لا تزال الأحداث المأساوية التي صاحبت مباراة كرة القدم التي جرت بين فريقي المصري والأهلي في مدينة بورسعيد قبل فترة وأسفرت عن كارثة جماهيرية نتج عنها مقتل وإصابة الكثيرين من الجمهور، الذي كان حاضرًا، لا تزال تلقي بظلالها على الشارع المصري بمختلف فئاته وطبقاته. فقد أحجم المصريون عن دخول دُور العرض السينمائي حزنًا على مقتل 74 مصريًا عقب مباراة كرة القدم بين فريقي المصري والأهلي في مدينة بورسعيد، وما صاحب تلك المبارة من اشتباكات وأحداث شغب مؤلمة. لا للسينما حاليًا يقول الشاب شادي محمد: لن أرتاد السينما حاليًا أو حتى بعد شهر، إذ كيف أفعل ذلك وشباب من المصريين من بلدي ماتوا غدرًا وبدون أي ذنب، واعلنها أنني لن أشاهد الأفلام حتى في التليفزيون ولن أصحب أسرتي للسينما لمشاهدة الأفلام في هذه الظروف. وقال سيد مصطفى (مترجم 55 عامًا): بعيدًا عن الحالة المزاجية السيئة التي يمر بها المصريون بجميع فئاتهم، فإن الحالة الأمنية المتردية أساسًا في الشارع لا تشجع الأسرة المصرية، والكل بالطبع حزين وخائف على نفسه وأولاده، خاصةً بعد عمليات القتل الجماعي لشباب مصري أثناء مشاهدة مباراة كرة قدم في استاد بورسعيد. وأضاف: هناك حالة عدم ثقة في الأمن بسبب الحوادث المنتشرة والفوضى في الشارع، ومن يضمن ألا تتكرر حوادث أخرى؟!.. فربما أذهب للسينما مع أسرتي فتنفجر قنبلة داخلها ويهاجمنا مسلحون، فكل شىء أصبح متوقعًا في ظل حالة الانفلات الأمني. وتوقع نقاد أن تشكل مجزرة بورسعيد وما صاحبها من تداعيات ضربة قاسمة لصناعة السينما المصرية التي كانت تأمل الخروج من كبوتها خلال أفلام أجازة نصف العام الحالي بتحقيق إيرادات مرتفعة تعوض المنتجين خسارتهم التي تكبدوها خلال العام الماضي. السينما في نفق مظلم وحسب تقرير بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية، قال الناقد السينمائي طارق الشناوي: إنه في الوقت الذي جرت فيه محاولات لإنعاش صناعة السينما باستغلال الأجواء الإيجابية للذكرى الأولى للثورة في جذب العائلة المصرية للسينما مرة أخرى، جاءت مجزرة بورسعيد لتُدخل السينما المصرية من جديد في نفق مظلم لا يعلم مداه إلا الله. وأضاف: أتوقع أن يتم تأجيل عرض جميع الأفلام التي كان مقررًا عرضها في تلك الفترة أو التي يجري تصويرها فضلا عن إحجام المنتجين عن دخول مشروعات أفلام جديدة يخسرون فيها أموالهم ما يعني توقف تام لهذه الصناعة وتسريح عدد كبير من العاملين فيها. وبشأن توقعاته لمستقبل السينما، قال الشناوي: تختلف السينما كثيرًا عن أي مجال آخر لأنها نشاط ترفيهي وبالتالي فهي سلعة حساسة تتأثر بأقل حدث لأنها مرتبطة بالجمهور وحالته المزاجية وهم ما يعني قوة الأمن والاستقرار فما بالك بالأحداث الضخمة، ومجزرة بورسعيد بالتأكيد سيكون تأثيرها كبيرًا ولن يكون زواله بالهين في المستقبل القريب. خسائر بالملايين من جانب آخر قررت أسرتا فيلما «ريكلام»، و«جدو حبيبي» الذين كان من المقرر عرضهما جماهيريًا قبل فترة، تأجيل العرض لمدة ثلاثة أيام بسبب الحداد، بعد أن توالت شركات إنتاجهما في الإعلان والتنويه عن عرضهما، مما يعني إلحاق خسائر كبيرة للشركتين. وغاب الجمهور أيضًا عن أفلام معروضة بالفعل، مثل فيلم «واحد صحيح» بطولة هاني سلامة ورانيا يوسف، وفيلم «عمرو وسلمى 3» لتامر حسني ومي عز الدين، وفيلم «أسماء» للفنانة هند صبري، وفيلم «بنات العم» من بطولة وتأليف الثلاثي أحمد فهمي وهشام اسماعيل وشيكو، وشاركهم في البطولة يسرا اللوزي وأيتن عامر. ويقول عاملون في إحدى دُور العرض: لا يوجد جمهور.. الكل خائف، ما يحدث خراب في البلد، نحن نوشك على غلق الأبواب لأنه لا جدوى من فتحها، هناك خسائر بملايين الجنيهات، هذا تدمير لصناعة السينما.