بات اعضاء القيادة الفلسطينية محاصرين ومحتجزين في بيوتهم، مثل الرئيس الفلسطيني المحاصر في مقره في مدينة رام الله لليوم الخامس على التوالي، ما ينذر كما قال الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس أبو مازن ل "الحياة" بما هو أسوأ في ظل ترقب الخطوة التالية للجيش والحكومة الاسرائيلية. وباستنثاء مسؤول جهاز الامن الوقائي لمنطقة قطاع غزة محمد دحلان ومستشار الرئيس الفلسطيني محمد رشيد خالد سلام، اللذين لا يعرف مكانهما بالضبط، توجد غالبية اعضاء القيادة في المنازل الخاضعة لأوامر منع التجول التي يفرضها الجيش الاسرائيلي، بمن فيهم مسؤول الامن الوقائي في الضفة الغربية العقيد جبريل الرجوب. وقال ابو مازن ل"الحياة" ان واقع حصارهم في بيوتهم يعوّق عملهم وتحركاتهم، مضيفاً في الوقت ذاته ان الاتصالات والمشاورات لا تزال تجري مع عرفات من داخل مقره حيث يصدر تعليماته في مختلف المجالات. ونفى امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ان تكون هناك اتصالات تجري مع الاسرائيليين بأي شكل من الاشكال. وقال ان الاتصالات التي تجرى مع الاميركيين عبر مكتب المنظمة في واشنطن "غير مفيدة". وفي رده على سؤال عما اذا كانت القيادة خارج مقر الرئيس تستشعر اجراءات اسرائيلية لانهائها، قال ابو مازن: "انهم لا يتحدثون عن انهاء السلطة، انهم يمارسون ذلك على ارض الواقع وكل الاحتمالات مطروحة". وقال ان القيادة "لا تملك سوى الصمود والصبر والثبات على المواقف". واشار الى ان الاتصالات القائمة والمحدودة بحكم الحصار المفروض على اعضاء القيادة تهدف الى خلق تحرك عربي ودولي لوقف العدوان الاسرائيلي ولجم شارون ورفع الحصار عن الرئيس عرفات. وقال ان الاتصالات مع الجانب الاميركي تتمحور حول مطالبة الولاياتالمتحدة بتنفيذ ما قاله الرئيس الاميركي جورج بوش قبل يومين: تنفيذ توصيات ميتشل وخطة تينيت ووقف اطلاق النار. واضاف: "انهم يتحدثون ولكن لا نرى شيئاً حتى الآن والاوضاع تزداد سوءاً، انهم يقولون والتنفيذ هو تنفيذ اسرائيلي". وأكد مسؤول فلسطيني كبير ل "الحياة" ان الرئيس عرفات استشعر قبل ثلاث ساعات من بدء عملية اجتياح رام الله والبيرة فجر الجمعة بالخطر الداهم وطلب من اعضاء القيادة مغادرة المقر، في خطوة اظهرت بعد نظر وحكمة سياسية لضمان عدم شل عمل القيادة وانقطاع الاتصالات عن العالم الخارجي. وقال المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه انه بعد تقويم الاوضاع، تقرر ان يبقى فقط مسؤول جهاز المخابرات العامة العميد توفيق الطيرواي وقائد قوات الامن الوطني اسماعيل جبر بالاضافة الى مستشار الرئيس نبيل ابو ردينة وعدد آخر من مرافقيه وعناصر أمنه الشخصي. ولم تعلن اسرائيل حتى الآن عن نياتها بشأن الوزراء واعضاء القيادة الفلسطينية الا ان مصادر عسكرية اسرائيلية كشفت عن اسمين فقط من اعضاء هذه القيادة المطلوبين لديها بحجة مشاركتهم في المقاومة، وهما الطيرواي المتواجد مع عرفات ورشيد ابو شباك نائب قائد جهاز الامن الوقائي في غزة الذي يوجد حالياً في غزة. وكذلك مروان البرغوثي امين سر حركة فتح التنظيم الرئيس في منظمة التحرير الفلسطينية الذي اعلنت اسرائيل رسمياً امس انه المطلوب "الرئيس" لديها والذي تقوم بمطاردته منذ خمسة ايام. غير ان قائمة المطلوبين لدى اسرائيل طويلة في ما يخص بالقياديين العسكريين الميدانيين مثل "ابو عوض" مسؤول قوة حرس الرئاسة القوة 17 وغيرهم ممن تعتبر اسرائيل انهم يقودون المقاومة المسلحة. ويوجد كل من الامين العام لمجلس الوزراء الفلسطيني احمد عبد الرحمن ووزير الاعلام والثقافة ياسر عبد ربه وباقي الوزراء الذين يقطنون رام الله والبيرة في منازلهم ولم يتم الاقتراب من منازلهم، بينما يوجد صائب عريقات كبير المفاوضين ووزير الحكم المحلي في منزله في اريحا التي توجه اليها مباشرة من مقر الرئيس فجر الجمعة. وتزامن الاجتياح الاسرائيلي لرام الله ومحاصرة عرفات مع وجود رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الرجل الثاني الذي يترأس السلطة الفلسطينية وليس منظمة التحرير الفلسطينية وفقاً للقانون الفلسطيني بشكل موقت ولمدة ستة شهور الى حين اجراء انتخابات في اليابان، اما وزير التخطيط والتعاون الدولي نبيل شعث فيتحرك بين القاهرة وعمّان وباستنثاء الانتظار وترقب الاجراءات التي ستتخذها حكومة شارون، يبقى القول ان مخطط الاخير كما اعلن عنه هو نفسه ومسؤوليين آخرين في حكومته، يتخلص في "البحث عن قيادة بديلة" ترضى بشروط الاخضاع السياسي الاسرائيلي. وردد هؤلاء غير مرة اسماء "مسؤوليين محتملين" من داخل القيادة الفلسطينية وصفوا بانهم "اكثر واقعية واكثر عملية". غير ان النتيجة الوحيدة المحققة حتى الآن هي ان مشاريع شارون للتخلص من الرئيس الفلسطيني، سواء ب"العزل التام" او ب"الطرد"، كما اعلن امس، لن تتحقق لأن عرفات نفسه وقيادته اعلنوا انهم سيفشلون هذه المشاريع. وعملياً لن يتمكن شارون من "التخلص" من عرفات إلا باغتياله. فاحتمالات انتزاعه من مقره ونقله الى مروحية خارج الحدود "مجرد هراء صادر عن رجل خرف"، كما قال نبيل ابو ردينة ل"الحياة" تعقيباً على تصريحات شارون. وقال ابو ردينة ان تصريحات شارون "لم تستحق حتى التعليق من جانب الرئيس فهو باق في ارضه ويقود شعبه".