قبل صدور القرار الأخير بحق تلفزيون MTV الذي قضى بإقفال المحطة اقفالاً نهائياً، كانت غالبية العاملين فيها تتوقع هذه النتيجة. ومع هذا بقي عند بعضهم بصيص أمل خصوصاً لجهة توقيت قرار الحكم بين عيدي الميلاد ورأس السنة، معلّقين الآمال على أن اعادة MTV الى البث ستكون هديتهم في العيد. الا أن واقع الحال أتى مغايراً. وجاء القرار حاملاً معه خيبة أمل كبيرة لمئات الموظفين الذين لن يسهل عليهم ايجاد عمل بديل في ظل الضائقة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد. فما هو مصير هؤلاء؟ سؤال طرحناه على بعض نجوم شاشة MTV. عاشت الاعلامية هيام أبو شديد مقدمة برنامج "جدل" عبر شاشة MTV فترة من الاحباط والاشمئزاز بعد صدور القرار الأول بإقفال المحطة. ولا تخفي أبو شديد ذلك اطلاقاً اذ تصرح علناً: "قرار اقفال MTV خلق فيّ اشمئزازاً كبيراً وإحباطاً لا يمكن انكارهما. صحيح انني انسانة مؤمنة وعلى المؤمن أن يترك الفرح يتغلب على الحزن وأن يكون الأمل عنده أقوى من الاستسلام، الا أن وقع الصدمة في نفوسنا كان كبيراً. ففي مواقف كهذه تكثر الأسئلة وما من اجابات"... وعلى رغم العروض الكثيرة التي أتتها من فضائيات وأرضيات الا أنها لا تنفي فكرة امكان تغيير المهنة اذ تقول: "أعتبر نفسي اليوم "ست بيت" بالدرجة الأولى، وأنا أستلذ "بقعدة البيت" وبالحياة العائلية. لكن هذا لن يدوم طويلاً اذ لا بد من العمل ومن المحتّم أنه مع بداية هذه السنة سأبدأ بداية جديدة. فما فعلوه عندما أنهوا محطة تلفزيونية، أجبرنا على البدء من جديد، كما أنه من المحتمل أن أغير مهنتي". وعن سبب ذلك تقول: "لا أنكر وجود الكثير من الاتصالات بيني وبين محطة أحبها كثيراً، لكن حتى الساعة ما من شيء ملموس ولا تزال الصورة مبهمة، كما أن اتصالات كثيرة تمت بي من فضائيات ومحطات أرضية، لكن العروض لم تتناسب مع ما أريد تقديمه. اذ بعد مرحلة "جدل" بات من غير الجائز أن أسمح لنفسي ببرنامج أقل مستوى، لا يحتوي على تدخل الناس المباشر. لذلك أفضل عدم التسرع بانتظار العرض المناسب. وأنا أعتبر نفسي اليوم في فترة الاستراحة التي كنا نأخذها للتفكير بعمل جديد أو تطوير العمل بحد ذاته، وهذه المرحلة هي مرحلة انتقالية". معاملة حسنة وتنوه أبو شديد بالمعاملة الحسنة التي لقيها موظفو MTV من جانب الادارة التي على رغم ما تكبدته من خسائر جرّاء اقفالها، دفعت كامل حقوق الموظفين وتكفّلت بكل المصاريف التي نتجت من الحوادث التي تعرض لها بعضهم، اذ تقول: "بصفتي متعاقدة مع MTV قبضت ما لي عندهم كاملاً، وظلت الادارة تدفع لموظفيها حتى بعد فترة من قرار الاقفال. من جهة ثانية عمد القيمون على المحطة الى ايجاد عدد من الوظائف للكثيرين في عدد من المؤسسات التابعة لآل المر مثل: "فيرجين" و"استوديو فيزيون" وغيرها من المؤسسات، لكنها للأسف لا تستطيع استيعاب الكل. من هنا توجه الكثير من الشباب الى أبو ظبي ودبي. وفي شكل عام يمكن القول أن 30 في المئة منهم أمّنوا أنفسهم أما النسبة الأكبر من الموظفين الملتزمين مباشرة بتلفزيون MTV - ولا أعني بكلامي هذا المتعاقدين من أمثالي وأمثال ميراي مزرعاني وإيلي ناكوزي وزياد نجيم وغيرهم - أي 70 في المئة من الموظفين مصيرهم مجهول ولم يجدوا عملاً بعد، ما اضطرهم للقبول بأي شيء تأميناً للقمة العيش. وهكذا نسمع أن البعض يعملون كسائقي أجرة حتى ايجاد فرصة أفضل. وهؤلاء غالبيتهم من الشباب المتزوجين حديثاً والذين عليهم دفعات وأقساط لا بد من ايفائها... وهكذا مع انقطاع رواتبهم يمكن وصف وضعهم بالمأسوي. وفي شكل عام الوضع الكلي للبلد دقيق من الناحية الاقتصادية. ومع هذا اللبناني "ما بينخاف" عليه، وجماعة MTV قبضايات كونهم جماعة مثقفة، أصحاب شهادات ومتحدثون لبقون... باختصار جماعة يتمنى العمل معها أي كان". وتنهي كلامها بالقول: "الأمل لم ينقطع أبداً بعودة MTV، بالامكان أن أصبح في محطة ثانية أو في مهنة أخرى الا أنني سأتابع قضية MTV للنهاية. اذ أنه من المستغرب أن يحصل ما حصل في بلد حرية الرأي والتفكير التي غالباً ما نتغنى بها. واليوم أشبه وضعنا هذا بما أنني ممثلة في الأساس، بجمهور المتفرجين في المسرح الذين لا يعرفون ما يدور في الكواليس، فقط يعّلقون على ما يقع أمامهم على خشبة المسرح. وهكذا وضعنا في قضية MTV اذ لا أحد يعرف ماذا في الكواليس، فهذه أمور تخص القضاء والحكومة ولن يتم اطلاعنا عليها. ولن نعرف أبداً الخلفيات الحقيقية. مهما يكن من أمر انها نتيجة موجعة بحق شريحة كبيرة جداً من الناس، وهذا ما لا يجوز". هجرة وبطالة وتذهب غادة الخلي - مقدمة النشرة الجوية وأول وجه أطل عبر شاشة MTV يوم افتتاحها منذ أحد عشر عاماً - أبعد من ذلك اذ تعتبر إقفال المحطة تصرفاً "سادياً" بحق مجموعة مظلومة من المواطنين. وهي اليوم في حال بحث عن عمل. تقول: "القرار الذي اتخذ بحق MTV هو قرار ظالم ومجحف فضلاً عن كونه قراراً سياسياً مئة في المئة. اذ من غير العادل أن يجري ما جرى. فهذه مجزرة ترتكب بحق البلد ككل لا بحق موظفي MTV فحسب، بعد اليوم ماذا يقولون للشباب الذين يريدون أن يحلموا بلبنان حر؟ بصراحة لا أدري ما العمل، فالى اليوم لا أزال تحت تأثير الصدمة، وما قاموا به جعلني أشمئز من البلد فلن أصدق بعد اليوم شيئاً. من هنا لن أتردد لحظة في السفر الى الخارج عندما تسنح لي الفرصة... وعلى رغم القرار الأخير لا أزال حتى اللحظة غير مصدقة أن MTV توقفت نهائياً عن البث. كثيرون سافروا أملاً بالعودة بعد ثلاثة أشهر، أما اليوم فكل شيء تغير والمعجزة التي حلمنا بحدوثها في فترة الأعياد لم تتحقق. لا بل كانت هديتنا أقوى صفعة تلقيناها في حياتنا". وتضيف قائلة: "مهما يكن من أمر لا بد لي هنا من ان أشكر ادارة MTV التي أمنت لنا رواتبنا حتى آخر قرش وظلت تدفع لموظفيها حتى بعد فترة من الاقفال. ولا يمكنك أن تتصوري الى أي مدى تأثرت عندما اتصلوا بي ليعلموني أنهم حوّلوا لي مبلغاً من المال علماً أنه ما من شيء يلزمهم بذلك اطلاقاً نظراً لكوني أقبض على الفقرة التي أقدّمها ولست موظفة ثابتة". عقاب وآمال ضائعة وتعلّق رولا كساب الحداد مقدمة نشرة الأخبار على الموضوع قائلة: "كنت أتأمل بعودة MTV الى المشاهدين، أما اليوم وبعد القرار الأخير أضحى الاقفال شبه مؤكد. ولذلك لا بّد لي من أن أبدأ البحث عن عمل جديد. في الفترة السابقة تلقيت عرضاً من أحد التلفزيونات الا أنه لم يناسبني لجهة الدوام وغيره من الأمور. ولذلك تراني اليوم حائرة في أمري اذ بعد عشر سنوات من العمل خرجنا من دون أي شيء. صحيح بقيت ادارة MTV تدفع لنا رواتبنا بعد شهر ونصف الشهر من الاقفال، الا أنها ليست جمعية خيرية. وبما أن الايقاف كان لظروف قاهرة، خرجنا بلا تعويض، فذهبت سنوات من العمل سدى". وتضيف: "ان هذه المسألة هي مسألة سياسية بامتياز، وأعتقد أنه عندما ترفع السياسة يدها تستقيم الأمور وتعود المياه الى مجاريها. وبصدق هل نستحق فعلاً هذا العقاب؟". تشريد المئات وبدوره يتساءل نعيم حلاوي معدّ برنامج SLCHI عن الجرم الذي اقترفه أربعمئة وخمسون موظفاً في المحطة لترمى عائلاتهم على الطرقات ويصبح مصيرهم مجهولاً فيقول: "لا أريد أن أعلّق كثيراً على الموضوع، فنحن لا نزال تحت وقع الصدمة، مع العلم أنني أتأسف كثيراً لما آلت اليه الظروف. ففي هذا الوقت بالذات كان من المفترض أن نكون في حال انتاج لكن واقع الحال مخالف تماماً اذ على الصعيد الشخصي تفكك فريق SLCHI، عادل كرم ورولا شامية أصبحا في "المستقبل"، أما بقية أعضاء الفريق فيتلقّون العروض من هنا وهناك من دون أي شيء مؤكد. والى اليوم ليس عندي صورة واضحة لما جرى أو لماذا حصل ما حصل وما هو الجرم الذي اقترفناه. لا شك في ان الصدمة قوية، خصوصاً أن سوق العمل في لبنان لا يستطيع استيعاب الجميع. أشخاص كثيرون سافروا وأشخاص كثيرون خسرتهم MTV كونها كانت تضم مجموعة من أفضل العناصر من تقنيين ومخرجين ومقدمين... أما الادارة فلم تبخل علينا اذ أعطتنا حقوقنا كاملة من أول موظف الى آخر متعاقد معها والجميع كان متعاطفاً معها نظراً الى ما آلت اليه الأحوال". وعن المحطة التلفزيونية الجديدة التي سيطل من خلالها، يقول حلاوي أن ما من شيء مؤكد بعد في هذا الاطار اذ يعمل حالياً على فكرة برنامج جديد يعرض على احدى المحطات المحلية والفضائية الا أن الاتفاق لم يتم بعد. وهو اليوم في آخر مراحل المفاوضات. وينهي كلامه قائلاً: "نحن أشخاص مظلومون، وقضيتنا قضية محقة لذلك لا يسعني الا أن أتمنى مع بداية هذه السنة ألاّ يبقى مظلوم في هذه الدنيا". خسارة محطة حرة من جهته ينفي الدكتور زياد نجيم مقدم برنامج "استفتاء" تلقيه أي عرض عمل من أي مؤسسة اعلامية مرئية، اذ يقول: "ما حدا بيسترجي يعرض علي شيئاً". وبسؤاله عما اذا كان سبب ذلك الادعاء الشخصي بحقه أمام محكمة المطبوعات يجيب نجيم: "أبداً لا علاقة لذلك بالموضوع اطلاقاً حتى لو كنت مدعى علي... هناك رؤساء جمهوريات مدعى عليهم... هناك نواب ووزراء أيضاً... من جهة ثانية اذا كان هناك ادعاء بحقي فهذا لا يعني أنني مذنب بالضرورة. فالادعاء لا يثبت الذنب اطلاقاً. حتى الأحكام المبرمة نفسها قد تكون على خطأ. من هنا ضميري مرتاح وهو أقوى من كل القرارات. وأعتقد أن سبب عدم تهافت العروض عليّ يعود بالدرجة الأولى الى كوني غير محبوب اعلامياً لأنني لم أدخل اللعبة الاعلامية الخبيثة التي تحاصر اعلامنا اليوم، إذ كل وسائل الاعلام مباعة. ميشال غبريال المر كان خارج القاعدة حين استخدمني وأعطاني كامل الحرية في برنامجي، نظراً الى المودة والصداقة التي تجمعنا. أما ما حدث مع اقفال MTV فهو خسارتنا لوسيلة اعلامية حرة. ففي العالم كله لا يتم اغلاق وسيلة اعلامية على هذا النحو، وللأسف تم ذلك عندنا". صدمة موجعة بدوره لم يعلن سامر الغريب - معدّ الكثير من البرامج ومقدمها عبر MTV، أبرزها السهرات الرمضانية وبرنامج "من كل ميلة عيلة" - عن المحطة التلفزيونية التي ينوي الّتوجه اليها، مشيراً الى أن العقد لم يتم توقيعه بعد ومكتفياً بالقول: "انها محطة فضائية عربية، عرضّت عليها فكرة البرنامج وأعجبتها كثيراً". ويتابع قائلاً: "في البداية كنت لا أزال تحت تأثير الصدمة، فلم أبحث عن مكان آخر الا أنه كان من المفترض بنا أخذ الأمور بجدية أكبر... ما فعلناه هو أننا فكرنا منطقياً: فهل يجوز تشريد خمسمئة عائلة هكذا؟ لكن للأسف في لبنان كل شيء ممكن، العاطل والجيد معاً. من جهة ثانية، كانت كل توقعاتنا تشير الى أن الشارع اللبناني لن يسكت الا أننا لم نصبّ في ذلك اذ سرعان ما نسي الكل قضيتنا". وعما يمكن القيام به يجيب الغريب: "في وضعنا هذا أثبتت الوقائع أنه لا يمكننا بالكلمة فعل الكثير. وفي النهاية كما يقول المثل "يد لوحدها لا تصفق". ومع هذا قررنا المجازفة دفاعاً عن حقوقنا الا أننا كنا كمن يضحك على نفسه. شدّونا وضربونا من أجل شعاراتنا المتمثلة باللاطائفية والوطنية الصريحة والواضحة... وانني أشبه وضع MTV بين وسائل الاعلام بذلك الرجل العاقل الذي اتهم في ضيعته بعد أن أصاب سكانها الجنون، بأنه المجنون وهم الطبيعيون. كما أعتبر وسائل الاعلام المرئية متواطئة مع اعلام معين، حاولت MTV الخروج عنه بصراحتها المعهودة ونقل الخبر بأمانة فدفعت ثمن حرية الكلمة والتعبير غالياً. من هنا اتجاهي اليوم للاستمرارية مع المحافظة على الشهادة الكبيرة التي منحونا اياها والدرس المفيد الذي لن ننساه. فتشريدنا علم الكثيرين، حتى الذين لا يجرؤون على الكلام اقتنعوا بضرورة الالتزام بالخط المرسوم. من هنا كان لا بد من الرضوخ للأمر الواقع". وفي شكل عام قليلون حالفهم الحظ فانتقلوا سريعاً الى مؤسسات اعلامية أخرى منهم يزبك وهبة وبشير رفول اللذان انتقلا من نشرة الأخبار في MTV الى نشرة الأخبار في LBC وعادل كرم الذي انتقل الى شاشة "المستقبل" ثم ما لبثت أن تبعته زميلته رولا شامية. بدورها نادين سابا انتقلت الى MBC، ونانسي ياسين ونادين اغناطيوس توجهتا الى محطة ART... ويبقى السؤال: ان كان من السهل على نجوم MTV الحصول على وظائف جديدة، ماذا سيكون عليه وضع مئات العاملين وراء الكواليس من تقنيين وفنيين واداريين، هل ستكون المسألة بالسهولة ذاتها أم سيحملهم القرار على مغادرة البلاد الى غير رجعة؟ هيام أبو شديد. غادة الخلي.