خصصت جريدة "الديلي ميرور" اللندنية صفحتها الأولى هذا الأسبوع لكلام اختلطت فيه اسماء شركات النفط العالمية بحروف وكلمات يعني مجموعها ان جورج بوش مصمم على مهاجمة صدام حسين. وسألت الصحيفة قراءها في اسفل الصفحة: هل عرفتم الآن لماذا جورج بوش يصرّ على خوض حرب ضد العراق؟ الرسالة الخفيفة الظل في الصفحة الأولى جمعت شركات "اكسون" و"شل" و"موبيل" و"غلف" و"بي بي" و"توتال" و"اموكو" ونثرتها بين الكلمات لتطلع بالفكرة عن ان النفط وراء الخطط الأميركية ضد العراق. وكنت تلقيت الرسالة هذه بالبريد الالكتروني قبل اشهر، ولكن الجريدة وجدت ان الوقت مناسب لنشرها الآن، فموضوع النفط يتردد بقوة، على رغم انه لا يمكن ان يعتبر السبب الوحيد. وكنت كتبت قبل ثلاثة أشهر عن السبب النفطي، وتلقيت رسائل تؤيد الفكرة وأخرى تعارضها. الجريدة نفسها اتهمت الولاياتالمتحدة في افتتاحيتها الرئيسية بأنها "دولة خارجة على القانون"، وهي التهمة التي تلصقها الادارة الأميركية بالدول التي تعارضها، وأكدت الافتتاحية مرة اخرى ان جورج بوش يريد ان يسيطر على نفط العراق، وحذرت من حرب تستمر عشر سنوات وتدمر السلام. وانتهى الأسبوع و"الديلي ميرور" لا تزال تهاجم ادارة بوش والحكومة البريطانية التي تؤيدها. اليوم لن أقول شيئاً من عندي وإنما اكتفي بآراء الآخرين في هذه الحرب التي تهدد بأن تثير من المشكلات اكثر مما تحل. "الديلي اكسبرس" اللندنية نسبت في خبر شغل صفحة كاملة الى مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأميركية قوله ان الادارة تريد خوض الحرب بسبب النفط. ولم تذكر الجريدة اسم مصدرها، الا انها اكدت ان كبار العسكريين الأميركيين ضد الحرب. أفضل من كتب عن موضوع العراق بين الصحافيين البريطانيين هو روبرت فيسك، وهو انتقد في مقال أخير له ازدواج المعايير، فالولاياتالمتحدة تهمل كوريا الشمالية التي استأنفت برنامجها النووي لأن لا نفط فيها وتصرّ على مهاجمة العراق مع ان المفتشين الدوليين قاموا بأكثر من 230 غارة تفتيش حتى الآن ولم يجدوا شيئاً ممنوعاً على الاطلاق، وهو تحدث عن ازدواج المعايير في الحرب على الارهاب كذلك، وكيف تنتهك السلطات الأميركية حقوق الناس بحجة مقاومة الارهاب. غير ان أعنف حرب على الحرب في الغرب تشنها الكنائس المسيحية، والبابا دعا الى السلام، في حين خاض الدكتور روان ويليامز رئيس اساقفة كانتربري، اي رئيس كنيسة انكلترا، حرباً كلامية مع رئيس الوزراء توني بلير، ووصف الحرب المقبلة بأنها ستكون خطأ اخلاقياً كبيراً. ودعت كنيسة انكلترا للصلاة من اجل العراقيين، ووزعت نشرة تحذر من الحرب وتدعو الى طلب حل سلمي. في انكلترا كان الصوت النشاز الوحيد بين رجال الدين للدكتور جوناثان ساكس كبير الحاخامات الذي أيّد حرباً اميركية وبريطانية على صدام حسين مشترطاً عدم اصابة المدنيين. ولم يجد الدكتور ساكس من يؤيده سوى مايكل ستاين في "الصنداي تلغراف" الصهيونية مثله، فهذا هاجم رئيس اساقفة كانتربري. وضاق المكان قبل ان أنتقل الى الولاياتالمتحدة، فالمعلق توماس فريدمان كتب مقالاً ينكر ان يكون النفط وراء الحرب، ما يؤكد انه وراءه، في حين نقلت "واشنطن تايمز" عن جورج بوش شرحاً لسبب وجود "استراتيجيتين مختلفتين" إزاء العراقوكوريا الشمالية، الا ان من الواضح ان الرئيس لم يقنع أحداً بموقفه. وقرأت في "لوس انجليس تايمز" مقالاً كتبه فكتور مارشال، وهو باحث مستقل، وكان عنوانه "الأكاذيب التي قيلت لنا عن العراق"، وعاد الكاتب بالقرّاء الى حرب الخليج الثانية، مسجلاً كل كذبة اطلقتها ادارة جورج بوش الأب، بما في ذلك حجم الغارات وعدد الضحايا من مدنيين وعسكريين، ونزوح ملايين اللاجئين، وموت ألوف الاطفال تحت الحصار الاقتصادي. وكانت أعنف حملة مفردة قرأتها في الأيام الاخيرة من رامزي كلارك، المدعي العام أي وزير العدل في ادارة ليندون جونسون، وداعية حقوق الانسان الآن. وهو قال لجريدة "هآرتس" الاسرائيلية ان "الحرب هذه ابادة جنس"، وأضاف بقائمة من أرقام الحرب الأميركية على العراق لتحرير الكويت، من نوع ما سبق، ولكن أكثر تفصيلاً. وقال كلارك ان الحل ليس بالحرب بل بمحكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي التي ترفض الولاياتالمتحدة توقيع معاهدتها على رغم ان 102 من دول العالم وقعت المعاهدة منذ سنة 1998. وأضاف الرجل الذي اكتسب شهرة بمعارضة حرب فيتنام: "لا شك هنا في ان تدخلات أميركية كثيرة وغارات حول العالم تعتبر جرائم حرب، ومن ذلك الغارة على مصنع الشفاء للأدوية في السودان سنة 1998". وهو كرر الرأي الذي يزداد شيوعاً عن ان سبب التخطيط للحرب هو النفط، واعتبر ان صدام حسين لا يمثل خطراً على أحد. وبالنسبة الى الارهاب فرأي كلارك ان 98 في المئة منه تمارسه الحكومات، كما حدث في الارجنتين. وأضاف بشجاعة في جريدة اسرائيلية ان الحكومة الاسرائيلية مسؤولة عن 90 في المئة من الارهاب بما تمارس ضد الفلسطينيين. كلارك يريد مئة مليون متظاهر حول العالم ضد الحرب على العراق، وقرأت تقريرات صحافية أكثر تواضعاً تقول ان حوالى عشرة ملايين متظاهر في اميركا وأوروبا والشرق الأوسط وبقية العالم قد يتظاهرون في 15 شباط فبراير ضد الحرب. غير ان الارجح ان ترى ادارة بوش النفط ولا ترى ملايين المتظاهرين.