اثار الاتفاق الذي توصلت اليه ايران مع الاتحاد الاوروبي، بعد جولات من المفاوضات، الكثير من الاسئلة عن المستوى العلمي الذي يقف عنده المشروع الايراني فعلياً. واذا كانت ايران، كما عبر اكثر من مسؤول، ليست عاقدة العزم على انتاج سلاح نووي، فلماذا ثارت الاعتراضات اصلاً، خصوصاً من الولاياتالمتحدة، عن ذلك البرنامج الذي يخضع لاشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟ ويتضح من سير المحادثات ان الاوروبيين ركزوا، في مفاوضاتهم مع الجمهورية الاسلامية، على النقاط المثيرة للجدل في ذلك المشروع، والتي شكلت محل اعتراض اميركي متواصل. 11 اعتراضاً اميركياً ابدت "الجمعية النووية الاميركية" تحفظات اساسية عن الاستنتاج القائل ان المشروع الايراني لا يحمل تهديداً بانتاج اسلحة ذرية. وانسجم موقفها مع تشكك الادارة الاميركية في وجود سعي ايراني مضمر في مجال التسلح النووي. ونشرت الجمعية، مقالاً مطولاً في موقعها في شبكة الانترنت، حمل عنواناً لافتاً مفاده ان تقرير خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية يُظهر 11 مسألة غامضة. وقدم مقال "الجمعية النووية الاميركية" قراءته للتقرير. واشار الى ان الخبراء "عرضوا لاحدى عشرة مشكلة لم تجد اجابة لها"، فصلوها في الجزء الذي يحمل عنوان "مسائل بارزة وخطوات تالية". وشرح المقال تلك النقاط بالتفصيل. وبيّن ان النقطة الاولى تلخص في عدم "تقديم ايران لمعلومات كافية عن سبب شرائها 4000 مكون مغناطيس من النوع الذي يستخدم في بناء طاردات مغناطيسية من نوع "بي 2"، ومما لا يتناسب مع التفاصيل التي قدمتها ايران عن برنامجها وبرامج ابحاثها. ويحتفظ خبراء التخصيب في الوكالة الدولية بموقف متشكك من التوصيف الايراني لذلك البرنامج". والمعلوم ان اجهزة الطرد المغناطيسي تستخدم في تنقية خامات اليورانيوم، بهدف الحصول على يورانيوم صالح لاستخراج الطاقة، سواء وظف لاحقاً لانتاج سلاح ذري او في غايات استخراج الطاقة للاستخدام السلمي. وتتعلق النقطة الثانية بمواد مشعة وجد فيها المفتشون سابقاً، كميات من اليورانيوم العالي التخصيب، وكذلك اليورانيوم المنخفض التخصيب، مما اثار خشية من قيام ايران سراً بعمليات تخصيب نشطة لليورانيوم. وتؤدي تلك العمليات الى الحصول على يورانيوم، من النوع "يو 235"، الذي يمكن استخدامه في صنع قنبلة ذرية. وعن هذه النقطة، يورد المقال ان "ايران دأبت على ارجاع وجود يورانيوم من النوعين المنخفص والعالي التخصيب، الى تلوث المواد المشعة في بلد المصدر، اي باكستان. ولا تعتقد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن المعلومات التي قدمتها ايران تكفي لتفسير 36 في المئة من يورانيوم "يو 235" بتلوث المكونات من بلد المصدر، وكذلك فانها لا تفسر سبب التفاوت في درجة التلوث بين المواقع التي زارها خبراء الوكالة، ولا الفارق في التلوث بين مكونات اجهزة الطرد المصنعة محلياً وتلك المستوردة من الخارج". وتتناول النقطة الثالثة تصميم منشأة تحويل اليورانيوم: "ايران لم تلتزم بالتصاميم التي قدمتها عن وحدتها التي تقويم بتحويل اليورانيوم. وبدلاً من ذلك، استخدمت العمليات التي طورها وصممها "مركز طهران للابحاث الذرية"، مما اوجد تفاوتاً بين وثائق تصاميم المنشأة وبين ما تنجزه من عمليات. وتتحدث النقطة الرابعة عن استخدام الليزر في فصل المكونات الخام في غاز اليورانيوم. "لقد اكد خبراء التخصيب في "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" ما لوحظ سابقاً من قدرة ايران على انتاج بضعة ملغ من اليورانيوم المخصب، باستخدام الليزر، وتحديداً من نوع "يو 235"، بدقة تفوق ما تورده التقارير الايرانية الرسمية. واستنتج الخبراء كذلك ان المنشآت الايرانية التي تستخدم اشعة الليزر في فصل الانواع المختلفة من اليورانيوم المشع، تقدر راهناً على انتاج غرام واحد في الساعة، لكنها غير قادرة على العمل بصورة متواصلة، ما يفرض اعادة تقويم عمل تلك الآلات". وتتحدث بقية النقاط عن تفاوتات بين ما تورده الوثائق الرسمية الايرانية، وما وجده خبراء الوكالة، في تفاصيل المكونات الذرية، وكميات انتاج عمليات تنقية خامات البلوتونيوم، ونوعية الخامات المشعة، والمعلومات عن المنشآت. وتناول موقع مجلة "نيوساينتست" العلمية التقرير نفسه. واستهل قراءته له بنقل تصريح لمتحدث باسم مكتب وزارة الخارجية البريطانية، يصف فيه التقرير بانه "لا يمثل مسدساً ساخناً... ولكنه يثير عدداً من المسائل التي يتوجب على ايران اقناع "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" بانها تفعل ما تقول انها تفعله". واورد ايضاً ان السيد محمد البرادعي، مدير تلك الوكالة، ابدى عدم قلقه من النتائج الواردة في ذلك التقرير. ونقل تحفظات اقل حدة من قبل علماء ذرة اميركيين، مثل كوراي هينديرشتاين، الخبير في "مؤسسة العلوم والامن الدولي"، الذي صرح بأن "اكثر النقاط اثارة للمخاوف هي تلك التي لا نجد لها تفسيراً كافياً". ولاحظ الموقع ان التقرير يصف "تفسير ايران لوجود كميات من اليورانيوم العالي التخصيب، في موقعي "ناتانز" و"كايليه"، برده الى تلوث حدث في المصدر الباكستاني، يمكن ان يكون مقبولاً في صورة عامة... لكنه لا يفسر وجود كميات من اليورانيوم المنخفض التخصيب... الامر الذي يوجب التأكد من عدم وجود عمليات تخصيب نشطة". وشدد الموقع على ان البرادعي توصل الى ان التقرير يحض على التأكد من المدى الذي وصلته عمليات لانتاج كميات صغيرة من البلوتونيوم، وفي مختبرات التجارب، باعتبار انها مستمرة منذ 12 عاماً.