بدأت القارة الاميركية بعد ظهر الجمعة بالتوقيت المحلي قمة في مار ديل بلاتا (شرق) ترافقت مع تظاهرات مناهضة للرئيس الاميركي جورج بوش الذي يواجه صعوبات داخلية وعزلة في اميركا اللاتينية حيث يثير مشروعه لاقامة منطقة للتبادل الحر انقسامات عميقة بين الدول الاربع والثلاثين المشاركة. وقد اقر الرئيس الاميركي الذي وصل مساء الخميس الى هذا المنتجع الواقع على ساحل الاطلسي، الجمعة بذلك خلال مؤتمر صحافي الى جانب نظيره الارجنتيني نيستور كريشنر «من غير السهل استقبالي». فقد تظاهر اكثر من عشرة الاف شخص تحت المطر في شوارع مار ديل بلاتا مرددين «بوش الفاشي انت الارهابي». وفضل نجم كرة القدم الارجنتيني السابق دييغو مارداونا عدم السير في التظاهرة بعد حصول تدافع لدى وصوله الى محطة القطارات في مار ديل بلاتا حيث كان المئات من انصاره والصحافيين في انتظاره. وتجمع نحو اربعين الف شخص بعد ذلك في استاد المدينة بحضور مارادونا هذه المرة الذي كان نجم اليوم. واوضح شافيز «الولاياتالمتحدة تخطط لاجتياح فنزويلا. وفي حال اجتاحت الامبريالية فنزويلا ستبدأ حرب المئة عام». وانضم بعد ذلك الى نظرائه وبينهم بوش الذي تجاهله في مسرح المدينة للمشاركة في حفل الافتتاح. وفي الوقت ذاته جرت مواجهات بين مئات من المتظاهرين المتشددين والقوى الامنية. وردت الشرطة باطلاق الغاز المسيل للدموع على ما افاد مراسلو وكالة فرانس برس. واضرمت النيران بفرع احد المصارف ولحقت اضرار ايضا بحوالى 15 متجرا معظمها مرتبطة باستثمارات اجنبية او تم نهبها من قبل المتظاهرين. وسيطرت الشرطة على الوضع مساء واوقفت 64 متظاهرا. ووصل شافيز الجمعة الى مار ديل بلاتا معلنا عزمه على «دفن» منطقة التبادل الحر في القارة الاميركية التي اقترحتها الولاياتالمتحدة في العام 1994. ويواجه المشروع الاميركي لاقامة سوق مشتركة واسعة ليس فقط معارضة فنزويلا بل ايضا معارضة دول تعتبر حليفة لواشنطن مثل البرازيل والارجنتين. وتتحفظ هذه الدول على الانضمام الى هذا المشروع مشددة على غياب التزامات كافية من قبل الولاياتالمتحدة بشأن فتح الاسواق الزراعية. وهذا الموضوع حساس الى درجة انه تعذر التوصل الى اتفاق بشأنه بين وزراء خارجية الدول الاربع والثلاثين المشاركة في القمة والمكلفين صياغة الاعلان الختامي. وينبغي تاليا على الرؤساء العمل حتى ظهر السبت بالتوقيت المحلي قبل اختتام اعمالهم. وتؤيد الولاياتالمتحدة والمكسيك وكندا ودول اميركا الوسطى والكاريبي وتشيلي معاودة المفاوضات حول منطقة التبادل الحر اعتبارا من العام 2006 الامر الذي ترفضه فنزويلا ودول اخرى. وقد تم حشد نحو ثمانية الاف شرط ودركي وجندي بمناسبة هذه القمة التي يشارك فيها 32 رئيس دولة وحكومة من القارة الاميركية وقد اعتذر رئيسا بنما وهندوراس عن المشاركة. ولم يدرج الزعيم الكوبي فيدل كاسترو على لائحة المدعوين باعتبار انه لا يرئس حكومة ديموقراطية. وارادت الارجنتين ادراج موضوع الفقر كاحد المسائل الرئيسية على جدول اعمال هذا اللقاء. وسجلت اميركا اللاتينية العام الماضي نموا قياسيا بلغ حوالى 5,5٪ من دون ان تتمكن من تخفيف حدة الفقر الذي يطال 220 مليونا من اصل 512 مليونا عدد سكان هذه المنطقة. من جهة اخرى، يلتقي الرئيس الاميركي جورج بوش اليوم الاحد في برازيليا للمرة الاولى نظيره البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا ليبحث معه في العلاقات الطيبة التي تربط بين البلدين بالرغم من وجود خلافات كبيرة لاسيما في مجال التجارة العالمية. وقد برزت هذه الخلافات خلال السنوات الاخيرة خصوصا من خلال المفاوضات الصعبة لاقامة منطقة للتبادل الحر بين الاميركيتين والتي هي حاليا عند نقطة الصفر. وتتضمن الخلافات ايضا بين البلدين مطالبة البرازيل بفرض عقوبات على الدعم الاميركي لمنتجي القطن وهو خلاف احيل امام هيئات منظمة التجارة العالمية التي تنظر فيه حاليا. من جهته حرص بوش في حديث نشرته هذا الاسبوع صحيفة «استادو دي ساو باولو» على التشديد على اهمية البرازيل في المنطقة. وقال «ان البرازيل بلد مهم وهو حيوي أكان بالنسبة للتجارة والتكنولوجيا ام بالنسبة لدفع الديمقراطية في المنطقة. ان البرازيل بلد كبير في هذا العالم والولاياتالمتحدة تعترف بذلك». كما عبر الرئيس الاميركي عن «احترامه» للرئيس البرازيلي. وقال بشأنه «انه رجل مهم. بالطبع لدينا تاريخ مختلف وافكار مختلفة ونحن بلدان مختلفان». من جهته قال ماركو اوريليو غارسيا مستشار لولا دا سيلفا للشؤون الدولية ان العلاقات الطيبة مع الولاياتالمتحدة لا تعني «التخلي عن اهدافنا». واقر الاخير بان بوش ودا سيلفا سيتطرقان ايضا الى مسألة فنزويلا الشائكة في ظل حكم هوغو تشافيز الذي يعد من الد اعداء بوش في اميركا الجنوبية والذي يفاوض حاليا بشأن دخول بلاده الى «مركوسور«، الاتحاد الجمركي الاميركي الجنوبي الذي يضم الارجنتين والبرازيل والباراغواي والاورغواي. لكن غارسيا استبعد امكانية ان يطالب بوش دا سيلفا الذي يقيم علاقات طيبة مع تشافيز، بلعب دور وسيط في هذا المجال، وقال في هذا الصدد «اننا لسنا خدام احد حتى ان الولاياتالمتحدة لن تطلب منا ذلك». الى ذلك، اعلن وزير خارجية كوبا فيليبي بيريز روك امس الأول الجمعة ان الرئيس الاميركي جورج بوش حصل في مار ديل بلاتا (الارجنتين) على الاستقبال الذي «يستحقه». وقال «حصل على ما يستحقه. لقد واجه التظاهرة التي يستحق. انه الرئيس الاقل شعبية في تاريخ الولاياتالمتحدة امام الرأي العام العالمي». وكان الوزير الكوبي يتحدث في سانتا كلارا (300 كلم الى شرق هافانا) حيث نظمت الحكومة الكوبية يوما ضد الحصار الاقتصادي الاميركي على الجزيرة.