صرح الزعيم التركي طيب اردوغان أمس بأن الحكومة التركية تعكف على درس خيارات في اعقاب قرار البرلمان التركي أول من امس رفض طلب الولاياتالمتحدة نشر قوات في تركيا، الا انه لم يستبعد بذل محاولة اخرى للحصول على موافقة البرلمان. وكان قرار البرلمان التركي المفاجئ وقف حائلا دون وضع خطط عسكرية اميركية لاحتمال شن حرب على العراق، مما يستبعد فرصة فتح جبهة شمالية ضد العراق من خلال تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي. وقال اردوغان للصحافيين ان العلاقات التي تربط بين تركياوالولاياتالمتحدة متينة بدرجة تسمح بتجاوز هذه الازمة. وأضاف ان "حكومتنا ودولتنا على استعداد لتطوير البدائل المناسبة وفقاً للخيارات الديموقراطية للبرلمان وهي قادرة على تنفيذ هذه البدائل". الا انه حذر بقوله ان "لكل خيار ثمناً". ومن شأن الرفض التركي النهائي ان يحرم البلاد من 30 بليون دولار من المساعدات المالية والامتيازات التجارية الاميركية كان المستثمرون يتوقعون ان تظفر بها انقرة. كما يعني هذا القرار ان الولاياتالمتحدة قد تتخلى عن خطط اقامة "جبهة شمالية" يعتقد المخططون العسكريون انها قد تقلل مدة اي حرب وتحد من الخسائر الاميركية. وقد يتم تحويل السفن الاميركية التي تنتظر قبالة الساحل حاملة العتاد والجنود جنوباً للانضمام الى قوة غزو في منطقة الخليج. ويفضل أردوغان التريث حتى يناقش مجلس الامن قراراً ثانياً. ومع تزايد التمرد في صفوف حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بات واضحاً ان اي محاولة لطرح القرار نفسه مرة اخرى قد تتسبب في انقسامات كبيرة. وقد يسعى الحزب الى العودة الى مناقشات مطولة مع اميركا لإجراء تعديلات على اتفاق بشأن نشر القوات. ودافع أردوغان عن قراره منح النواب الحرية المطلقة في ابداء الرأي في اشارة الى التزام حزبه بالديموقراطية. وقال ان الرفض جاء نتيجة لقناعات أخلاقية وثقافية عميقة لدى النواب. من جهة اخرى، أشاد مسؤول عراقي أمس بموقف البرلمان التركي الذي رفض أول من أمس مذكرة تطالب بالسماح بنشر قوات اميركية في الاراضي التركية تحسباً لحرب على العراق، معرباً عن أمله في ب"أن يبقى على موقفه". وقال رئيس لجنة العلاقات العربية والدولية في المجلس الوطني البرلمان العراقي سالم الكبيسي: "اننا نبارك للبرلمان التركي هذا الموقف ونأمل بأن يبقى في موقفه". وأضاف في اول رد فعل عراقي على تصويت البرلمان التركي ان هذا الموقف "يشكل قاعدة اساسية في بناء علاقات طيبة بين الشعبين العراقي والتركي على خلفية علاقاتهما التاريخية وكذلك حرصاً على مصالح تركيا". من جهته، أعلن رئيس الوزراء التركي عبدالله غل ان الحكومة التركية تحترم قرار النواب، لكنها تفكر في اجراء تصويت برلماني جديد. واضاف ان "الحكومة والحزب سيقومان ما اذا كان يجب عرض مذكرة ثانية أم لا". وقال رئيس الوزراء إن رفض برلمان بلاده السماح للقوات الاميركية باستخدام تركيا قاعدة لشن هجوم على العراق لن يؤثر في العلاقات الودية مع الولاياتالمتحدة. وحذر العراق من اعتبار قرار البرلمان التركي دافعاً له لتأجيل التعاون مع مفتشي الاسلحة التابعين للأمم المتحدة. وقال: "في حال اخطأت السلطات العراقية التقديرات وحاولت الاستفادة من قرار البرلمان مؤجلة تطبيق قرارات الاممالمتحدة، فإن السلام سيصبح اكثر صعوبة". وقال غل قبل اجتماع لمراجعة تبعات القرار المفاجئ: "ستستمر علاقتنا الودية مع الولاياتالمتحدة والقائمة على التفاهم المتبادل". وأضاف: "يتعين على الزعيم العراقي عدم استغلال القرار الذي اتخذه البرلمان امس. ستتراجع فرصة السلام اذا اساؤوا الفهم وارجأوا التعاون مع الاممالمتحدة". وسيجتمع البرلمان غدا، كما اعلن رئيسه. وفي واشنطن قال مسؤولون أميركيون انهم ما زالوا يأملون بأن تعيد تركيا النظر في موقفها. وصرح مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية انهم قد يعدلون سريعاً خطط الحرب. وإذا لم تغير تركيا موقفها فربما ايضاً يقل دورها في مستقبل شمال العراق، حيث تخشى من ظهور دولة كردية قد تشعل النزعة الانفصالية الكردية المسلحة في أراضيها.