لم تخف اسرائيل بالغ ارتياحها لفوز الرئيس جورج بوش بولاية ثانية في البيت الابيض وهي التي لم تبد اي قلق من احتمال فوز المرشح الديموقراطي جون كيري لاعتبارها رسالة الضمانات التي تسلمتها من الرئيس بوش تاريخية وملزمة بصرف النظر عن هوية الرئيس الاميركي الذي تفرزه الانتخابات لكنها مع ذلك اوصت بتفضيلها الرئيس الحالي على منافسه حيال العلاقة الشخصية الحميمة مع رئيس الوزراء آرييل شارون. ونقلت وسائل الاعلام العبرية من محافل سياسية رفيعة المستوى قولها ان اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي نامت ليلة هادئة مطمئنة الى نتائج الانتخابات حتى قبل فرزها "لانها تملك شبكة امان اميركية تتمثل برسالة الضمانات الرئاسية التي تبناها ايضاً الحزب الديموقراطي في برنامجه الانتخابي". وانها مؤكدة في كل الاحوال "وتترك الكرة في الملعب الاسرائيلي". واضافت ان ادارة بوش ستعمل عل تطبيق رؤيته "دولتين لشعبين" في اطار "خريطة الطريق" وقد تنشط اكثر في هذا الاتجاه كما ستعاود مطالبتها اسرائيل باخلاء المواقع الاستيطانية العشوائية لكن ليس فوراً "لتفهمها المصاعب التي يواجهها شارون في الملعب الحزبي". وردت هذه المحافل على اقوال السفير الاميركي لدى تل ابيب دان كيرتزر ان خطة الفصل الاحادي تشكل مرحلة انتقالية في الطريق الى تطبيق "خريطة الطريق" وقالت ان اسرائيل تشاطر واشنطن رأيها هذا لكنها تشترط الخوض في الخريطة بظهور شريك فلسطيني ينفذ اولاً الاستحقاقات الفلسطينية فيها. وكان كيرتزر طمأن اسرائيل الى ان بلاده لن تمارس ضغوطاً على الدولة العبرية وان كلمة ضغط ليست واردة في قاموسه "انما هناك حوار بين دول صديقة". واضاف ان خطة الفصل ستبقى عنصراً رئيسياً في السياسية الاميركية و من دون علاقة بهوية الرئيس المنتخب "الذي سيدعم الخطة من أجل العودة الى خريطة الطريق الدولية". وزاد ان الولاياتالمتحدة ستواصل سياسة مساعدة أطراف النزاع في الشرق الأوسط في التوصل الى تسوية سلمية تشمل سورية ولبنان. وتابع ان الادارة الاميركية تتوقع ان تفي اسرائيل بتعهداتها التي وردت في الرسالة التي سلمها مدير مكتب رئيس الحكومة سابقاً دوف فايسغلاس الى مستشارة الأمن القومي في البيت الأبيض كوندوليزا رايس وان شارون يدرك ذلك جيداً واعلن نيته تنفيذ وعوده بالكامل، في اشارة الى التعهد المتكرر بازالة المواقع الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية ووقف النشاط الاستيطاني. وختم قائلا ان قضايا الارهاب والعنف المتواصل في العراق والصراع الفلسطيني الاسرائيلي ومسألة التسلح النووي في ايران ستبقى محط الاهتمام الابرز في السياسة الاميركية الخارجية. وقال وزير الخارجية سلفان شالوم، قبل الفرز النهائي لنتائج التصويت ان اسرائيل تلقى دعما اميركيا من الحزبين الجمهوري والديموقراطي يقوم على "مصالح مشتركة وقيم وأسس مشتركة من الديموقراطية والحرية والمساواة وسلطة القانون وحقوق الانسان". لكن المدير العام لوزارة الخارجية سابقا آلون ليئل، الذي توقع ان يكون شارون "احتفل" بفوز صديقه الصدوق بوش "مثله مثل غالبية الاسرائيليين"، استبعد ان يولي بوش اهمية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي وقال ان بوسع شارون ان يطمئن الى تراجع الاهتمام الاميركي بخريطة الطريق والى مزيد من الدعم لخطوات احادية الجانب ودوعا الى دعم اميركي لمواصلة بناء الجدار الفاصل". وزاد ان نتائج الانتخابات تضمن لشارون عدم استئناف العملية السياسية في غضون الاعوام الاربعة المقبلة لأن أكثر ما ستقدمه ادارة بوش هو "إدارة النزاع". شوكة في المؤخرة من جهته، تطرق الصحافي ايتان هابر، مدير مكتب رئيس الحكومة السابق اسحق رابين، في الافتتاحية التي نشرها في صحيفة "يديعوت احرونوت" الى حجم تعلق اسرائيل بالولاياتالمتحدة واختلف مع الرأي القائل ان الرئيس بوش في جيب شارون. وكتب ان "لا دولة أخرى في العالم تتمحور حياتها حول الولاياتالمتحدة... يصعب تقدير وتصديق مدى اعتماد اسرائيل على الولاياتالمتحدة بأمنها وعلاقاتها الخارجية واقتصادها. نحن متعلقون بأميركا في السراء والضراء حتى ان المقولة الممجوجة بأن اسرائيل تعطس حين تصاب اميركا بالانفلونزا باتت غير دقيقة ومن الأصح القول ان زكاما خفيفا يتسبب في التهاب رئوي في اسرائيل ومن دون أي مغالاة يمكن القول ان حياتنا تتعلق الى حد بعيد بالولاياتالمتحدة، برئيسها وبادارتها". ويتابع، ناصحاً بعدم الارتياح للعلاقات الوطيدة قائلا ان للولايات المتحدة متاعبها الخاصة وان الصراع غير المنتهي بين اسرائيل والفلسطينيين أشبه بمادة مشتعلة في الحريق المقبل "وفي نظر اميركيين كثر نحن كالشوكة في مؤخرة اميركا وحان الأوان، برأيهم لسحبها... فيا رب بارك اميركا، وبالمناسبة اسرائيل أيضاً".