سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لجنة لحل الخلافات بين الأكراد والعرب في الشمال ... وجهود لجمع السلاح من سكان بغداد . غارنر يأمل بتعميم "تجربة كردستان" على العراق كله : التظاهرات المناهضة لأميركا "مدبرة" ولا تمثل رأي الغالبية
واصل الجنرال جاي غارنر، المُكلّف الإشراف على عملية إعادة إعمار العراق، زيارته لشمال البلاد أمس واعتبر ان التظاهرات الواسعة المنددة بالأميركيين لا تُمثّل رأي غالبية العراقيين، وانها "مُدبّرة". واتفق غارنر الذي أمل في تعميم تجربة كردستان العراق على البلد كله، مع الزعماء الأكراد على تشكيل لجنة تعمل على حل الخلافات التي نشأت في شمال البلاد بسبب "التعريب" الذي قام به الحكم السابق. وتزامن ذلك مع جهود تقوم بها الإدارة المحلية في بغداد لجمع السلاح المنتشر بين أيدي المواطنين. أعلن رئيس الادارة المدنية الأميركية في العراق الجنرال المتقاعد جاي غارنر أمس الاربعاء ان غالبية العراقيين لا تزال تقدر الوجود الاميركي في العراق على رغم سلسلة التظاهرات المناهضة للولايات المتحدة التي جرت اخيراً في كربلاء وبغداد. وقال غارنر في مؤتمر صحافي عقده في اربيل حيث لقي استقبالاً حاراً: "الكثير من العراقيين في بغداد وفي الجنوب أكدوا لنا انهم مسرورون بوجودنا هنا". واضاف: "لذلك اعتقد ان ما يجري حالياً هو تظاهرات مدبّرة بينما غالبية الشعب العراقي سعيدة بوجودنا هنا". وتابع: "قبل شهر لم يكونوا قادرين على التظاهر. التظاهرات هي أحد مظاهر الحرية، وهم أحرار في التظاهر ونحن لا نعارض ذلك". وكان آلاف المتظاهرين الشيعة نزلوا الى الشوارع في بغداد احتجاجاً على القاء القبض على الشيخ الشيعي محمد الفرطوسي بينما كان عائداً من كربلاء الى بغداد الاحد الماضي واطلقوا شعارات مناهضة للولايات المتحدة. وشكّلت الاحتفالات باربعين الإمام الحسين في كربلاء الثلثاء والاربعاء مناسبة للتعبير عن الرفض ل"الاحتلال الاميركي" للعراق. ووصل غارنر الاثنين الى بغداد وزار شمال العراق الثلثاء حيث أجرى اجتماعات مع قادة حزبي الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني. وقال مسؤولون اكراد واميركيون أمس ان لجنة جديدة ستتشكل لحل الخلافات بين العراقيين العرب وآلاف العراقيين الأكراد الذين شُرّدوا وتركوا ديارهم تحت حكم صدام حسين. وابلغ زعماء اكراد غارنر انهم لا يعتزمون القيام باعمال انتقامية من العراقيين العرب بعد سقوط نظام صدام الذي استمر 24 عاماً. واجرى غارنر محادثات الثلثاء مع جلال طالباني، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني، ومع مسعود البارزاني، زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني، قبل توجهه أمس الى اربيل. ويسيطر الفصيلان الكرديان على شمال العراق منذ ان وفرت لهما القوات الاميركية حماية جوية من قوات صدام في اعقاب حرب الخليج عام 1991 التي طردت خلالها قوات تحالف تقودها الولاياتالمتحدة القوات العراقية التي غزت الكويت عام 1990. وقالت أسر بعض العراقيين العرب في شمال البلاد انهم طردوا من ديارهم وان مسلحين اكراداً زعموا ملكيتها ويسعون الى الانتقام مما تعرضوا له خلال حكم صدام. وقال طالباني أمس في مطار في مدينة السليمانية: "ستشكل لجنة في وقت لاحق تمثل كل الاطراف تحت اشراف الولاياتالمتحدة لترتب عودة الناس الى بيوتهم بطريقة منظمة لا في شكل فوضوي". وصرح بأن هذا الترتيب اتفق عليه مع مبعوث الرئاسة الاميركية زلماي خليل زاد في العاصمة التركية انقرة قبل شهر. وقال طالباني: "التزمنا بذلك. وأول من أمس اعدنا الالتزام وكررناه". ويطالب عدد كبير من الاكراد بالعودة الى بلدات ومدن في الشمال اُخرجوا منها بالقوة في اطار "برنامج تعريب" المنطقة تحت قيادة صدام. وطار غارنر صباح أمس بطائرة هليكوبتر من السليمانية التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني والواقعة على بعد 330 كيلومتراً شمال شرقي بغداد، الى اربيل التي يسيطر عليها الحزب الوطني الكردستاني. وكان في استقباله البارزاني وكبار المسؤولين في حزبه ومجموعة من الاطفال في ثياب تقليدية. وقال البارزاني لغارنر من خلال مترجم: "اعتقد ان في وسعنا ان نجعل العراق كله مثل كردستان". ورد غارنر قائلاً: "سنفعل ذلك معاً". وصرح مسؤول اميركي مرافق لغارنر بأن لجنة حل الخلافات العرقية ستكون مماثلة للآلية التي استخدمت لحل مشاكل التطهير العرقي في البوسنة. وقال ان اللجنة سيديرها عراقيون ربما الى جوار جهاز مستقل يحول دون تحولها الى اداة سياسية. واضاف: "ما طالبنا به وحاولنا الحصول على التزام في شأنه وما قاله طالباني أول من امس هو مطالبة الناس باللجوء الى القانون لا العودة وأخذ ممتلكاتهم بالقوة". وصرح بأن المنطقة شهدت في الايام الأولى من سقوط صدام عدداً من عمليات الانتقام ضد العراقيين العرب، لكن الامور هدأت بعد ان بدأت القوات الاميركية تنظم دوريات على مدار الساعة. وأشار الى بادرة ايجابية هي عدم عودة عشرات الالاف من الاكراد الذين يعيشون في مخيمات قرب كركوك الى المدينة ليطالبوا بممتلكاتهم هناك. وقال: "لم يفعلوا. ويمكن ان يكون لنا بعض الفضل لأن رسالتنا كانت واضحة وهي اننا نحترم شكاواهم وان التعامل معها سيكون من خلال عملية قانونية. ستكون عملية طويلة فهذه القضية لن تحل بين عشية وضحاها. الأمر في البوسنة استغرق سنوات". تسليم الاسلحة وفي بغداد، حض السيد محمد محسن الزبيدي الذي أعلن نفسه رئيساً للادارة المدنية لبغداد، العراقيين أمس على تسليم اسلحتهم والاسلحة التي تركها الجنود العراقيون بعد انهيار حكم صدام قبل اسبوعين. ويملك معظم العراقيين، خصوصاً اولئك الذين كانوا اعضاء في حزب البعث المخلوع، اسلحة مثل المسدسات والبنادق الالية وغيرها من الاسلحة الخفيفة. وقال السيد مؤيد عبدالله سلمان، عضو لجنة الاعلام في الإدارة المدنية، ان الزبيدي الذي تجاهل زجراً أميركياً استمر في اداء دوره رئيساً للادارة المدنية للعاصمة واجتمع مع مندوبين كبار لاكثر من 20 لجنة ورؤساء قبائل ودعا الى جمع الاسلحة. وتتناثر آلاف الاسلحة في العاصمة التي يسكنها خمسة ملايين نسمة. ويقول بعض من يملكون هذه الاسلحة انهم يحتاجونها لحماية انفسهم من لصوص نهبوا المدينة في الايام التالية لغزو الجنود الاميركيين. ويقول بعض الجنود الاميركيين ان العصابات والميليشيات لا تزال تتبادل اطلاق النار في ما وصفوه بأنه "حروب للسيطرة على مواقع" في بغداد حيث لم يعد لحراسة الشوارع هناك سوى عدد محدود من رجال الشرطة. وقال سلمان ل"رويترز" إثر اجتماع مع الزبيدي في فندق في وسط بغداد: "يجب تسليم الاسلحة لمراكز الشرطة والكنائس والمساجد". لكنه لم يقدم مزيداً من التفاصيل عن الكيفية التي ستجمع بها الاسلحة. وقال تيم كروس، نائب الجنرال غارنر، في مؤتمر صحافي في مدينة اربيل ان نزع اسلحة العراق سيكون عملية بطيئة قد تتطلب مساعدة من المجتمع الدولي. وتابع: "سننزع الاسلحة ببطء ونعيد بناء القوات المسلحة العراقية... كي يتولوا شؤون انفسهم في السنوات المقبلة". وقال سلمان أيضاً انه طلب من موظفي الادارة المدنية عبر الاذاعة العودة الى العمل وانه سيتم البدء في دفع المرتبات اعتباراً من 30 نيسان ابريل الجاري. وكان سلمان يتحدث بينما كان يجمع قوائم بأسماء موظفي الادارة المدنية أمام ناد في بغداد قال انه مقر المجلس التنفيذي الذي يقوده الزبيدي. ولم يقدم تفاصيل من أين ستأتي الأموال التي سيدفعون المرتبات منها لكن الزبيدي قال ان المرتبات ستدفع من "اموال العراق وكنوزه". وقال سلمان: "العراق يملك قدراً كبيراً من الأموال. صدام كان يسرق الاموال ويوزعها على بيوت مؤيديه وعصاباته وضباط الاستخبارات". ورداً على سؤال عمن اعطى له سلطة ليوزع اموالاً، أجاب انه يحظى بدعم من مسؤولين ومصرفيين عراقيين كبار لا تربطهم صلة بالنظام الذي اطيح به. وقال مسؤولون انه جرى تشكيل 22 لجنة من بينها لجان للصحة والتعليم والمياه والكهرباء والنفط والصناعة. وقال السيد كريم السعدي مدير لجنة المال والادارة ان هذه اللجان "لجان شعبية تطوعية تشكلت للمساعدة في اعادة هيكلة وتأهيل المكاتب الحكومية استعداداً للحكومة الموقتة". واضاف ان لجنته اعدت خطة لتأهيل البنوك واعدت قوائم بكميات الاموال الموجودة وبالأموال والاصول الحقيقية لوزارة المال. وقال السعدي الذي كان مديراً عاماً في وزارة المال، انه سجن لمدة عام في عهد صدام لمخالفته اوامر لكنه هرب الى سورية وعاد الى بغداد في الثاني من الشهر الجاري.