اضافة إلى الخسائر في القطاعات الاقتصادية المختلفة نتيجة الحرب على العراق، يتوقع المصريون خسائر في مجال آخر هو الترفيه والنشاط الفني، من مسارح ودور سينما وحدائق، تقدر بنحو 200 مليون دولار. نشرت الصحف المصرية أخيراً خبراً عن رجل تبرأ من زوجته لأنها تقف حائلاً دون متابعته الجيدة للحرب على العراق لأنها "دائماً تتحدث وهو يشاهد الأحداث" وخبراً عن زوجة أخرى حطمت جهاز التلفزيون لأن زوجها بات "مدمن تلفاز" بسبب الحرب. وغيرت حرب الخليج الثالثة سلوك المصريين واصابهم التوتر والقلق. والاهم كما يقول حمدي سليمان المشرف على أحد المراكز الترفيهية المهمة هو تراجع ما اسماه "سوق المعنويات". لاحظ سليمان يوم الجمعة 21 آذار مارس الماضي، وهو يوم الذروة الاسبوعي، تراجعاً نسبياً في رواد المركز من 50 ألفاً إلى 20 ألفاً والحضور أنفسهم "منكسرون جاؤوا فقط للجلوس دون ضحك، دون ملاطفة دون لعب مع أطفالهم". وقال ان ذلك انعكس على إنفاقهم داخل المركز، فالأسرة التي تنفق عادة نحو مئة جنيه، لم تنفق سوى 10 جنيهات فقط على المشروبات، و"لا مزاج للأم في لعب اطفالها ولا نية للطفل أصلاً في اللعب". وأضاف انه في يوم الجمعة المصادف 28 من الشهر نفسه لم يحضر سوى نفر قليل إلى المركز الترفيهي وفقد سليمان العشرة جنيهات المتبقية لتكون الحصيلة صفر. ما حدث في هذا المركز كان نموذجاً لما حصل في مراكز ترفيهية مهمة في البلاد، تتجاوز استثماراتها 200 مليون دولار، في "دريم بارك - ماجيك لاند"، "وندر لاند"، "الميريلاند"، عباس العقاد وحديقة الحيوان، اذ أحجم المصريون عن زيارتها يومي الجمعة الماضيتين، علماً أنها تعج بالزوار عادة يوم الجمعة. وفي تعليق لمحمد فهمي المسؤول في الحديقة على السبب قال: "نشعر أننا كما في القفص، لا فرق، يا أستاذ فين النِّفس، حرب العراق كسرت نفسنا، ولو استمر الحال حتخرب بيوتنا". الصناعة الترفيهية في مصر تتعرض لانتكاسة وهي جزء من السياحة التي ستتجاوز خسائرها 3.5 بليون دولار بسبب الحرب على العراق، وبالتالي سيفقد مصريون يعملون في الصناعة جزءاً مهماً من دخولهم وقد تطول فترة الخسائر بطول أمد الحرب، وحتى لو انتهت في غضون اسبوعين من الآن ستدخل الأسر بكاملها في موسم الامتحانات وستتبعها اجازة الصيف ليهجر غالبية المصريين "المترفهين" العاصمة إلى الخارج أو مناطق اخرى في الداخل. النشاط الفني وشهد النشاط الفني،الذي تبلغ استثماراته 250 مليون جنيه سنوياً، تراجعاً حاداً، من دور سينما ومسارح وكازينوهات، وحتى سوق الكاسيت طالته حرب العراق. الغالبية التزمت المنازل أمام اجهزة التلفزوين فيما توقف التصوير في الخارج بسبب الأحداث القائمة، وقد تكون استديوهات تسجيل الأصوات هي الرائجة نسبياً نتيجة تنافس لفيف من المطربين على تسجيل موقفهم الوطني من خلال أعمال تعبر عن الوضع الراهن. أما العاملون في مجال السينما فهم حائرون وتنبع حيرتهم من قرار نقابتهم مقاطعة الأفلام الاميركية والبريطانية، علماً أنها المفضلة لدى العامة وتدر دخلاً كبيراً على المروجين لها. ولا يمانع القائمون على الصناعة مبدأ المقاطعة، لكن لاپبد من طرح البديل، فالمقاطعة للاميركي خصوصاً ستلحق الصناعة بكارثة، ويلحق بالموزعين خسارة 20 مليون جنيه على الاقل في هذه الايام وستؤدي إلى اغلاق مكاتب وتشريد مئات العاملين. كما تضاءل الانتاج المحلي كثيراً بسبب أزمة الدولار منذ نحو 15 شهراً وبلغ التضاؤل ذروته هذه الايام والدليل على ذلك أن عدد الأفلام المصرية التي عرضت العام الماضي بلغ 25 فيلماً كلفتها 93 مليون جنيه، فيما أن عدد الأفلام التي عرضت السنة الجارية فيلمان فقط، وهناك مشاريع سبعة أفلام للمنتجين للكبار لكن العمل شبه متوقف لحين درس السوق جيداً بعد انخفاض رواد السينما إلى أكثر من 70 في المئة نتيجة الحرب، ما حققَّ خسارة تقريبية للمنتجين والموزعين مقدارها30 مليون جنيه في الاسبوعين الماضيين. وفي المسارح، توقفت غالبية العروض وخفَّضت العروض العاملة قيمة رسم الدخول سعياً لجذب الزبون الذي بدوره أحجم عن ذلك. وبقي أن تعلن المسارح مجانية الدخول لتجد جمهوراً، لكن الجديد أن المشاركين من الفنانين في هذه الأعمال هم الذين طلبوا وقف العروض فالضحك هذه الأيام غال جداً، للمصدر والمتلقي. وخسرت سوق الكاسيت نحو 40 مليون جنيه بسبب تأجيل طرح أعمال فنية، باستثناء شريط للمطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم الذي يتناول الأزمة العراقية بأسلوبه الخاص، ما روج كثيراً لنفسه فيما تأجلت الشرائط الأخرى لحين استعادة الناس طبيعتها وإقبالها على البيع والشراء. ولم يحقق معرض القاهرة الدولي الذي اقيم خلال الفترة من 18 - 30 آذار مارس الماضي والذي يزوره سنوياً حوالى اربعة ملايين شخص يؤمنون دخلاً للسوق يتجاوز 100 مليون دولار وصفقات لرجال أعمال تتجاوز 200 مليون دولار، مكاسب تذكر. والمصريون اعتادوا انتظار المعرض لشراء مستلزمات الاعراس من سجاد ومفروشات وأدوات منزلية. وعلى رغم شدة الأزمة الاقتصادية في العامين الأخيرين إلا أن المعرض بقي بعيداً عن التأثر، فالمواطن يرتاده لرخص الثمن وتنوع المنتج، هو فرصة مهمة، كما يقول القائمون عليه، إلا أن الحرب أثرت في المعرض هذه السنة. ويقول المصريون إن سبب إحجامهم عن الشراء وارتياد أماكن الترفيه في الاسبوعين الماضين يرجع أساساً إلى عامل نفسي يتبعه العامل الاقتصادي. ولا يخجل المصريون من القول إن الملاطفة بين الازواج هذه الأيام تمر بمرحلة صعبة، وبالتالي الانفاق على الهدايا وحتى هدايا عيد الأم في 21 آذار مارس بقيت في المحلات. لكن على الأم التضرع لعودة الحالة المعنوية السابقة قبل الحالة الاقتصادية لآن ازدهار الثانية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بنضج الأولى.