في تشرين الثاني نوفمبر عام 2000 بدأت الصحف السعودية والمصرية الحديث عن أزمة في العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين جراء منع السعودية استيراد البطاطا والمواشي المصرية، وفرض مصر رسوم اغراق على منتجات "الشركة السعودية للصناعات الاساسية" سابك، وتطورت الازمة وهدد كل طرف بالرد بالمثل على اي اجراء يتخذه الطرف الآخر. وزادت وتيرة الازمة - الخلاف وترددت انباء عن ان تجميد عقد اجتماعات اللجنة السعودية - المصرية المشتركة منذ عام 2001 يعود الى ما عُرف باسم "ازمة البطاطا والمواشي" حتى زار وزير التجارة الخارجية المصري يوسف بطرس غالي السعودية الاسبوع الماضي لمدة اربعة ايام. واستوضحت "الحياة" من غالي عما جرى اثناء زيارته وسألته عن ملف العلاقات التجارية والاقتصادية بين السعودية ومصر وكان الحديث معه كالآتي: تحدثت الاوساط السعودية والمصرية عن انكم توصلتم الى آلية لمنع حدوث اي مشاكل تجارية في المستقبل بين البلدين ما هي هذه الآلية؟ - اهم ما اتفقنا عليه هو انهاء كل المواضيع والعوائق التجارية خلال ثلاثة شهور وعلى تكوين فريق عمل من وزارة التجارة الخارجية المصرية ووزارة التجارة والصناعة السعودية برئاسة الوزيرين، وسيجتمع هذا الفريق شهرياً وبالتناوب في كلا البلدين. كما يمكن ان يجتمع كلما دعت الحاجة. وسيعالج هذا الفريق اي عوائق تجارية او غير تجارية تعترض انسياب التجارة بين البلدين انطلاقاً من ان الاصل في التعاون التجاري هو "حرية انسياب السلع" بين البلدين. وللفريق ان يستعين بخبراء فنيين على مستوى رفيع من الطرفين يكون مفوضاً بايجاد الحلول المناسبة وان يكون هناك تواصل دائم بين اعضاء الفريق بما يحقق التغلب على اي عوائق فور حدوثها. تردد ان حظر دخول البطاطا المصرية الى السعودية كان بهدف مقايضة رفع الجمارك التي فرضتها مصر على منتجات شركة "سابك"؟ - نحن في مصر لم نفرض رسوماً جمركية على منتجات شركة "سابك" انما فرضنا رسوم اغراق. وقضايا الاغراق لا تتم على أساس المشاعر لكنها قضايا تُدرس بدقة وتمحيص واجراء تحقيقات مع الشركة المسؤولة ومع الشاكي. وكان من اهم ما اتفقنا عليه واقراره هو مبدأ عدم الربط بين القضايا التجارية بعضها بعضاً "فلا اؤذيك في سلعة لأنك ضايقتني في سلعة اخرى" لأن كلاً من الطرفين المصري والسعودي لا يستهدف أذى الآخر! وأنا أرى ان تُزال هذه العوائق من الطريق في اطار القوانين وسنعمل جاهدين من اجل ذلك. ماذا لو ردت السعودية بالمثل؟ - هذا كلام انتهى الآن لاننا اتفقنا على تسوية كل شيء. يلاحظ ان قائمة السلع المعفاة بين البلدين لم تتحرك منذ فترة طويلة؟ - نحن نسير على أساس اتفاق منطقة التجارة العربية الحرة التي تعفي السلع حتى 60 في المئة سترتفع الى 80 في المئة في كانون الثاني يناير. هل يوجد أي رقم مستهدف للتجارة البينية بين البلدين؟ - لا رقم محدداً لكن التوقعات ان نحقق معدلات نمو في التجارة البينية تفوق 25 في المئة سنوياً يتقاسمها الطرفان. لكن يُلاحظ عدم وجود منتجات مصرية في السوق السعودية تتناسب مع قوة مصر الانتاجية؟ - الصادرات المصرية الى الاسواق السعودية زادت بمعدل 20 في المئة سنوياً في الاعوام الثلاثة الاخيرة وهى نسبة قليلة لكن لا ننسى انها بدأت بقاعدة ضعيفة اذ كان اجمالي الصادرات المصرية الى السعودية لا يتجاوز 40 مليون دولار ووصلت الى 100 مليون دولار وهي لا تزال دون التوقعات لكن عندما تتكاثر تباعا سترى المنتجات المصرية مثل المكيفات والمكائن والسلع الغذائية في الاسواق السعودية. مصر لا تستطيع منافسة الصينيين حتى الآن لم تستطع المنتجات المصرية اختراق السوق السعودية وحتى منافسة المنتجات الصينية؟ - لا استطيع ان انافس المنتجات الصينية، مثلاً الثوب الصيني مصنوع من قطن قصير التيلة ومكائن رخيصة وبأيدي عاملة رخيصة جداً، لكن يمكن منافسة الصينيين في الثوب الفاخر. كيف ترى امكان تحقيق تكامل بين البلدين؟ - عدد سكان السعودية حوالى 20 مليون نسمة وسكان مصر تجاوز70 مليوناً ولدينا في مصر قاعدة صناعية وزراعية وسياحية وخدمية، وكذلك الحال في السعودية التي تملك قاعدة صناعية ضخمة واي دولتين لديهما كل هذه الامكانات لا يمكن ان تفشلا في التكامل. سمعنا كلاماً كثيراً عن التكامل... كيف نضمن تحقيق ذلك؟ - لا توجد ضمانات. كيف تقومون زيارتكم الاولى الى السعودية؟ - ممتازة... وفاقت كل توقعاتي من حيث استجابة الجانب السعودي. حققنا انجازاً كبيراً في سبيل بناء علاقة مثمرة بعد اعوام عند اختبارها في الساحة الدولية وأملي بأنه بعد اربع سنوات عندما يأتي احد لاختبار وجودنا في الساحة الدولية يجدنا على ارض صلبة. واتوقع ان يتم نوع من التكامل الاقتصادي، لكن هذا يحتاج الى مؤسسات تُفكر في وسائل نجاح التكامل وان يكون هناك حوار في شأن هذا الموضوع. ما يحدث الآن من مشاكل تجارية كيف تقومونه؟ - المشاكل تحدث دائماً وأحياناً تُرسل سلع ليست مستوفاة المواصفات ومن حق السعودية ان ترفضها لكن لا نفترض سوء النية الا عندما نرى. ونأخذ مثالاً من الدول الاوروبية وعلى رغم ان الاتحاد الاوروبي يجمع ما بينها الا ان بريطانيا سبق ان منعت استيراد لحوم البقر من احدى دول الاتحاد. كيف تدعو مصر لاجتذاب الاموال السعودية في وقت يشكو السعوديون من البيروقراطية المصرية؟ - السعوديون لا يشكون وحدهم من البيروقراطية... ونحن نعالج هذه الامور ليس من اجل السعودية لكن من اجل جميع المستثمرين. هل أخذتم أي وعود برفع الحظر المفروض في السعودية على البطاطا المصرية؟ - لم نتحدث عن البطاطا او غيرها، جئت للحديث عن وضع آلية لعدم حدوث مشاكل لاي سلعة سواء كانت بطاطا او غيرها واتفقنا على وضع آلية واضحة لحل النزاعات المتعلقة بالعوائق المؤثرة بين البلدين والتشاور قبل اتخاذ اي اجراء يتعلق بتدفق التجارة بين البلدين، ووضع البرامج والخطوات الكفيلة بتنمية التجارة وتوسيعها بين البلدين واتخاذ الاجراءات والخطوات لتعزيز مصداقية وثبات واستقرار السياسات التجارية المؤثرة في التجارة بما يرقى الى مستوى العلاقات السياسية بين البلدين. لكن الى جانب البطاطا والمواشي اصدرت السعودية اخيراً حظراً على بعض الادوية المصرية؟ - لأنها لم تصنع في المصنع المصدر للادوية واكتشفت السعودية ان المصنع ليس لديه خط انتاج لهذه الانواع من الادوية، والقوانين تمنع استيراد دواء غير معروف المصدر وطُلب من المصنع بناء خط انتاج. ماذا عن حمى الوادي المتصدع في المواشي المصرية الذي كشفت عنه السعودية؟ - ليس لدينا حمى الوادي المتصدع واثبتنا لهم ذلك وسيزور وفد سعودي مصر للتأكد من خلوها من هذا المرض.