أظهرت استطلاعات لآراء الناخبين لدى مغادرتهم مراكز الاقتراع في صربيا أمس، أن القوميين المعتدلين والمتشددين يتقاسمان الأصوات في الانتخابات لاختيار 250 نائباً. كما بدا ان الاصلاحيين الذين أطاحوا نظام الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش يتجهون الى هزيمة محققة. وجرت الانتخابات في أحوال جوية سيئة في ظل ضباب كثيف وتراكم للثلوج وصعوبة في التنقل في الطرق الريفية غير المعبدة وتدني درجات الحرارة في أنحاء البلاد الى ما دون الصفر. وأفاد ذلك القوميين الذين أظهروا التزاماً سياسياً من أجل انتزاع السلطة من الإصلاحيين الذين كان مؤيدوهم قليلي الحماسة في الادلاء بأصواتهم. واستمر التصويت حتى الثامنة مساء بالتوقيت المحلي السابعة بتوقيت غرينتش، مع مؤشرات الى زيادة نسبة المشاركة في الاقتراع عن 60 في المئة من مجموع الناخبين المسجلين البالغ عددهم ستة ملايين ونصف المليون. ولم تسجل أي مشاكل ذات شأن، بما في ذلك في اقليم كوسوفو حيث تم فتح 247 مركزاً للاقتراع بحراسة القوات الدولية كفور، على رغم معارضة الألبان. وبحسب المعلومات الأولية، فإن المنافسة على المركزين الأول والثاني انحصرت في القوميين المعتدلين الذين يتزعمهم الرئيس اليوغوسلافي السابق فويسلاف كوشتونيتسا والقوميين المتشددين الذين يقودهم فويسلاف شيشيلي من معتقله في لاهاي. لكن لا يتوقع أن يحصل أي منهما على الغالبية المطلقة من النواب، ما يجعل قوته النهائية معتمدة على ما تفوز به الفئات السياسية القريبة منه. أما اللائحة الحكومية التابعة ل"الحزب الديموقراطي" الذي كان يتزعمه رئيس الحكومة الصربية المغدور زوران جينجيتش ويقودها حالياً وزير دفاع اتحاد صربيا والجبل الأسود بوريس تاديتش، فلا يتوقع أن تحصل على أكثر من 6 في المئة من الأصوات. ويعني ذلك ان "الائتلاف الديموقراطي" الذي كان يتكون من 18 حزباً وجماعة سياسية حين أطاح ميلوشيفيتش، لن يصل الى السلطة خصوصاً أنه دخل الانتخابات بعشر لوائح متنافسة، من بين 19 لائحة مشاركة ما شتت أصوات الاصلاحيين وصعّب دخول غالبية فئاتهم البرلمان الجديد. ويعود سبب تخلي الناخبين عن الإصلاحيين، الى فشلهم في تحقيق وعودهم التي رفعوها حين كانوا معارضين لميلوشيفيتش، ذلك أن الأوضاع الاقتصادية والبطالة والضمانات الاجتماعية والأحوال الأمنية ازدادت تردياً في صربيا، كما ان ضغوط محكمة جرائم الحرب في لاهي زادت على الصرب على رغم تعاون الاصلاحيين معها، ما أثار استياء غالبية المواطنين، اضافة الى غياب أي مؤشرات الى حب يناسب الصرب في كوسوفو، كذلك لم يدعم الغرب الصرب سياسياً واقتصادياً على رغم اقتراب السلطات الاصلاحية معه. ويكاد يكون مؤكداً فوز كل من: سلوبودان ميلوشيفيتش الذي يتصدر اسمه لائحة الحزب الاشتراكي وفويسلاف شيشيلي الذي جاء اسمه الأول في لائحة الحزب الراديكالي المعتقلين لدى محكمة لاهاي. كما يوجد اثنان من المطلوبين من محكمة لاهاي في لائحة المرشحين، أحدهما الرئيس السابق لأركان الجيش الجنرال نيبويشا بافكوفيتش الذي يقود لائحة "التجمع الاشتراكي الشعبي"، والثاني سريتان لوكيتش مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية المرشح في لائحة "الحزب الليبرالي". ويشترط القانون الانتخابي على أي لائحة أن تحصل على ما لا يقل عن خمسة في المئة من أصوات الناخبين كي تتمكن من الحصول على مقاعد في البرلمان. ويتوقع أن تظهر النتائج الأولية اليوم الاثنين فيما ذكرت اللجنة الانتخابية العليا أنها ستعلن النتائج النهائية الخميس المقبل. وأدلى رؤساء اللوائح الانتخابية ال19 باستثناء ميلوشيفيتش وشيشيلي المعتقلين في لاهاي بأصواتهم بعد وقت قليل من فتح المراكز الانتخابية، في ما اعتبره المراقبون نوعاً من الدعاية الانتخابية غير المباشرة التي كانت متوقفة رسمياً منذ مساء الخميس الماضي، نظراً الى منافسة شديدة بين اللوائح. "ذئاب" شيشيلي و"رعاة" لاهاي ذكرت الصحف الصادرة في بلغراد أمس، ان زعيم "الحزب الراديكالي الصربي" فويسلاف شيشلي حين تحدث هاتفياً مع قادة حزبه في بلغراد من معتقله، متحدياً قرار محكمة لاهاي بمنعه مع ميلوشيفيتش من الأحاديث السياسية واعطاء التصريحات الصحافية حتى انتهاء الانتخابات، ذكر أنه تمكن من المكالمة على رغم الحظر عليه، لأنه "صبر حتى يحل عيد الميلاد حيث تخف المراقبة في المعتقل. واستخدم أسلوب "الذئب الخبير في التحايل على رعاة الأغنام"، وباغت الحراس في اقتناص الهاتف وطلب من مسؤولي حزبه ان "يتصرفوا هم أيضاً كالذئاب الخبيرة لهزيمة اعدائهم في الانتخابات". وعندما سأله أنصاره: هل تمكن ميلوشيفيتش أيضاً من التحدث مع حزبه في بلغراد؟ أجاب: "انه ميلوشيفيتش لم يصل الى جدارة الذئب الخبير".