إطلاق 80 كائناً مهدداً بالانقراض في محمية الأمير محمد بن سلمان    انطلاق المؤتمر الدولي لأكاديميات الشرطة    السعودية الأولى خليجياً وعربياً في مؤشر الأداء الإحصائي    «الجناح السعودي».. ينطلق في «الصين الدولي للطيران والفضاء»    وزير الخارجية: حل الدولتين السبيل الأوحد لتحقيق السلام    «الرابطة» تُرحِّب بقرارات القمّة العربية والإسلامية    رئيس بولندا يشكر خادم الحرمين وولي العهد    الفرج يقود الأخضر أمام «الكنغر»    إحالة ممارسين صحيين للجهات المختصة.. نشروا مقاطع منافية لأخلاقيات المهنة    إسناد التغذية والنقل ل«جودة الخدمات» بإدارات التعليم    «التقني»: إلغاء إجازة الشتاء وتقديم نهاية العام    وزير الداخلية يرعى حفل جامعة نايف وتخريج 259 طالباً وطالبة    وزير الحرس الوطني يفتتح قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية    في بيتنا شخص «حلاه زايد».. باقة حب صحية ل«أصدقاء السكري»    ماذا لو نقص الحديد في جسمك ؟    المملكة تحذر من خطورة تصريحات مسؤول إسرائيلي بشأن فرض سيادة الاحتلال على الضفة الغربية    الأهلي يطرح تذاكر مواجهته أمام الوحدة في دوري روشن    غارات إسرائيلية عنيفة على ضاحية بيروت    الذهب يستقر قرب أدنى مستوى في شهر مع انتعاش الدولار    سعود بن نايف يستقبل أمين «بر الشرقية»    أمير الرياض يستعرض إنجازات «صحية تطوع الزلفي»    أمير القصيم يطلق مبادرة الاستزراع    تطوير وتوحيد الأسماء الجغرافية في الوطن العربي    الاتفاق يعلن اقالة المدير الرياضي ودين هولدين مساعد جيرارد    مقتل ضابط إسرائيلي وأربعة جنود في معارك بشمال غزة    نقلة نوعية غير مسبوقة في خدمة فحص المركبات    استعادة التنوع الأحيائي في محمية الأمير محمد بن سلمان    "الحج المركزية" تناقش موسم العمرة وخطط الحج    رحب بتوقيع" وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين".. مجلس الوزراء: القمة العربية والإسلامية تعزز العمل المشترك لوقف الحرب على غزة    فوبيا السيارات الكهربائية    «نأتي إليك» تقدم خدماتها ب20 موقعًا    مجلس الوزراء يجدد التأكيد على وقوف المملكة إلى جانب الأشقاء في فلسطين ولبنان    ولادة أول جراء من نمس مستنسخ    الأخضر يحتاج إلى وقفة الجميع    المنتخب السوداني يسعى لحسم تأهله إلى أمم أفريقيا 2025    «طريق البخور».. رحلة التجارة القديمة في العُلا    السِير الذاتية وتابوهات المجتمع    أحمد محمود الذي عركته الصحافة    وفاء الأهلي المصري    للإعلام واحة    إضطهاد المرأة في اليمن    يسمونه وسخًا ويأكلونه    يأخذكم في رحلة من الملاعب إلى الكواليس.. نتفليكس تعلن عن المسلسل الوثائقي «الدوري السعودي»    «سامسونغ» تعتزم إطلاق خاتمها الذكي    «الغذاء»: الكركم يخفف أعراض التهاب المفاصل    التحذير من تسرب الأدوية من الأوعية الدموية    الرهان السعودي.. خيار الأمتين العربية والإسلامية    أسبوع معارض الطيران    جمعية يبصرون للعيون بمكة المكرمة تطلق فعاليات اليوم العالمي للسكري    إطلاق 80 كائنا فطريا مهددا بالانقراض    نائب الرئيس الإيراني: العلاقات مع السعودية ضرورية ومهمة    التوقيع على وثيقة الآلية الثلاثية لدعم فلسطين بين منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الإفريقي    الرئيس السوري: تحويل المبادئ حول الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين ولبنان إلى واقع    الأمر بالمعروف بجازان تفعِّل المحتوي التوعوي "جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة التطرف والإرهاب" بمحافظة بيش    البرهان: السودان قادر على الخروج إلى بر الأمان    اطلع على مشاريع المياه.. الأمير سعود بن نايف يستقبل أعضاء الشورى المعينين حديثاً    أمير الرياض يطلع على جهود الأمر بالمعروف    مراسل الأخبار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصراع في دارفور.. القصة الكاملة (2 - 6)


الخرطوم – فتحي العرضي
الإقليم يملك احتياطيا نفطياً يقدَّر بسبعة مليارات برميل
دارفور فيها ثالث أكبر مخزون يورانيوم بواقع ستة ملايين طن
القوات الدولية المنتشرة في الإقليم تطلب من الحكومة حمايتها
يُعرف إقليم دارفور في السودان ب «موطن الرجال»، فمنه خرج أبطال سطروا بدمائهم أروع ملاحم التاريخ السوداني وحرروا بلدهم من حكم المستعمر التركي.
ودارفور تعنى «موطن الفور»، وترجع تسمية الإقليم بهذا الاسم إلى قبيلة الفور، وهي إحدى أكبر قبائل الإقليم، وكانت دارفور مملكة إسلامية مستقلة حكمها عدد من السلاطين كان آخرهم وأشهرهم السلطان على دينار الذي يعتبره الدارفوريون أب الثورة، حيث استُشهِد وهو في أرض القتال ضد المستعمر الإنجليزي، وكان الإقليم يُحكَم في ظل حكومة فيدرالية يدير فيها زعماء القبائل مناطقهم حتى سقوط هذا النظام خلال الحكم العثمانى.
وفي هذا الملف الخاص، الذي تقدمه «الشرق» لقرائها على مدار أسبوع، ترصد الصحيفة القصة الكاملة للصراع في دارفور خلال السنوات الماضية، وتفاصيله الدقيقة من أفواه من صنعوه، كما تناقش معهم ملامح مستقبل الإقليم وعلاقة أبنائه وسياسييه بالخرطوم.
ويقدم الملف معلومات تكشف لأول مرة عن دور جهات خارجية في صراع دارفور وعلاقة الحركة الشعبية لتحرير السودان، التي تحكم دول الجنوب الآن، بما كان يجري في الإقليم.
تسببت الأطماع الدولية في ثروات دارفور الغنية بالمعادن والأرض الخصبة في إشعال جذوة الصراع في الإقليم، واعتبر بعض المحللين السياسيين الصراع في دارفور صراعا أمريكيا صينياً باعتبار أن الصين تسعى لخلق النموذج الصيني للتنمية، وأن السودان عموماً، ودارفور خصوصاً أرضية مناسبة لخلق هذا النموذج.
بدورها، أرادت الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الكبرى في المنطقة إسرائيل» فرملة» النفوذ الصيني من التمدد في منطقة غرب إفريقيا، لذلك أشعلت الصراع في الإقليم، هذا من جانب،و من جانب آخر أرادات الولايات المتحدة إلهاء الحكومة السودانية بجبهة دارفور بهدف الضغط عليها لتقديم المزيد من التنازلات في المفاوضات التي كانت تجري في دولة كينيا مع ثوار جنوب السودان «الحركة الشعبية لتحرير السودان». وبالفعل نجحت أمريكا في الضغط على الحكومة السودانية لتوقيع اتفاق نيفاشا بصوَر حققت الكثير من المكاسب للجنوب من بينها منحه حق تقرير المصير الذي أفضى لانفصال جنوب السودان وتكوين دولته المستقلة.
ودارفور تعنى موطن الفور، وترجع تسمية الإقليم بهذا الاسم إلى قبيلة الفور، وهي إحدى أكبر قبائل الإقليم، وكانت دارفور مملكة إسلامية مستقلة حكمها عددٌ من السلاطين كان آخرهم وأشهرهم السلطان علي دينار الذي يعتبره الدارفوريون أبا للثورة حيث استشهد وهو في أرض القتال ضد المستعمر الإنجليزي.
دارفور.. تاريخ مليء بالصراع
وكان الإقليم يُحكَم في ظل حكومة فيدرالية يحكم فيها زعماء القبائل مناطقهم حتى سقوط هذا النظام خلال الحكم العثماني، وقد قاوم أهل درافور الحكم التركي الذي دام عشر سنوات، وقامت خلال هذه الفترة عدة ثورات من أشهرها ثورة هارون التي قضى عليها غردون باشا عام 1877م، وعند قيام الثورة المهدية سارع الأمراء لمبايعة المهدي ومناصرته حتى نالت دارفور استقلالها بعد نجاح الثورة المهدية.
ولم يدم استقلال الإقليم طويلا حيث سقط مجدداً تحت حكم المهدية عام 1884م الذي وجد مقاومة عنيفة حتى سقطت المهدية عام 1898م، فعاد السلطان علي دينار ليحكم دارفور.
وعند اندلاع الحرب العالمية الأولى أيد سلطان دارفور الدولة العثمانية التي كانت تمثل مركز الخلافة الإسلامية؛ الأمر الذي أغضب حاكم عام السودان الإنجليزي، وأشعل العداء بين السلطنة والسلطة المركزية، والذي كانت نتيجته الإطاحة بسلطنة دارفور وضمها للسودان عام 1917م. ويصل عدد سكان دارفور إلى ما يقرب من ستة ملايين نسمة، يستخدمون لغات محلية إلي جانب اللغة العربية.
ويسكن دارفور عددٌ كبير من القبائل التي تنقسم إلى مجموعتين، مجموعات القبائل المستقرة في المناطق الريفية مثل «الفور»، «المساليت»، «الزغاوة»، «الداجو»، «التنجر» و»التاما»، إضافة إلى مجموعات القبائل الرحّل التي تتنقل من مكان لآخر مثل «الأبالة»، «المحاميد»، «مهرية»، «بني حسين»، «الرزيقات»، «المعالية» و»السلامات» و»البني هلبة» و»الحيمات» و»الترجم» و»القمر» و»الميدوب».
وغالبية القبائل المستقرة من الأفارقة تتكلم لغات محلية بالإضافة للعربية، وبعضهم من العرب، أما غالبية قبائل الرحل فهم عرب ويتحدثون اللغة العربية ويمتهنون الرعي، والجزء الآخر من سكان دارفور أفارقة، ويكثر في دارفور غابات الهشاب الذي تثمر الصمغ العربي فضلا عن حقول القطن والتبغ في الجنوب الغربي من الإقليم.كما تنمو أشجار الفاكهة المختلفة وتزرع الخضر في جبل مرة الذي يتميز بمناخ البحر الأبيض المتوسط، وتتم في بعض مناطق دارفور زراعة القمح والذرة، وسجلت أراضي دارفور أعلى معدلات إنتاجية في العالم، وتمتاز دارفور بثروة حيوانية كبيرة قوامها الإبل والغنم والبقر، وتضررت هذه الثروة عندما ضرب الجفاف الإقليم في بداية السبعينات، وفضلا عن الحيوان والزراعة فإن في الإقليم معادنَ ونفطا.
ويمتد إقليم دارفور من الصحراء الكبرى، ويتميز مناخ الإقليم بالسافانا الفقيرة في وسطه إلي السافانا الغنية في جنوبه، وبه بعض المرتفعات الجبلية وأهمها جبل مرة الذي يبلغ ارتفاعه 3088 مترا حيث توجد أكثر الأراضي الدارفورية خصوبة، كما ينقسم الإقليم إداريا إلى خمس ولايات، وهي: شمال دارفور وعاصمتها مدينة الفاشر، وجنوب دارفور وعاصمتها مدينة نيالا، وغرب دارفور وعاصمتها الجنينة، وشرق دارفور وعاصمتها الضعين ووسط دارفور وعاصمتها كاس.
وتقدر مساحة الإقليم بخمس مساحة السودان، وتبلغ 510 ألف كيلومتر، وتحد الإقليم ثلاث دول، من الشمال الغربي ليبيا، ومن الغرب تشاد ومن الجنوب الغربي أفريقيا الوسطى، فضلا عن متاخمته لبعض الولايات السودانية مثل ، كردفان والولاية الشمالية.
وتضم ولاية غرب دارفور حوالي 58 قبيلة، أما جنوب دارفور فيضم حوالي 83 قبيلة، وبدارفور أكثر من 25 لغة محلية بجانب اللغة العربية. وقبل الحرب الأهلية كان سكان دارفور مسلمين 100 %، إلا أنه بعد الحرب تنصَّر بعض الدارفوريين فيما أصبح البعض لادينيين . وتعتبر اللغة العربية لغة التخاطب الرسمي في الإقليم بجانب لغات محلية أخرى مثل لغة الفور والزغاوة والميدوب (لغة نوبية قادمة من شمال السودان) والتنجر والداجو.
ورغم اعتناق أهل دارفور للإسلام إلا أنهم متمسكون كثيرا بإرثهم الثقافي ولغاتهم المحلية، وتنقسم دارفور عرقيا الى مجموعتين، «الزرقة» وهم مجموعة القبائل ذات الأصول الإفريقية، و»البدو» وهم القبائل ذات الأصول العربية، ويسكن منطقة شمال دارفور رعاة الإبل، ويُطلَق عليهم محليا «الأبالة«.
أما جنوب دارفور فتسكنه أقلية من العرب الرحل رعاة البقر ويُطلَق عليهم اسم «البقارة»، وتخلو أغلب الأراضي في الجزء الشمالي من دارفور من السكان، والجزء الشمالي من دارفور أراضيه صحراوية وشبه صحرواية مناخها جاف وقليلة الأمطار وتربتها رملية وتضاريسها وعرة للغاية، ماعدا الجنوب الغربي فأراضيها طينية تصلح للزراعة، وتوجد واحات في أقصى الشمال «واحة المالحة والعطرون».ويسكن غالبية السكان في الريف في الأجزاء الجنوبية والغربية ويمتهنون الزراعة ونسبة قليلة منهم تسكن المناطق الحضرية ومجموعة أخرى متجولة كرعاة إبل، وجزء قليل من السكان يقطنون الواحات في أقاصي الشمال، وتخلوا أغلب أراضي الجزء الشمالي من السكان.
وسكان هذا الجزء يتوزعون في شكل مجموعات قبلية أهمها البرتي، والفور، وزغاوة، الرزيقات، التنجر، الميدوب، والزيادية وهذه القبائل تضم عدة بطون، ولكن الخارطة السكانية لدارفور تغيرت لعدة أسباب، أهمها الجفاف والتصحر والحرب.وتعتبر أجزاء دارفور الشمالية والشمالية الغربية والشرقية جزءاً من مناطق العطش في السودان التي تقع بين خطي عرض (10ْ و16ْ) شمالاً، وترك العطش بصماته واضحة على الإنسان والحيوان والنبات، وأجبرت قلة الأمطار في هذه الأجزاء الإنسان والحيوان على الهروب والهجرة إلى الأجزاء الجنوبية ومدن السودان الكبرى.
أما الأجزاء الجنوبية فيقطنها أكثر من (72%) من سكان الريف لاسيما جبل مرة والأجزاء الجنوبية والجنوبية الغربية لدارفور، فيما يسكن 27% المدن، ويتمركز الحضر بصورة أساسية في محافظة نيالا وبعض مدن المراكز الإدارية مثل رهيد البردي، والضعين، وعد الفرسان وتلس.
وينتشر سكان هذه الأجزاء في شكل مجموعات قبلية بلغت حوالى 84 قبيلة رئيسة وفرعية أهمها الرزيقات، المسيرية، الهبانية، السلامات، الصعدة، المعاليا، التعايشة، البقو، بني هلبة، البرنو، وهناك عرب رُحَل لا يعرفون الحدود السياسية وهم معروفون بحركتهم الدائبة طلباً للرعي والماء مثل الأمبررو.وكذلك ارتبطت الخارطة السكانية في الأجزاء الغربية لدارفور بصفات التربة والمناخ حيث يتدرج المناخ من سافانا فقيرة في الشمال إلى مناخ شبه صحراوي في الوسط إلى سافانا غنية، وفي الجنوب إلى الشرق يسود مناخ البحر الأبيض المتوسط، وكذلك تتدرج الأمطار من (180) ملم في أقصى الشمال إلى (800) ملم في أقصى الجنوب، وتبعاً لهذا التوزيع تتدرج الكثافة السكانية من أقصى الشمال وتزداد كلما اتجهنا جنوباً، ولا يزيد عدد الذين يقطنون المناطق الحضرية عن (10%) في الجنينة وزالنج.
بداية المشكلات في دارفور
بدأت المشكلات في دارفور منتصف حقبة ثمانينات القرن الماضي بسبب الجفاف وشح الأمطار الذي أدى إلى نزوح معظم السكان الرعاة من الجزء الشمالي إلى الجزء الجنوبي طلباً للماء والكلأ، وترتب على ذلك ظهور النزاعات بين أصحاب المواشي وأصحاب المزارع، وحدثت بعض حالات القتل، والتي تصاعدت لتأخذ طابع العمليات الثأرية القبلية.
كذلك أدت السياسات وتداعيات الأحداث والوقائع في دول الجوار إلى انتشار السلاح بقدر كبير في الإقليم، حيث قامت الحكومة الليبية بتجنيد حوالي ثلاثة فرق عسكرية من سكان جنوب ليبيا وشمال تشاد وشمال دارفور وبعض دول غرب إفريقيا، أطلقت عليها تسمية الفيلق العربي، وبعد فترة من الصراع المسلح داخل تشاد انسحب أفراد هذا الفيلق بكامل أسلحتهم إلى دارفور، كذلك بعد انهيار نظام الرئيس باتاسييه في إفريقيا الوسطى، انسحب كل جيش إفريقيا الوسطى (حوالي 4 فرق عسكرية) بكامل أسلحته ومعداته إلى داخل دارفور، وأيضاً بعد انتهاء الحرب الأهلية التشادية، انسحبت كل الفصائل والميليشات المسلحة التشادية (حوالي 11 فصيلاً) بكامل أسلحتها إلى دارفور أيضاً.ولعب العامل الخارجي دوراً في تصعيد نزاعات دارفور ذات الطابع المحلي والقبلي، وبالذات أمريكا، والتي اتفقت مع فرنسا من أجل السيطرة على دارفور، واقتسام مواردها، والتي تتضمن ستة ملايين طن من خام اليورانيوم العالي النقاء (ثالث أكبر مخزون يورانيوم في العالم)، كذلك توجد في إقليم دارفور مخزونات نفطية كبيرة تخطط فرنسا وبريطانيا وأمريكا من أجل استخراجها في المستقبل وربط إمداداتها بمشروع خط أنابيب غرب إفريقيا الذي سوف تشرف عليه الشركات الأمريكية والفرنسية والبريطانية.
وكثيرا ما عرف إقليم دارفور صراعات بين الرعاة والمزارعين تغذيها الانتماءات القبلية لكل طرف، فالتركيبة القبلية والنزاع على الموارد الطبيعية الشحيحة كانت وراء أغلب النزاعات، وغالبا ما يتم احتواؤها وتسويتُها من خلال النظم والأعراف القبلية السائدة، ويمثل إقليم دارفور نظرا لحدوده المفتوحة ومساحته الشاسعة ولوجود قبائل عديدة لها امتدادات داخل دول أفريقية أخرى، منطقة صراع مستمر تأثرت أيضا بالصراع التشادي – التشادي والصراع التشادي – الليبي حول شريط أوزو الحدودي، وأيضاً بالصراعات الداخلية لأفريقيا الوسطى فراجت في إقليم دارفور تجارة السلاح، كما تفاعلت قبائل الإقليم مع تلك الأزمات.
وتعتبر دارفور قاعدة تشاد الخلفية فجميع الانقلابات التي حدثت في دولة تشاد تم تدبيرها من دارفور، ما عدا أول انقلاب أطاح بفرانسوا تمبلباي الذي كان أول رئيس لتشاد بعد استقلالها عن فرنسا، فالإطاحة بالرئيس فيليكس مالوم أو جوكوني عويدي ونزاع حسن هبري مع الرئيس الحالي إدريس ديبي ارتبط بإقليم دارفور الذي كان القاعدة الخلفية للصراعات التشادية الداخلية. ويشكل الإقليم نقطة تماس مع ما يعرف بالحزام الفرانكفوني»مناطق النفوذ الفرنسية» (تشاد، النيجر، أفريقيا الوسطى، الكاميرون)، وهي الدول التي كانت تحكمها فرنسا أثناء عهد الاستعمار، لذلك يسهل – حسب المراقبين- فهم الاهتمام الفرنسي بما يجري في الإقليم في الوقت الراهن، وتُعرَف دارفور بأنها غنية بالمواد الخام مثل البترول ويعتقد أن هناك احتياطي نفط فيها يبلغ سبعة مليارات برميل.
الأمن والاقتصاد في الإقليم
كانت الحكومة السودانية قد اتفقت مع الأمم المتحدة على نشر قوات دولية في دارفور، إلا أن انتشار هذه القوات لم يوفر الأمن للدارفوريين لأن هذه القوات نفسها أصبحت في حاجة للحماية من قطّاع الطرق، حيث أصحبت هدفا للحركات الدارفورية المسلحة التي نشطت في اختطاف جنودها، حتى أن القوات الدولية طلبت الحماية من الجيش السوداني، لكن أكثر الأسباب التي عرقلت في السابق دخول القوات الدولية لدارفور هو اعتراض الحكومة السودانية على بعض الدول التي سيشكل جنودها جزءاً من تلك القوات كالولايات المتحدة الأمريكية.
وتشير التقديرات الدولية لضحايا نزاع دارفور المسلح منذ عام 2003 إلى 300 ألف قتيل، وما لا يقل عن 2.7 مليون مشرد، إلا أن الحكومة السودانية نفت صحة هذه الأرقام، وقالت إن عدد الضحايا لم يتجاوز ال 14 ألف قتيل. وغيَّر الصراع المسلح في دارفور منذ اندلاعه خارطة الإقليم على كافة الأوجه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بل تغير شكل المجتمع الدارفوري الذي يعُرِفَ على امتداد التاريخ بالتسامح والتعافي.
وتفاقمت أزمة الإقليم التي فجرتها الحركات المسلحة بدواعي التهميش وغياب التنمية، بل إن الحركات التي قادت الصراع منذ 2003 ضد المركز باسم حقوق الإقليم عصفت بها الكثير من المطبات ووضعتها بشكل حقيقي فى محك وحدتها أولاً، فانشطرت إلى حركات أميبية وصلت إلى 42 حركة مسلحة.
من جهتها، سعت الحكومة السودانية لحل الأزمة الدارفورية من خلال إيجاد تسوية سلمية سياسية للازمة، وانخرطت الحكومة في مفاوضات ماراثونية شاقة مع الحركات الدارفورية المسلحة في عددٍ من العواصم الإفريقية، كانت آخرها العاصمة النيجيرية أبوجا، حيث أفلحت جهود الوساطة الإفريقية والدولية في توقيع اتفاق سلام أبوجا مع جزء من الحركات الدارفورية.
إلا أن معظم الحركات انسحبت من عملية التوقيع على الاتفاق، فيما وقع القائد مني أركو مناوي قائد حركة تحرير السودان على الاتفاق، وعُيِّنَ بموجبه رئيسا لسلطة دارفور وكبيرا لمساعدي الرئيس البشير، إلا أن الاتفاق لم يفلح في إيقاف الحرب وتحقيق السلام على الأرض، مما أفشل أبوجا.وبدأت الحكومة السودانية مجددا رحلة البحث عن السلام، وكانت وجهتها هذه المرة نحو العاصمة القطرية الدوحة التي احتضنت المبادرة العربية الإفريقية الدولية، وبالفعل بدأت سلسلة من المحادثات مع الحركات المسلحة تُوِّجَت بتوقيع اتفاق إطاري مع حركة العدل والمساواة الدارفورية بزعامة رئيسها الراحل الدكتور خليل إبراهيم، إلا أنه سرعان ما انهار الاتفاق، لتبدأ الحكومة جولة جديدة مع حركة التحرير والعدالة، وهي تجمع لعدد من الحركات الدارفورية المسلحة، لتتوصل معها الحكومة لاتفاق سلام عُرِفَ ب «وثيقة الدوحة لسلام دارفور».
وتزامن توقيع سلام دارفور في الدوحة مع تمرد مني أركو مناوي رئيس سلطة دارفور بصحبة والي ولاية غرب دارفور السابق أبوالقاسم إمام ليشكلا تنظيما مسلحا ضد الحكومة بالتحالف مع الحركة الشعبية لتحرير السودان القطاع الشمالي باسم الجبهة الثورية للإطاحة بالحكومة.
الصراع في دارفور.. القصة الكاملة:
1. مفجر التمرد الدارفوري شوقار ل الشرق: استئثار الشمال بالسلطة والثروة دفعنا للخروج عليه..ونستطيع فرض الأمن دون قوات دولية
2. أرض النفط واليورانيوم تتحول إلى مخزن عالمي للأسلحة
آليات الحرب تنتشر (الشرق)

دارفور


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.