تسبّبت الأحداث التي تمر بها مصر حاليًا إلى خسائر كبيرة في قطاع السينما، حيث زادت على 350 مليون جنية، خاصةً بعد خروج عدد كبير من الأفلام من ساحات العرض قبل بداية الاحتفالات بعيد الأضحى المبارك، ومخاوفهم من المغامرة بأفلامهم في هذا التوقيت الذي لم تستقر فيه الأوضاع الاقتصادية والأمنية في مصر، مما دفع عددًا كبيرًا من المنتجين إلى سحب أفلامهم في اللحظات الأخيرة، ورجّح بعض المنتجين عرضها في موسم نصف العام الدراسي خشية الخسائر المادية، بعد أن شهد شباك التذاكر خلوًا تامًا من الجماهير خلال أيام العيد، على عكس كل عام الذي كان يشهد ازدهارًا كبيرًا. وتفاوتت أسباب خروج الأفلام من ساحات العرض السينمائي، حيث برّر بعض المنتجين السبب إلى ضعف السياحة العربية التي تشهد زحامًا كبيرًا أيام عيد الأضحى، والبعض الآخر أكد أن السبب هو الانفلات الأمني وضعف رواد السينما للذهاب إليها وبخاصة في فترات الليل وتردّي الحالة الاقتصادية، ما أدّى إلى إغلاق الكثير من شركات القطاع الخاص أمام وجوه الشباب الذي أصبح بدون عمل، وخشية بعض شركات قطاع السينما من الفشل وعدم تحقيق أي إيرادات بسبب مقاطعة الجميع للسينما في ظل الظروف التي تشهدها البلاد حاليًا. قاعات العرض السينمائي شهدت تنافس ثلاثة أفلام، اثنان منهما من نوعية الدراما الكوميدية وهما: «إكس لارج» الذي يقوم ببطولته أحمد حلمي وتشاركه إيمي سمير غانم ودنيا سمير غانم وإبراهيم نصر ويخرجه شريف عرفة، وتدور أحداثه في إطار كوميدي اجتماعي حول شاب يعيش وحيدًا بعد وفاة والديه، خاصة أنه مصاب بسمنة شديدة، ونظرًا لأنه قليل الخبرات في الحياة يلجأ لخاله حتى يتخطى كل العقبات، وفي إطار كوميدي يدخل في عدة علاقات عاطفية تنتهي كلها بمشكلات. حقق الفيلم خلال ثلاثة أيام ثمانية ملايين جنيه. والفيلم الكوميدي الثاني هو «سيما علي بابا» بطولة أحمد مكي وإيمي سمير غانم، وهو عرض فيلمين في بروجرام واحد، يضم الجزء الأول من الفيلم فيلم «حرب الكواكب» الذي يُعد سخرية من أفلام الأكشن والخيال العلمي، وأما الجزء الثاني فيحمل اسم «الديك في العشة». وحقق الفيلم خلال الأيام الماضية ثلاثة ملايين جنيه. أما الفيلم الثالث فهو الوحيد الذي يتناول موضوعًا اجتماعيًا تراجيديًا وهو فيلم «كف القمر»، حيث تدور أحداثه حول أم لديها خمسة أولاد تحاول طوال أحداث الفيلم احتواءهم والسعي وراء حل مشكلاتهم، والفيلم من إخراج خالد يوسف وبطولة: جومانا مراد وهيثم أحمد زكي ووفاء عامر وغادة عبدالرازق وحقق 600 ألف جنيه. والمنافسة خلال موسم العيد دارت بين أحمد حلمي وأحمد مكي، خاصة أن كليهما الآن من نجوم السينما المصرية. وقال الناقد رفيق الصبان: إن صناعة السينما في مصر تشهد منذ ثورة 25 يناير حالة من الركود، بعد أن ساد جو من القلق على المنتجين، وتراجعت الاستثمارات الوطنية، وهربت استثمارات أجنبية، وتعنّت الممثلين حيث لم يستجب أغلبهم لخفض أجورهم الفلكية مما أدى إلى حدوث فجوة إنتاج ربما تعصف بالسينما لسنوات مقبلة. وأضاف: تحتاج صناعة السينما كمثل كل الصناعات إلى دعم قوى لدفعها إلى تحقيق فكر وابتكار وأداء قوى من أجل النهوض بها، موضحًا أن صناعة السينما حققت أعلى خسائر لها قد تتخطى مليارات الجنيهات خلال الأيام المقبلة، بعد توقف جميع دُور العرض والإنتاج والتصنيع، مشيرًا إلى أن حالة الانفلات الأمني إذا لم تتغيّر فسوف يؤثر ذلك بشكل كبير على حجم إيرادات عروض الأفلام. من جانب آخر أوضح ممدوح الليثى رئيس الاتحاد العام للنقابات الفنية أن السبيل الأمثل لإنقاذ صناعة السينما في ظل الأزمة الحالية هو تدخل الدولة والرأسمالية الوطنية من خلال عملية بيع وشراء الأفلام، موضحًا أنه ليس مقصودًا بتدخل الدولة أن تقوم الدولة بإنتاج أفلام سينمائية، وقال: صناعة السينما تأثرت بشكل غير ملحوظ في هذه الفترة، وإذا استمرت هذه الأزمة في التصاعد المستمر فإنها ستؤثر بشكل أكبر على صناعة السينما في مصر. وفيما يتعلق بارتفاع أجور الفنانين خاصة في تلك الفترة، قال الليثى: لا ينبغي أن يطالب الفنان بأجر لا يتناسب مع قيمة الدخل الذي يحققه الفيلم، موضحًا أنه أصبح من الضروري فى ظل هذه الأزمة أن يراجع الفنان نفسه فيما يتعلق بزيادة أجره مقارنة بما تحققه الأفلام من إيرادات، وقال: ان السينما المصرية أصبحت تواجه الآن موقفًا مستجدًا وظروفًا صعبة وأن هناك تغيّرات تتمثل في ظهور تحالفات جديدة تتطلب إعادة هيكلة الصناعة من حيث مجالات الإنتاج والتوزيع، كما أكد في الوقت ذاته على أهمية الدور الرئيسي للدولة في النهوض بصناعة السينما، مطالبًا بضرورة تفعيل هذا الدور بالمدى والكيفية التي كان عليها خلال فترة ازدهار القطاع العام خاصة في ظل محاولة التكتلات الجديدة السيطرة على السوق حاليًا، مشددًا على ضرورة عدم الاستهانة بصناعة السينما أو الاستخفاف بها.