شدّد البطريرك الماروني نصرالله صفير على ان "لبنان يرفض ان يكون ملجأ لأي تنظيم يمكن ان يهدد استقرار سورية"، آملاً ب"قيام علاقات مبنية على الاحترام وسيادة كل بلد من دون أي هيمنة وهي ممكنة، لكن وجود قوات سورية في لبنان منذ 27 سنة لا يسمح بالسؤال عن الاستقلال الفعلي في لبنان". كلام صفير جاء في محاضرة القاها في مدينة متز الفرنسية، تحدث فيها عن تاريخ العلاقات اللبنانية - الفرنسية والمراحل التي مرّ بها لبنان في تاريخه من "الاحتلال العثماني الى الانتداب الفرنسي فمرحلة الاستقلال وصولاً الى الاحتلال الاسرائيلي ثم التحرير مروراً بالوجود السوري". وقال: "كما يعرف الجميع توجد بين لبنان وسورية روابط تاريخية وروابط ضيقة من الجيرة والمصالح الأخوية المشتركة". وأشار الى "ان اتفاق الطائف الذي وضع حداً للحرب يشير بوضوح الى ان القوات السورية تساعد القوات الشرعية اللبنانية في بسط سلطة الدولة ضمن مهلة حدها الاقصى سنتان بعد اقرار وثيقة الوفاق الوطني وانتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة وفاق وطني وتبني الاصلاحات السياسية عبر الطرق الدستورية، وبعد انقضاء المهلة يشير النص في وضوح الى ان الحكومتين اللبنانية والسورية تقرران اعادة انتشار القوات السورية في لبنان في مناطق محددة، لكن بعد انقضاء المهلة لم تقم سورية سوى بخطوات اعادة انتشار تكتيكية محدودة ولم تكف كذلك عن التدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية، منطلقة من ان المهلة الموضوعة غير مشروطة على الاطلاق بالتطورات على الساحة الاقليمية او بنتيجة التوصل الى سلام عادل وشامل في المنطقة". وأضاف: "في موازاة ذلك، تبنّى مجلس الأمن الدولي في 17 أيلول سبتمبر 1982 نص القرار الرقم 520 الذي يطالب في ما يطالب باحترام سيادة الاراضي اللبنانية ووحدتها، والوحدة الوطنية والاستقلال السياسي للبنان تحت السلطة المطلقة للحكومة اللبنانية التي تمارس هذه السيادة عبر الجيش اللبناني في كل لبنان. لكن وجود القوات السورية في لبنان فرمل العمل على حصول هذا الحق في السيادة". وتابع: "بدعم من فرنسا يفترض بلبنان تطبيق اتفاق الطائف والقرار 520 الصادر عن مجلس الأمن وفي طبيعة الحال انسحاب القوات السورية من لبنان ورفع الوصاية السورية عن البلد وهي مستمرة منذ 27 سنة". واعتبر ان "استعادة لبنان سيادته الكاملة والناجزة واستقلاله السياسي تسمح للبنانيين باعادة اقامة حياة حرة وكريمة وشريفة وإعادة الحق الشرعي في ديموقراطية حقيقية وحياة سياسية سليمة وحياة اقتصادية ثابتة لهم ولجيرانهم كما كان ذلك قائماً في الماضي". وتطرق صفير الى "الحضور الفلسطيني في لبنان الذي شكل مشكلة دائمة خصوصاً الوجود المسلح، والنية بتوطين الفلسطينيين في لبنان شكلت عوامل اساسية لانطلاق الانفجار من العام 1975 الى العام 1990". وقال "على رغم تعاطف لبنان مع الشعب الفلسطيني الا انه رفض توطين اللاجئين الذين يناهز عددهم 400 ألف"، مؤكداً ان "من حقهم العودة". وعن الوضع الداخلي اللبناني قال صفير: "ان الديون المتراكمة على كاهل الشعب اللبناني تزيد على 35 بليون دولار والدولة تستمر في الاستدانة من دون ان تحاول دفع جزء من الفوائد التي تقارب 3 بلايين دولار سنوياً". وأضاف "لم تتخذ أي خطوة اصلاحية جدية لتحسين الوضع الذي يؤدي الى مشكلات مأسوية ويسهم في ابعاد الاستثمارات الخارجية"، مشدداً على ان "الاستقرار السياسي والأمني لا يمكن فصله عن الاستقرار الاقتصادي الذي يتطلب دعماً ونصائح من كل اصدقائنا في الخارج وخصوصاً فرنسا".