يشير التاريخ السياسي لبول بريمر الدبلوماسي السابق الذي عينه الرئيس الأمريكي جورج بوش مساء الثلاثاء موفدا رئاسيا في العراق إلى أنه من أشد أعداء الأصولية الإسلامية، وصديق لإسرائيل يؤيدها في سلوكياتها، كما أنه داعية لفكرة الاغتيال السياسي؟ وبول بريمر دبلوماسي سابق محافظ تربطه صداقات متينة بالجمهوريين ويعتبره الأمريكيون واحدا من افضل الاخصائيين في الولاياتالمتحدة في مكافحة الإرهاب ومواجهة الأزمات. وبريمر (61 عاما) الذي سيتولى زمام الامور في العراق بعدما اعلن الرئيس الاميركي جورج بوش أمس الثلاثاء تعيينه موفدا رئاسيا في العراق، امضى الجزء الاكبر من حياته المهنية في الاوساط الدبلوماسية حيث تولى خلال 23 عاما من نشاطه الدبلوماسي منصب مساعد لست وزراء خارجية متعاقبين. وعين بريمر سفيرا مطلق الصلاحية لمكافحة الإرهاب (1986-1989) في عهد الرئيس رونالد ريغان وواصل بعدها نشاطه كمستشار عبر انضمامه كمدير الى "كيسنيجر اسوشييتس" مكتب الاستشارات الذي يملكه وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر. وفي تشرين الاول/اكتوبر 2000 انضم بول بريمر الى مجموعة "مارش اند ماكلينان كومبانيز" (ام سي سي) وهي شركة متخصصة في المخاطر السياسية وتسدي النصح الى شركات خاصة تواجه اوضاع ازمات. وهو يتولى منذ تشرين الاول/اكتوبر 2001 رئاسة "مارش كرايسيز كونسالتينغ" احد فروع "مارش ماكلينان". وخلال حياته الدبلوماسية تولى بريمر عدة مناصب في افغانستان وملاوي والنروج قبل ان يعين سفيرا في هولندا (1983-1986). وفي العام 1999، عين رئيسا للجنة الاستشارية القومية حول الارهاب في مجلس النواب الاميركي. وفي شهادة امام الكونغرس في حزيران/يونيو 2000، حلل فيها منحى الارهاب خلال السنوات العشر الاخيرة حذر من احتمال وقوع اعتداء مدمر جدا في الولاياتالمتحدة شبيه بالهجوم على بيرل هاربور. وبعد اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 اعرب بريمر عن "صدمته لكني لم افاجأ" مشددا على ثقافة "المسايرة" تجاه الارهاب التي وقعت فيها اجهزة الاستخبارات الاميركية على حد قوله. وفي حزيران/يونيو 2002 عينه الرئيس جورج بوش عضوا في المجلس الاستشاري للبيت الابيض حول الامن الداخلي. ويتولى بريمر ايضا مناصب عدة في القطاع الخاص لا سيما مدير شركة "اير برودكتس اند كيميكال" وهم عضو في مجلس رقابة مجموعة "اكزو" الكيميائية. وقبيل الحرب في العراق توقع بريمر خطأ ان حلفاء الولاياتالمتحدة التقليديين ولا سيما الاوروبيين سيجدون في النهاية وسيلة للانضمام الى التحالف الاميركي البريطاني. وبريمر المقرب من المحافظين الجدد في البنتاغون ومن وزير الدفاع دونالد رامسفلد رجل انيق معروف بصرامته وصراحته ويؤيد اعتماد نهج متشدد مع الدول التي تتهمها واشنطن برعاية الارهاب الدولي. وفي هذا المجال يدعو الى اعتماد سياسة هجومية تشمل على سبيل المثال القاء القبض او اغتيال مسؤولي تنظيم القاعدة في العالم باسره. وبريمر مؤيد لإسرائيل بشدة، وقد عبر عن تأييده لسياسة الاغتيالات وهدم المنازل التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية معتبرا أن ذلك وسيلة ناجعة هم مضطرون إليها لمحاربة الإرهاب الفلسطيني حسب قوله . وهو يعتبر ان الارهاب غير مرتبط بتاتا ولا يجد جذوره في النزاع العربي الاسرائيلي. ويرى ان الخصم في نظره يبقى الاصولية الاسلامية التي تريد جعل العالم يعتنق الدين الاسلامي بالقوة، وليس المسلمين المعتدلين الذين يجب ان تبقى الولاياتالمتحدة حليفة لهم. ويشدد بول بريمر بانتظام على تحديات العولمة ولا سيما اخذ التوترات السياسية والاجتماعية-الاقتصادية التي تخلفها في الدول الفقيرة والنامية في الاعتبار. وهذا الخبير في المخاطر السياسية مجاز من جامعتي يال وهارفرد ومن برنامج الطلاب الاجانب في معهد الدراسات السياسية في باريس. ويتقن الفرنسية والنروجية والهولندية فضلا عن الانكليزية. وكان الرئيس الاميركي جورج بوش أعلن مساء الثلاثاء تعيين بول بريمر موفدا رئاسيا الى العراق. وقال الرئيس الاميركي في ختام لقاء مع وزير الدفاع دونالد رامسفلد وبول بريمر في البيت الابيض "يشرفني اليوم القول ان (بول) جيري بريمر وافق على ان يكون موفدا رئاسيا الى العراق". واضاف بوش "انه رجل يتمتع بخبرة واسعة ويحسن انجاز ما يقوم به". وسيتمتع بريمر بسلطة على رئيس الادارة المدنية الجنرال الاميركي المتقاعد جاي غارنر. واوضح مسؤول أمريكي طلب عدم الكشف عن اسمه ان "بريمر سيتولى زمام الامور. انهما منصبان مختلفان". من ناحية أخرى عقدت مجموعات المعارضة العراقية السابقة الاساسية أمس الثلاثاء اجتماعا في بغداد لمواصلة مناقشة مرحلة ما بعد صدام حسين على ان تعقد اجتماعا ثانيا الاربعاء مع مسؤولين اميركيين. وكان مدير الادارة المدنية الاميركية في العراق حتى ذلك الوقت الجنرال جاي غارنر اعلن الاثنين ان خمسة تنظيمات من المعارضة العراقية السابقة قادرة حسب قوله على تشكيل "نواة" حكومة انتقالية يمكن ان تمهد الطريق لاجراء انتخابات. والتنظيمات الخمسة هي الحزب الديموقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني، والمؤتمر الوطني العراقي بزعامة احمد الجلبي، وحركة الوفاق الوطني برئاسة اياد علاوي، والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية الممثلة بالرجل الثاني في التنظيم عبد العزيز الحكيم. ولا يخفي العراقيون غضبهم من الفوضى التي تعم البلاد منذ سقوط نظام صدام حسين في التاسع من الشهر الماضي، بينما يقول غارنر ان اقرار الامن واعادة العمل في الخدمات الاساسية بات مسألة اسابيع. والتقى ممثلو التنظيمات الخمسة عصر الثلاثاء في بغداد على ان يعقدوا اجتماعا ثانيا الاربعاء مع المسؤولين الاميركيين. وقال الرجل الثاني في المجلس الاعلى للثورة الاسلامية عبد العزيز الحكيم قبل الاجتماع "ان جهودنا تهدف الى حل المشاكل التي يواجهها شعبنا والى تشكيل حكومة انتقالية". وقال غارنر ان مجموعات اخرى يمكن ان تنضم الى هذه النواة. واضاف "يمكن ان يصبحوا سبعة او ثمانية او تسعة مسؤولين سيعملون على انشاء قيادة". ولم يتم تحديد اي موعد بعد لتشكيل هذه الحكومة الانتقالية. ومن المقرر ان يعقد مؤتمر موسع يضم مئات المندوبين يمثلون مختلف اطياف المجتمع العراقي في نهاية الشهر الحالي لوضع اسس السلطة العراقية المقبلة. واضافة الى العراقيين الذين يشتكون من الفلتان الامني، دخلت المنظمات الانسانية على خط انتقاد اداء قوات التحالف في المجال الامني. وقال رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر جاكوب كيلينبرغر الذي وصل الاثنين الى بغداد ان القوانين الدولية "تفرض واجبات على القوة المحتلة". والواجبات هي حسب ما قال المسؤول في الصليب الاحمر في مؤتمر صحافي "اقرار القانون والامن وضمان العيش الكريم للسكان وحماية البنى التحتية الاساسية" مثل المستشفيات مشيرا الى حالات النهب والسلب التي تتكرر في العاصمة العراقية. وتابع "اعتقد ان الاولوية هي لتحسين الوضع الامني وتأمين الظروف التي تتيح للسكان استئناف العمل والعودة الى حياة طبيعية" مضيفا "لدي انطباع قوي بضرورة بذل المزيد لضمان الامن". واخذت العديد من المنظمات الانسانية وبينها منظمة "اطباء بلا حدود" خلال الايام القليلة الماضية على قوات التحالف عدم القيام بما هو كاف لاقرار الامن في العراق رغم وجود نحو 140 الف جندي اميركي في العراق بينهم نحو عشرين الفا في بغداد.