كرست قمة الدول الاميركية التي انعقدت في مونتيري في المكسيك الشرخ بين الشمال والجنوب، من خلال المناوشات الكلامية بين الرئيسين الاميركي جورج بوش والفنزويلي هوغو تشافيز، اضافة الى التوتر القائم بين الولاياتالمتحدةوالبرازيل، في وقت حاول المؤتمرون بصعوبة، التفاوض في شأن البيان الختامي الذي كان مقرراً ان يصدر في ساعة متأخرة امس. وافتتح اجتماع رؤساء دول وحكومات 34 بلداً في القارة الاميركية مساء اول من امس، على خلفية خلافات متعددة تتعلق بالتبادل الحر ومكافحة الفساد والفقر وتمويل التطور ومراقبة الهجرة. وكانت البرازيل الساعية الى الاطلاع بقيادة اميركا اللاتينية، وفنزويلا، تسعيان الى اعطاء الاولوية للشق الاجتماعي، فيما ترغب الولاياتالمتحدة التي تتعرض سياستها المتعلقة بالقارة الاميركية لانتقادات متزايدة، في احراز تقدم في مجال انشاء منطقة للتبادل الحر بين الدول الاميركية. جدل في شأن كوبا واستهدف الرئيس الاميركي جورج بوش كوبا الغائبة عن القمة نتيجة ابعادها عن منظمة الدول الاميركية منذ عام 1962، داعياً نظراءه الى "العمل من اجل انتقال سريع وسلمي" للسلطة في الجزيرة. وقال: "ليس هناك مكان للديكتاتورية في الدول الاميركية ... معاً، سننجح، لأن الحرية تزهر حتى في الزوايا الاكثر ظلمة من سجون كاسترو". وابدى بوش دعمه "لكل الذين يناضلون للحفاظ على الحقوق الاساسية التي منحها الله، سواء في فنزويلا او في هايتي او في بوليفيا". وفي ما يشبه الرد، اشاد الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز بحماسة بالمساعدة التي تقدمها كوبا لبلاده في حقلي التربية والصحة. وقال: "تمكنا هذه السنة من محو امية مليون شخص خلال ستة اشهر، وذلك بفضل المساعدة التي قدمتها لنا كوبا من دون مقابل ونحن هنا نعطي لقيصر ما لقيصر وما لله لله". واضاف: "وبمساعدة البرنامج الصحي الذي دعمته كوبا، استطعنا ان نقدم العناية الطبية لعشرة ملايين شخص من أصل 23 مليوناً". ويسيطر التوتر على العلاقات بين الرئيس الفنزويلي والادارة الاميركية التي تدعم فكرة اجراء استفتاء من اجل ازاحته من السلطة، وهو امر تطالب به المعارضة الفنزويلية. التجارة الحرة وبحلول مساء امس، لم يكن المشاركون في القمة توصلوا بعد الى اتفاق على عدد كبير من النقاط في البيان الختامي، لا سيما بالنسبة الى مطالبة الولاياتالمتحدة بتحديد تاريخ بدء العمل في منطقة التبادل الحر بين الدول الاميركية المقرر مبدئياً في الاول من كانون الثاني يناير 2005. ومن شأن هذه المنطقة ان تخلق سوقاً تجارياً يضم 800 مليون شخص. وترفض البرازيل اقرار الموعد في شكل نهائي. بينما ترغب دول اخرى في مقدمها الولاياتالمتحدة والى جانبها كنداوالمكسيك وتشيلي، على العكس، باحراز تقدم سريع في الموضوع، اذ ترى في التبادل الحر مفتاحاً لاحراز تقدم اجتماعي. وكانت هذه الخلافات محور محادثات الرئيس البرازيلي لويز ايناسيو لولا دا سيلفا وبوش. وأصر لولا دا سيلفا على مطلبه المتعلق بعقد "قمة للشأن الاجتماعي". واقترح على بوش إلغاء تأشيرات الدخول بين البرازيلوالولاياتالمتحدة، من اجل تهدئة التوتر الناجم عن قرار البرازيل تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل في الاجراءات الامنية المتخذة في المطارات الاميركية. ومن النقاط الايجابية في القمة انها اعطت انطلاقة للعلاقات بين الولاياتالمتحدةوالمكسيك. اذ وجد الرئيس الاميركي في شخص الرئيس المكسيكي فنسنت فوكس حليفاً مهماً، بعد ثلاثة اعوام من البرودة في العلاقات بين البلدين. ووجه بوش دعوة علنية الى "الصديق فوكس" وزوجته لزيارته في مزرعته في تكساس في آذار مارس المقبل. واشار الى ان المهاجرين المكسيكيين "يغنون امتنا"، مشدداً في الوقت نفسه على ان تكون هجرتهم موقتة.