ما يدور في السودان من مناكفات واتهامات بين الحركة الشعبية والحكومة السودانية في شأن السلام لهو مدعاة للسخرية والاستفزاز. وما يحدث في اجهزة الاعلام السودانية والهجوم على من وقعوا اعلاني القاهرة ولندن، والتذمر والتمرد في اقليم دارفور، والخلايا الارهابية التي تم اكتشافها في منطقة لقاوه، في اقليم كردفان، والاسلحة المخزونة في منطقة شارف على الحدود مع كردفان والمحرمة دولياً، لهي جميعها أدلة وبراهين، على ان هناك كارثة قد تقع في السودان على رؤوس الانقاذيين. وإلا فما هو التفسير المعقول لما يجري ويحدث؟ انه نتيجة حتمية لسوء سياسات الدولة. فالسلام في السودان لا يمكن ان يأتي من اتفاق ثنائي او ثلاثي. ولكنه يمكن ان يأتي من اجماع سوداني معارضة وحكومة، اذا توفر العدل والحرية والديموقراطية. وحكومة البشير لا تمثل الشعب السوداني. وإذا هي تمثل الشعب السوداني فما معنى العصيان في شرق السودان، وجبال النوبة ودارفور وجنوب السودان؟ وأتوقع ان تظهر حركة جديدة في حلفا، أو دنقلا. اما قضية دارفور فلا تقل اهمية عن مشكلة الجنوب. فالحكومة تعلم جيداً بما يدور في دارفور. والاهمال الذي وجده أهل دارفور، والتدهور الأمني والسياسات غير المسؤولة والخاطئة التي طبقت في هذا الاقليم اليتيم المنسي، يعرفها الاهالي. فما جدوى تغيير الولاء؟ وماذا يفيد تغيير الاجهزة الأمنية في دارفور، اللهم ان تزيد الأمور سوءاً، لأن الحكومة ليس عندها الامكانية لكي تحافظ على كل شبر في دارفور، علماً أن طبيعة دارفور تختلف تماماً عن بقية انحاء السودان، وأهل دارفور يمكن ان يختلفوا في كل شيء، ولكن لا يمكن يختلفوا في الدفاع عن أهلهم الغلابة، ساكني القطاطي. وعلى الحكومة ان تجري حواراً بناء، وأن لا تتهور في استخدام القوة. ولتعلم ان القيادة الغربية التي استخدمت في الجنوب سوف تتمرد. ودارفور مقبرة لكل متهور. أما نقد الحكومة للذين وقعوا بياني القاهرة ولندن، فلا تنسى الحكومة انها وقعت معهم من قبل في تهتدون، وتعودون، وأبوجا الأولى وأبوجا الثانية. وكان منهم من كان شريكاً في الحكم. وعلى الحكومة ان تبرئ نفسها من الاسلحة المحرمة التي تم ضبطها في اقليم دارفور ومقاتلو دارفور في اتصالات لتسليم الاسلحة المحظورة للمجتمع الدولي. وهذا ما يمهد للتدخل الدولي، لأن الأدلة واضحة معسكرات ارهابية، اسلحة محظورة، انتهاك حقوق الانسان.... والسلام قضية جوهرية تمس كل السودانيين من شرقهم وغربهم وشمالهم وجنوبهم. فالشكل الثنائي ليس المعادلة المطلوبة لتحقيق السلام في السودان. فالسلام الشامل والحقيقي لن يتحقق في السودان الا باشراك كل الاطراف التي تمثل الشعب السوداني من الجنوب والغرب والشمال والشرق، وإذا أريد لمحادثات السلام ان تتقدم لتحقيق سلام شامل وعادل ونهائي في السودان، وجب الاعتراف بأن السودان لا يختصر في حكومة البشير والحركة الشعبية. فالسودان الجديد، الذي نرجوه هو السودان الذي تنصهر فيه كل الثقافات والأعراق والقيم السودانية، متجاوزاً كل أطر الإثنية الضيقة ليستوعب الشرق والغرب والجنوب والشمال، ويكون محمياً بقيم الديموقراطية والحرية والمساواة والعدل، وإلا أتى يوم نأسف فيه على وحدة السودان. القاهرة حسن أدم كوبَر [email protected]