انخفض الدولار مقابل اليورو، أمس الاربعاء، بعدما صعد الى أعلى مستوى له في شهرين، في الوقت الذي تتطلع العملة الأميركية الى أسواق الأسهم العالمية ودلائل على الانتعاش الاقتصادي لتحديد اتجاهها في المستقبل، على حد قول محللين في لندن. عزز ارتفاع الأسهم الأميركية وعائدات السندات العالمية الدولار في الأسابيع الماضية. إلا ان ضعف مؤشر الأسهم وانتعاش أسعار السندات في اوروبا قلّصا مكاسبه أمس. وقال بلال حافظ من "دويتشه بنك" ان "العملات الرئيسة استقرت عند هذه المستويات، إثر تراجع اليورو ازاء الدولار واليورو ازاء الين يوم الاثنين". وقبل ظهر أمس، انخفض الدولار بنسبة 0.17 في المئة الى 1.1338 دولار مقابل اليورو، منخفضاً نحو سنت عن أعلى مستوى له في شهرين، الذي سجّله الثلثاء. وكان يراوح عند 1.1347 دولار لليورو في الثانية والدقيقة 31 بتوقيت لندن، بعدما سجّل الدولار أدنى مستوى له في جلسة أمس عند 1.1367. واستقرت العملة الأميركية عند 118.12 ين، فيما ارتفع اليورو نحو 0.13 في المئة خلال الجلسة الى 133.88 ين، بعدما سجّل أدنى مستوى له في نحو ثمانية أسابيع أول من أمس. وتراجع اليورو نحو سبعة ينات وستة سنتات عن المستويات القياسية التي سجّلها في أيار مايو. وقال المحللون ان المخاوف لا تزال تسود السوق من أن يؤدي هبوط الدولار دون 118 يناً الى تدخل ياباني. وتساور المتداولين شكوك حول تدخل بنك اليابان المركزي، إثر هبوط الدولار الى أدنى مستوى له في أسبوعين عند 117.55 ين أول من أمس الثلثاء، بفضل صدور احصاءات تشير الى ارتفاع الطلب على الآلات اليابانية بما يتجاوز التوقعات. وينتاب السلطات اليابانية القلق من أن يضر ارتفاع الين بقدرة صادراتها على المنافسة ويلغي أحد العوامل التي تدعم الاقتصاد الواهن. في اوروبا، تترقب الأسواق قرار البنك المركزي الاوروبي في شأن الفائدة. وخلص استطلاع لوكالة "رويترز" الى ان معظم المحللين يتوقعون ان تبقى أسعار الفائدة من دون تغيير الأسبوع الجاري. لكن البعض يتوقع خفضها في أيلول سبتمبر. وفي لندن، يبدأ بنك انكلترا المركزي بنك اوف إنغلند اجتماعاً لمدة يومين للبت في أسعار الفائدة. وسيصدر القرار بعد وقت قليل من صدور قرار البنك المركزي الاوروبي. وبلغ الجنيه الاسترليني أدنى مستوياته في شهر ازاء الدولار. كما تراجع أمام اليورو، في الوقت الذي تتزايد المخاوف من أن يخفّض البنك المركزي البريطاني أسعار الفائدة الأسبوع الجاري، مما سيضر بالعائدات. وفي استطلاع ل"رويترز" الأسبوع الماضي، توقع أكثر من نصف المحللين ألا يكون هناك تغيير في الفائدة البريطانية. وأظهرت احصاءات رسمية في لندن، أمس، ان العجز في التجارة السلعية البريطانية اتسع في شكل غير متوقع الى 4.1 بليون جنيه استرليني في أيار مايو، نتيجة انخفاض الصادرات وزيادة حادة في الواردات. وقال مكتب الاحصاءات الوطني ان العجز جاء اسوأ بكثير من متوسط توقعات الاقتصاديين التي دارت حول ثلاثة بلايين جنيه استرليني. وتم تعديل العجز صعوداً الى 3.37 بليون جنيه في نيسان أبريل. وانخفضت صادرات البضائع ب1.4 في المئة الى 15.2 بليون جنيه، وهو اسوأ مستوى العام الجاري. وعلى العكس، قفزت الواردات الى 19.3 بليون دولار. وتشير الأرقام الى ان انخفاض قيمة الجنيه مقابل اليورو في وقت سابق من السنة الجارية لم يكن له تأثير ايجابي يذكر على التجارة. وزاد العجز في التجارة مع دول الاتحاد الاوروبي التي تستخدم العملة الموحدة الى بليوني جنيه استرليني، وهو اسوأ رقم منذ شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، فيما انخفضت الصادرات الى هذه الدول بنسبة 2.6 في المئة الى 8.3 بليون جنيه، وهو أقل مستوى في نحو أربعة أعوام. ويشير ذلك الى انه على رغم هبوط الجنيه، فإن ضعف الطلب في منطقة اليورو يعني استمرار ضعف الإقبال على السلع البريطانية. من جهته، قال مفوض الشؤون النقدية الاوروبية، بيدرو سولبيس، في مقابلة نُشرت أمس، انه يعتقد ان سياسة أسعار الفائدة التي ينتهجها البنك المركزي الاوروبي "ملائمة" في مناخ الاقتصاد الكلي الحالي. وقال سولبيس لصحيفة "كوريير ديلا سيرا" الايطالية: "من المؤكد ان مسؤولية البنك المركزي تقتضي توجيه السياسة النقدية. لكني أرى السياسة الحالية ملائمة". وأشار الى انه في المناخ الاقتصادي "القاتم" حالياً، لا يرتبط إنفاق المستهلكين والاستثمار في شكل وثيق بأسعار الفائدة، وان تعزيز الثقة أساسي لتحفيز النمو. وأضاف: "لهذا السبب فان الاصلاحات مهمة". ورداً على سؤال في شأن المخاوف من عدم تحقق الانتعاش الاقتصادي قبل 2004، قال سولبيس ان ضعف معدلات النمو في في ألمانيا وايطاليا يؤثّر على اقتصاد الاتحاد الاوروبي إجمالاً. لكنه أضاف: "ومع ذلك، فقد رأينا سلسلة من الاحصاءات الايجابية. فالتضخم قيد السيطرة وأسواق الأسهم تنتعش. والآن يتعين علينا ان نمضي قدماً في الاصلاحات الهيكلية التي نحتاجها لتسريع معدل النمو".