يشكل غياب الأمن العقبة الرئيسية أمام جهود اعادة الاعمار وتوزيع المساعدات الانسانية في العراق على رغم مرور اكثر من شهر على سقوط النظام العراقي. ويسعى الحاكم المدني الاميركي في العراق بول بريمر والجنرال جاي غارنر الى تعزيز الاجراءات الأمنية لوضع حد للفوضى. وحذر المفوض الاوروبي للشؤون الانسانية من ان العراق مهدد بكارثة انسانية اذا لم يستتب الأمن، فيما قتل تسعة اطفال في انفجار قنابل من مخلفات الحرب في محافظة ميسان. وذكرت مصادر صحافية ان القوات الاميركية اقترحت استقدام قوات "البشمركة" الى بغداد لحفظ الامن، فيما اعتقل مسؤول عراقي جديد هو الرقم 28 في لائحة المطلوبين. نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين اميركيين قولهم بعد اجتماعهم مع بول بريمر أول من أمس ان قوات التحالف في العراق ستتلقى قريباً اوامر باطلاق النار على اللصوص في اطار استراتيجية امنية جديدة للحاكم المدني الجديد. وتقضي هذه الاستراتيجية ايضاً بتعزيز عدد عناصر الشرطة والحؤول دون تسلم اي مسؤول عراقي رفيع سابق مسؤوليات في الدوائر الرسمية العراقية حسب ما نقل المصدر نفسه. وقال مسؤول شارك في الاجتماع الذي عقده بريمر الثلثاء مع كبار المسؤولين في فريقه غداة وصوله الى بغداد خلفاً لجاي غارنر "سيباشرون اطلاق النار على عدد من اللصوص لكي تصل الرسالة" الى كل المشاركين في اعمال النهب والسرقة. واضاف هذا المسؤول "لقد اكد بشكل واضح انه هو الذي بات يدير الامور" في العراق متوقعاً تغييراً "في الايام المقبلة للسيطرة على الوضع". لكن الكابتن الاميركي جون سماثرز من مكتب المدعي العام العسكري في بغداد اعلن انه لم يحصل اي تغيير بعد في قواعد التدخل في العراق. وقال: "نطلق النار في حال كان هناك تهديد قاتل من جانب اللصوص او اذا كان هؤلاء مسلحين، وانا لم ار اوامر جديدة". من جهته، قال الجنرال جاي غارنر رئيس مكتب اعادة الاعمار والمساعدة الانسانية في العراق، ان "العقبة الرئيسية في وجه مساعدة الشعب العراقي هي غياب الامن" الناجم عن اعمال اللصوص وغيرهم من الاشخاص الذين يستغلون الفوضى السائدة. وجاء تأكيد غارنر الموجود في العراق، في تصريح مكتوب قدمه الى اللجنة الفرعية للاصلاحات الحكومية في مجلس النواب، التي كانت تناقش مسألة مساعدة الشعب العراقي. وشدد غارنر على ان احلال الامن له اهمية بالغة ولا سيما في بغداد التي وصفها بأنها "مركز الجاذبية"، وقال: "كل شيء ينشأ حول الامن". واعتبر ان الشغل الثاني "دفع الرواتب للموظفين المدنيين باستخدام اموال عراقية مجمدة". واضاف انه يجب ايضا تدريب عناصر للشرطة، مشيراً الى ان ما بين 6000 و7000 من رجال الشرطة يشاركون في برنامج تدريبي. وقال ان من الاهداف الاخرى للادارة منع ازمة وقود وشراء المحاصيل وسد فجوات نظام توزيع الاغذية ومنع تفشي الامراض. من جهتها رأت مارغريت حسن مسؤولة منظمة "كير" غير الحكومية في العراق ان شاحنتين لهذه المنظمة أجبرتا على تغيير مسارهما تحت تهديد رجال مسلحين السبت بينما نهب الأحد مستودع للمنظمة في بغداد وجرح حارس بالرصاص. من جهته رأى نائب رئيس "اللجنة الدولية للاغاثة" انترناشيونال ريسكيو كوميتي جورج بيدا ان "العسكريين الاميركيين البالغ عددهم مئتي ألف في العراق غير قادرين على المحافظة على النظام، وليس هناك اي ادارة قضائية". ودعا قوات التحالف الى ان "تدول بسرعة جهود حفظ السلام لاعادة القانون والنظام". والتقى بريمر أمس منسق الشؤون الانسانية في الاممالمتحدة راميرو لوبيس دا سيلفا في بغداد، وبحث معه "في كيفية تمكين الوكالات المتخصصة من مساعدتنا في اعادة العراق الى العراقيين". من جهة أخرى أعلنت وزارة الدفاع الاميركية ان جاي غارنر سيغادر منصبه في منتصف الشهر المقبل، علماً بأن وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد اشاد بغارنر الذي يتعرض لانتقادات ظالمة حسب قوله معتبراً انه يقوم "بعمل رائع" في العراق. الى ذلك، ذكرت صحيفة "التآخي" الكردية الصادرة عن الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني ان قوات التحالف قدمت اقتراحاً للفصيلين الكرديين للمساهمة في اعادة الامن والاستقرار الى احياء بغداد من خلال استقدام قوات البشمركة الكردية. وقالت الصحيفة ان "قوات التحالف طرحت قبل ايام اقتراحاً امام الحزبين الكردستانيين للمساهمة في اعادة الامن والاستقرار الى احياء العاصمة بغداد". واضافت ان "الحزبين قبلا بذلك فوراً الا ان قوات التحالف لم ترد بعد على كيفية تنفيذ ذلك". وتعاني بغداد خصوصاً من عصابات من اللصوص تعيث فساداً في المدينة وتزرع الرعب فيها خصوصاً في الليل حيت تنعدم الحركة تقريباً. كما ان الخدمات الاساسية مثل الكهرباء والماء لا تزال مقطوعة عن احياء كثيرة في العاصمة العراقية، فضلاً عن انقطاع خطوط الهاتف فيما المستشفيات في حال يرثى لها.