"من جدارية محمود درويش" هو عنوان الشريط الذي أطلقه الفنان السوري بشار زرقان، من ألحانه وغنائه... والجدارية الدرويشية المغناة سبق لزرقان أن قدمها على مدى السنتين الماضيتين بدءاً ب"مهرجان جرش" وصولاً إلى الأمسيتين الغنائيتين اللتين قدمهما على مسرح دمشقي. وعلى رغم أن العمل لا يندرج في إطار ما ألفه جمهور المهرجانات من صنوف التلحين الغنائي الطربي، إلا أن تفاعل الجمهور التلقائي مع العمل كان واضحاً، من خلال التصفيق الحاد الذي تلا العروض. ولعل من الإنصاف القول إن إقدام زرقان على تلحين أجزاء من هذه القصيدة لمحمود درويش هو خوض في مغامرة صعبة لم تكن مضمونة النتائج. فالجداريّة من النصوص الأقل إيقاعاً في أعمال درويش، وهي تتطلب نوعاً من التلحين قاربه زرقان بإبداعه، من تنويعات موسيقية تقترب بأجوائها من الجدارية المفعمة بالتراجيديا... غير أن نجاح زرقان في التفاعل مع الجمهور من خلال الحضور القوي للعزف الموسيقي الحي، إضافة إلى الأداء المتميز للفرقة المرافقة شكلاً ومضموناً... هذا النجاح، ربما لا يجد طريقه إلى أذن مستمعي الشريط الجديد. فاعتماد زرقان في الشريط على تسجيل حي من إحدى الحفلات التي أقامها كي يستعيد، ربما، بعض الأجواء التي سادت الحفلة، قد لا يعكس بالضرورة النجاح الذي لقيه العمل على خشبة المسرح. فللمسرح أجواؤه الخاصة الطاغية التي من الصعب استحضارها على الأشرطة، وللمسرح "هفوات تقنية صغيرة" يمكن تفهمها. وربما كان في مصلحة العمل أن يقوم الفنان السوري بإعادة تسجيل عمله في الأستوديو. فذلك لم يكن لينتقص من قيمة العمل الفنيّة، اذ يمكن الإفادة من التقنيات الحديثة في تلافي ما يمكن اعتباره "هفوات تقنية مسرحية بسيطة".