أظهرت التحضيرات النهائية للمؤتمر السنوي للحزب الوطني الحاكم دلائل ومؤشرات على تحولات مهمة منتظرة في علاقته مع القوى السياسية والمنظمات غير الحكومية ربما تؤدي الى إعادة صوغ تصور الحزب لدور هذه الفعاليات في الحياة السياسية في البلاد. وتبدأ اليوم أعمال الدورة السنوية الاولى للمؤتمر العام الثامن للحزب الذي قرر عقد اجتماع سنوي لتقويم سياسات الحكومة وطرح الافكار والمقترحات المطلوبة للعام التالي وذلك في تقليد جديد غير معتاد ومنذ تأسيسه العام 1978 ظلت خلالها العلاقة بين الحزب والحكومة تتسم بتبعية الأول للأخيرة. والتقى قادة الحزب مساء امس ممثلي الجمعيات الحقوقية والمنظمات غير الحكومية في لقاء هو الأول من نوعه ويؤشر الى توجه جديد في التعاطي مع هذه الفعاليات، التي شهدت توترات وجذباً وشداً وتلامساً واتهامات للحقوقيين على مدار سنوات عدة في شأن "التبعية للخارج". وعكس اهتمام الحزب بهذا اللقاء مشاركة قيادته الرئيسة في أعماله وهم الأمين العام صفوت الشريف وأمين السياسات جمال مبارك ووزير الشباب علي الدين هلال لإدارة حوار مباشر يعتقد أنه سيعيد صوغ العلاقة بين الطرفين في المرحلة المقبلة. وحسب مصادر أمانة السياسات في الحزب فإن المؤتمر الذي يستهدف صوغ السياسات العامة الحكومية للسنة المقبلة سينتهي ايضا الى تصور عن لقاء حواري - لم يتحدد موعده بعد - مع "الاحزاب والقوى المؤثرة في المجتمع" في شأن مستقبل الأوضاع السياسية في البلاد، والعلاقة بين الفعاليات المختلفة في ضوء "إدراك الحزب للمتغيرات الدولية على مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وضرورة التفاعل معها ومواكبتها" حسب المصدر الحزبي الذي وصف مجمل هذه التطورات بأنها "سياسة مدّ الجسور مع المجتمع وفعالياته المختلفة". ووفقاً لأجندة المؤتمر سيعرض غداً رئيس المجلس الأعلى للسياسات السيد جمال مبارك ورقة نقاش وحوار في شأن "الديموقراطية وحقوق المواطنة" يتناول فيها الخطوط العامة المقترحة من قيادة الحزب لتطوير الأوضاع الديموقراطية وخطوات الاصلاح المتوقعة في الفترة المقبلة والتعديلات في التشريعات التي سيتقدم بها الحزب للحكومة في هذا السياق. وعلى رغم بروز ملف "الحريات والديموقراطية" في أجندة المؤتمر خلال الأيام الأخيرة إلا أن ذلك لم يقلل من أهمية المناقشات المنتظرة للأوضاع الاقتصادية في البلاد وانعكاساتها على تدني قدرة المواطنين على توفير حاجاتهم حيث حرص رئيس مجلس الوزراء الدكتور عاطف عبيد على المشاركة في المناقشات وترأس اللجنة المخصصة لذلك وبمشاركة اعضاء المجموعة الاقتصادية في الحكومة لا سيما بعد تفاقم أزمة الأسعار وافتقاد الخبز من الاسواق في الأسابيع الأخيرة والارتفاعات المطردة في أسعار الصرف والتي أدت الى ارتفاع قيمة الدولار لأكثر من سبعة جنيهات في السوق الخفية. ومن المقرر أن تستمر أعمال الدورة السنوية للمؤتمر ثلاثة أيام تنتهي مساء الأحد المقبل بخطاب سياسي يلقيه الرئيس حسني مبارك بصفته رئيساً للحزب بعد إعلان القرارات والتوصيات الختامية.