سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مقتل 15 اسرائيليا في هجوم حيفا ... وجنود الاحتلال يعدمون تسعة من رجال الامن الفلسطينيين ... واجانب يتضامنون مع الرئيس الفلسطيني . اعلان رام الله منطقة عسكرية مغلقة يعزز المخاوف على حياة عرفات وحكومة شارون الامنية تقر خططا لتوسيع الاعتداءات العسكرية
في خطوة أضفت مزيدا من الدراماتيكية على مشهد الحصار الذي يتعرض له الرئيس ياسر عرفات واعضاء قيادته، انضم 40 متضامنا اجنبيا من الفرنسيين والايطاليين والايرلنديين الى الامتار المربعة الاخيرة التي يحاصر عرفات داخلها واعلنوا تصميمهم على البقاء الى جانبه "مهما كانت الظروف". وجاءت هذه الخطوة بعد اعلان جيش الاحتلال مدينة رام الله منطقة عسكرية مغلقة، في وقت قررت الحكومة الامنية الاسرائيلية تنفيذ المرحلة الجديدة من عملياتها العسكرية في الاراضي الفلسطينية. وكان الجيش الاسرائيلي صعد حصاره لعرفات في مسعى لدفعه الى القبول بالورقة التي قدمها اليه المبعوث الاميركي الجنرال انتوني زيني وتتضمن التفسير الاميركي لخطة "تينيت". واعدم جنود الاحتلال تسعة من عناصر الامن الفلسطينية في رام الله. ورد الفلسطينيون بهجومين استشهاديين امس احدهما في حيفا تبنته "كتائب عز الدين القسام" التابعة ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس واسفر عن مقتل 15 اسرائيليا. اعتبرت مصادر فلسطينية ان سماح القوات الاسرائيلية لمجموعة تتكون من 40 شخصا من دعاة السلام الغربيين بالدخول الى مقر الرئيس ياسر عرفات تأتي في اطار "العلاقات العامة"، وفي محاولة اخرى في ما يبدو لانتزاع "بيان علني" منه بقبول "ورقة" المبعوث الاميركي الجنرال انتوني زيني لتنفيذ خطة "تينيت" الامنية. الا ان عرفات طالب في حديث للصحافيين بتنفيذ قرار مجلس الامن الاخير 1402 وتوفير قوات دولية لحماية الفلسطينيين "من ارهاب الاحتلال الاسرائيلي". ورغم الموقف الحرج الذي يقف فيه عرفات ووجوده في دائرة الخطر، ورغم الاعياء الشديد بعد ثلاثة ايام من الحصار والقصف واربع محاولات لاقتحام مكتبه، بدا الرئيس الفلسطيني في معنويات عالية. ووجه رسالة الى شعبه مطالبا اياهم بالصبر قائلا: "واصبر وما صبرك الا بالله"، مؤكدا ان طفلا او زهرة فلسطينية سيرفعان العلم الفلسطيني على اسوار ومآذن ومساجد القدس". وقال ان "حصاره ليس مهما لكن المهم الحصار المفروض على شعبنا والعدوان الذي تتعرض له مدننا ومخيماتنا ونساؤنا اللواتي يلدن على الحواجز العسكرية". وزاد ان رفض الجانب الاسرائيلي وصول اعضاء اللجنة الرباعية برئاسة زيني وعضوية الاممالمتحدة واوروبا وروسيا للاجتماع به "تأكيد ان الحكومة الاسرائيلية لا تريد السلام". وامتنع عن توجيه اللوم الى العرب، مشيرا الى الدعم العالمي الشعبي للفلسطينيين الذي عبر عن نفسه من خلال التظاهرات التضامنية. وقال: "لا يوجد صمت ... التظاهرات في كل مكان ... والعالم مذهول من ارهاب الاحتلال الاسرائيلي للشعب الفلسطيني نحن الشعب الوحيد تحت الاحتلال ويستخدمون الاسلحة المحرمة دوليا والاسلحة الاميركية"، مضيفا ان "السلام يجب ان يقوم في ارض السلام والارض المقدسة. هذا السلام ليس فقط للفلسطينيين وللاسرائيليين وانما ل كل الاحرار والشرفاء في العالم". وبدا الفلسطينيون "مفجوعين" مما اعتبروه "المهانة العربية غير المسبوقة" اكثر من احساسهم ازاء امتهان ثاني أقوى جيوش العالم لرمز نضالهم على مدى 38 عاما. وفي اعنف تصريح لمسؤول فلسطيني، قال الوزير الفلسطيني حسن عصفور ان "دم عرفات على ايدي الزعماء العرب"، مضيفا: "لا ينتظر الزعماء العرب ان يغتالوا رمز الكرامة العربية وينامون في بيوتهم عليهم ان يطردوا السفراء الاسرائيليين من بلادهم". وقال: "لا حصانة لاي كان اذا ما اغتيل عرفات". هجومان استشهاديان وفيما حذرت حركة "فتح" التي يتزعمها عرفات مجددا الحكومة الاسرائيلية من مغبة الاقدام على المس بالرئيس الفلسطيني، مؤكدة ان هذه الخطوة "ستلقي باسرائيل الى نار جهنم"، هز انفجار قوي مطعما في حيفا ادى الى مقتل 15 اسرائيليا وتبنته "كتائب عز الدين القسام" التابعة ل"حركة المقاومة الاسلامية". وبعد وقت قصير وقع هجوم استشهادي آخر في مستوطنة "افرات" قرب بيت لحم اسفر عن مقتل منفذه وجرح اربعة. اجتماعا الحكومة الامنية وفي الوقت الذي التأمت فيه الحكومة الاسرائيلية الموسعة بمشاركة رئيس اركان الجيش الاسرائيلي شاؤول موفاز "للبحث في الخطوات التالية" في الحرب التي يشنها الجيش على الفلسطينيين، لم يخف قادة الجيش الاسرائيلي أيا من اهداف مخططهم العسكري من اعادة شاملة لاحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة واعادة الحكم العسكري بلباس "الادارة المدنية" وطرد رئيسهم وشطب "اتفاقات اوسلو" من القاموس السياسي الاسرائيلي. واعلن وزير الامن الداخلي الاسرائيلي عوزي لانداو وهو في طريقه الى اجتماع الحكومة انه سيطالب "بتسريع عملية احتلال الضفة الغربية وطرد عرفات منها والقضاء نهائيا على السلطة الفلسطينية". واعلنت الاذاعة الاسرائيلية ان المجلس الامني المصغر قرر في ختام اجتماعه مساء امس تصعيد الهجوم على الشعب الفلسطيني في اعقاب هجوم حيفا. واضافت ان قادة الجيش اطلعوا الوزراء على تفاصيل العدوان المتوقع وعرضوا صورا جوية للبلدات التي سيتم استهدافها. وقالت وسائل الاعلام الاسرائيلية مساء امس ان دبابات الجيش ستتوغل في الساعات القليلة المقبلة داخل مدن فلسطينية اخرى. ونقلت ان دبابات احاطت مساء امس بمدينة قلقيلية اضافة الى بيت لحم وبيت جالا. واشارت الى ان جنود الاحتياط الذين استدعوا سيشاركون في العمليات المقبلة. اما في قطاع غزة، فأطلقت دبابة قذائف مدفعية تجاه منازل فلسطينيين شرق جباليا، وحلقت طائرات قتالية فوق اجواء القطاع، فيما توغل الجيش مستعينا بالدبابات لاكثر من كيلومتر في بيت لاهيا ولاكثر من 200 متر في تل السلطان في رفح. وشوهدت ارتال من الدبابات والحشود العسكرية في محيط مدن شمال الضفة الغربية في جنين وطولكرم وقباطية، وفي مدينة الخليل جنوبا استعدادا لاجتياح هذه المدن. وفي هذا الاطار، نقلت صحيفتا "هآرتس" و"يديعوت احرنوت" العبريتين في موقعيهما على الانترنت عن مصادر عسكرية اسرائيلية انه "ذا لم تستطع العملية العسكرية ان تهزم الفلسطينيين، ستضطر اسرائيل الى تفكيك السلطة وطرد عرفات وارجاع مؤسسات الادارة المدنية لادارة شؤون الفلسطينيين". وقالت المصادر العسكرية انها "لا تنفي امكان اعادة احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة لشهو". وقال المحلل العسكري الاسرائيلي المعروف شمعون فيشر ان شارون "سيقدم على طرد عرفات وفق التطورات الميدانية". ونقل الكاتب الاسرائيلي ناحوم برنياع عبارة من كتاب "سيرة شارون" الذي يتحدث فيه عن حرب لبنان قائلا ان "الحلبة باتت جاهزة لتنفيذ الطرد الكامل والنهائي الذي سيؤدي الى انهاء حرب اسرائيل ضد مملكة الارهاب منظمة التحرير الفلسطينية"، في اشارة الى ما يتجه نحوه شارون في لحظات الحصار الجديدة للفلسطينيين وقيادتهم. كذلك وصف مراقبون العمليات العسكرية بانها مناورة من شارون لن تطول، مشيرين الى ان تكلفة استدعاء 20 الفا من عناصر الاحتياط تبلغ نصف بليون شيكل شهريا. حصار عرفات ودارت معارك صباح امس بين جنود اسرائيليين والحرس الشخصي لعرفات في مقره في رام الله، وسمع انفجار قوي وسط رام الله واصوات طلقات نارية مكثفة من رشاشات ثقيلة اسرائيلية، كما القيت قنابل غاز مسيل للدموع في مكتب عرفات، في وقت اكد مستشار الرئيس نبيل ابو ردينة انه تم "صد محاولة اقتحام" مكتب الرئيس الفلسطيني، مشيرا الى سقوط "العديد من الجرحى". وفيما قال الجيش انه اعطى اوامر بشل حركته وليس المس به جسديا، اتهم امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس ابو مازن الادارة الاميركية بالسعي لتغطية حقيقة الوضع داخل مقر عرفات المحاصر، مؤكدا ان حياة عرفات "في خطر"، فيما قال مسؤول آخر ان الاتصالات بين عرفات والعالم مقطوعة، مشيرا الى انقطاع الكهرباءوالماء. ولخص رئيس الامن الوقائي في قطاع غزة العقيد محمد دحلان الوضع بقوله: "القوات الاسرائيلية تحاول الاقتحام من الطبقات العليا والسفلي. تم اقتحام مكتب القوة 17 ومكتب قوات الامن الوطني ومكتب المحافظ الذي يفصله عن مكتب الرئيس باب واحد فقط. وقعت خمس انفجارات عند باب صالة الطعام الموجودة داخل مكتب عرفات وحاولت القوات الاسرائيلية دخول المكتب لكن هناك تصد من حراس الرئيس ودارت اشتباكات عنيفة عند الباب الفاصل بين مكتب المحافظ الذي فيه القوات الخاصة الاسرائيلية ومكتب الرئيس". ورغم نفي الجيش الاسرائيلي محاولة اقتحام مكتب عرفات امس رغم سقوط جريحين على الاقل من مرافقي عرفات هما زكي درويش ومحمد سليمان خلال التصدي لمحاولات الاقتحام المتكررة، اكد الناطق الرسمي باسم الجيش الاسرائيلي الجنرال رون كيتري ان "من يلعب بالنار يكتوي بها"، في تهديد واضح بامكان اصابة او قتل عرفات عن طريق الخطأ". واضاف كيتري: "هذا وضع معقد فعرفات لا يجلس في صومعة ويوجد حوله مطلوبون"، في اشارة الى فؤاد الشوبكي الذي تتهمه اسرائيل بالوقوف وراء عملية تهريب سفينة الاسلحة قبل شهرين، اضافة الى شبان احتجزتهم السلطة الفلسطينية متورطين في قتل الوزير الاسرائيلي المتطرف رحبعام زئيفي. ورغم اعلان وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز بان قرار عدم المساس بعرفات السلطة الفلسطينية "ما يزال قائما"، لكنه طالب شارون "باطلاع الحكومة على ما يجري كي لا يتكرر ما حدث في لبنان"، في اشارة الى كذب شارون الذي كان يشغل منصب رئيس اركان الجيش الاسرائيلي في حينه على رئيس حكومته بشان اهداف الحرب على لبنان. من جهة اخرى، حذر قائد جهاز الامن الوقائي في الضفة الغربية العقيد جبريل الرجوب من كارثة جراء الاستعداد لنسف المقر العام للامن الوقائي في رام الله، مضيفا ان القوات الاسرائيلية تطالب من في المقر بالخروج وتهددهم بنسف المقر عليهم اذا لم يفعلوا. ... والاعدامات متواصلة ميدانياً، تواصل مسلسل الاعدامات التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي والتي رافقتها انتهاكات صارخة لحقوق الانسان خلال حملة الاعتقالات التي نفذتها والجرحى الذين تركوا ينزفون بعد ان اعاق الجنود عمل طواقم الاسعاف واحتجزوا عشرة من سياراتهم في رام الله والبيرة. وقتل الجنود الاسرائيليين تسعة فلسطينيين اربعة منهم من افراد الامن الوطني الفلسطيني، فيما منع متضامنون اوروبيون مع الشعب الفلسطيني في اطار حملة "الحماية الشعبية" الدبابات الاسرائيلية من اقتحام مشفى رام الله الحكومي باجسادهم. وعاشت العائلات الفلسطينية في رام الله والبيرة ساعات رعب حقيقة راقب الاطفال والامهات فيها اباءهم واقاربهم من الذكور معصوبي العيون وموثوقي الايدي ملقون على الارض امام اعينهم لا يستطيعون تقديم المساعدة لهم بعد ان احتل الجنود منازلهم واستوطنوا فيها، فيما سجلت حالات سرقة ونهب في بعض المنازل حسب ما افاد به بعض المواطنين ل"الحياة". وقالت سيدة فلسطينية انها اعلمت ضابط الوحدة التي احتلت بيتها بسرقة بعض صيغتها واموال وان الضابط وعدها بارجاعها. وفي مشاهد يصعب وصفها، خلع الجنود اقفال المحال التجارية وتناولوا منها ما يريدون من اطعمة وحاجات. وبدأت المواد الغذائية والادوية بالنفاد من معظم البيوت الفلسطينية فيما زادت كآبة الحوال الجوية الماطرة والبرد القارس كآبة الاحتلال الذي عرفته ازقة رام الله والبيرة وباقي الاراضي الفلسطينية 35 عاما. ونفذ الجيش حملة اعتقالات في قرية كوبر التي يتحدر منها امين سر حركة "فتح" مروان البرغوثي الذي تبحث عنه اسرائيل، واعتقلت 25 شخصا من عائلته. وخلافا للنفي الاسرائيلي الرسمي، بث الجنود الاسرائيليون الذين احتلوا استوديوهات ثلاث محطات تلفزة محلية هي امواج والشرق ووطن في رام الله والبيرة افلاما خلاعية وسط ذهول وصدمة في صفوف الفلسطينيين.