قبل سقوط حكم صدام حسين بنحو ثلاث سنوات اكتشف الأردن فعلاً أنه في مواجهة "هجرة جديدة" لخلايا تنظيم "القاعدة" وعناصرها والمتأثرين بها، لكن ليس الى أفغانستان البعيدة التي عاد منها مواطنوه "المجاهدون" وباتوا تحت سيطرة سلطاته الأمنية، بل من العراق المجاور شرقاً الذي يتفكك فيه النظام وتضعف قبضته على الأمن. وسجلت السنوات الثلاث الماضية محاولات عدة لمجموعات مرتبطة ب"القاعدة" سعت الى عمليات ضد ضباط أمن أردنيين وأهداف أميركية وإسرائيلية، لم يصب النجاح معظمها، لكنه ضاعف من مخاوف الأمن الأردني من تواصل "هجرة مجاهدي القاعدة" عبر الحدود المفتوحة والمضطربة مع العراق. ففي العام 2002 نجح عنصران اعترفا أنهما مرتبطان ب"القاعدة" وهما الليبي سالم بن صويّد والأردني ياسر فريحات، في اغتيال مدير الوكالة الأميركية للإنماء في عمان لورنس فولي. وحرصت السلطات على التأكيد انهما جاءا من العراق حيث خطط للعملية التي موّلها الأردني أحمد الخلايلة أبو مصعب الزرقاوي الذي كان حينها مسؤولاً لعمليات "القاعدة" في كردستان - كما تعتقد السلطات الأمنية - وظلّ يسعى الى تنفيذ عمليات عسكرية في الأردن كان آخرها في نيسان أبريل الماضي عندما جنّد خلية من عشرة أشخاص تزعمها عزمي الجيوسي الملقب ب"أبي محمد" خططت لتفجير مبنى الاستخبارات الأردنية باستخدام شاحنات محملة مواد كيماوية أولية. ويتفق خبراء الأمن في الأردن مع نظرائهم العرب والأميركيين على أن خطر "القاعدة" تنظيمياً تراجع كثيراً في العامين الأخيرين بعد تلقيها ضربات موجعة في أفغانستانوالعراق واعتقال العشرات من أعضائها، لكنهم يدركون أيضاً أن انتشار منهجها وعناصرها وتزايد المجندين المتطوعين لتنفيذ أفكارها ما يزال يمثل تهديداً يجد في البلاد العربية، لا سيما في العراق، بيئة ملائمة للاستمرار. ويقول مسؤول أردني ان "السيطرة على الحدود مع العراق لمنع تسلل عناصر الجماعات الإرهابية، تمثل أكبر التحديات للأمن الأردني الذي يلحّ على القوات الأميركية والحكومة العراقية الموقتة بضرورة ضبط الحدود". ويوضح أن "المخاوف تتزايد مع وجود الكثير من منتسبي "القاعدة" الذين باتوا تحت إمرة الزرقاوي في العراق، ومع وجود أصوليين أردنيين ممن كانوا أقاموا سابقاً في أفغانستان، وكانت لهم صلة ب"القاعدة" أو تأثروا بها". ويحتفظ مجلس النواب الأردني بأسماء أكثر من 450 أردنياً تقول عائلاتهم انهم مفقودون في العراق، في حين أشار وزير الخارجية الأردني مروان المعشر قبل أشهر الى أن كثيراً من هؤلاء "انضموا الى جماعات إرهابية".