي وقت حذر خبراء من ان بولندا وايطاليا مهددتان بأن تكونا الهدف التالي للارهاب، قال جيرزي نواك مبعوث وارسو لدى حلف شمال الاطلسي امس، ان بولندا أعربت عن استعدادها للاستمرار في قيادة قوة في وسط جنوبالعراق اذا انسحبت اسبانيا التي كان من المقرر ان تتولى قيادة الفرقة في تموز يوليو المقبل.