اشتدت المنافسة أمس بين مجازر إسرائيل في مخيم جنين ومخيمي "عسكر" و"عين بيت الماء" قرب نابلس، مع الجهود الديبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار أو لحمل حكومة ارييل شارون على سحب قواتها من المدن الفلسطينية التي عاودت احتلالها. واتهمت القيادة الفلسطينية الجيش الاسرائيلي "بدفن الشهداء الفلسطينيين في مقابر جماعية لاخفاء المجزرة" في مخيم جنين. وقالت ان دبابات وطائرات وجرافات اسرائيلية قامت بهدم منازل مخيم جنين بيتاً بيتاً على رؤوس من تبقى من الاهالي ونسفت الجوامع والمساجد والمستوصفات وكل المؤسسات المدنية". وبعدما واصل شارون تحديه الدعوات الأميركية إلى الانسحاب، أكملت قوات الاحتلال عملياتها واحتلت مناطق جديدة، لم يعد متوقعاً أي تغيير في الموقف قبل وصول وزير الخارجية الأميركي كولن باول مساء اليوم إلى إسرائيل. وكانت عملية انتحارية حصلت صباح أمس بالقرب من حيفا وسقط فيها قتلى وجرحى إسرائيليون، أعطت الرئيس الأميركي فرصة للقول إن مثل هذه العمليات "يعزز في نظره ضرورة أن يتراجع جميع الأطراف، ان تنسحب إسرائيل وأن يوقف الفلسطينيون والعرب العنف والمجازر". وشهدت مدريد أمس اجتماعاً رباعياً، ضم باول عن الولاياتالمتحدة ووزيري خارجية اسبانيا وروسيا والأمين العام للأمم المتحدة، بالإضافة إلى مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي. وتوصل اللقاء إلى بيان يشدد على استبعاد أي حل عسكري للصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، وطالب إسرائيل بسحب قواتها من المدن الفلسطينية ومقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "فوراً"، ودعا عرفات "بصفته الزعيم الذي انتخبه الشعب الفلسطيني" إلى بذل جهود فورية "لوقف الاعتداءات الإرهابية" على الإسرائيليين. وأشار البيان إلى "آلية" للرقابة من أجل مساعدة طرفي الصراع، أبدى باول تحفظاً عن ارسال قوات دولية. وكشف ايغور ايفانوف عن اتفاق رباعي على صيغة وجود دولي في المنطقة "يقبلها الطرفان". وأعلن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أمس في بيان أمام مجلس العموم في لندن ان حكومته "مستعدة للمساعدة في الرقابة على كل من المحتجزين ووقف النار عندما يتم التوصل اليه. وانا مقتنع بأن هذا دور يحتل الاتحاد الأوروبي مكانة مناسبة للاضطلاع به". وأخيراً أعلن بلير: "إننا على استعداد ايضاً، مع شركائنا الأوروبيين، لمساعدة السلطة الفلسطينية في اعادة بناء البنى التحتية في الضفة الغربيةوغزة والعمل معها ايضاً في اعادة تشكيل بنياتها الادارية. كما اننا مستعدون لمساعدتها في اقامة بنية أمنية مسؤولة وذات شفافية يمكنها التعاون مع الاسرائيليين والمجتمع الدولي لضمان السلام والأمن في دولة فلسطينية ودعم الاستقرار في المنطقة". وردت إسرائيل فوراً على بيان مدريد برفض الانسحاب "حالياً" من المدن الفلسطينية، فيما أبلغ شارون وزراء ليكود أن الجيش قد يقتحم بلدات جديدة، وقد دعاه الوزراء إلى تجاهل النداءات الأميركية. وأعلنت وزارة المال الإسرائيلية خطة طوارئ اقتصادية لمواجهة الأزمة التي بدأت مع اندلاع الانتفاضة قبل نحو 18 شهراً. وفيما شددت قوات الاحتلال عمليات القصف والتدمير للسيطرة على مخيم جنين ومخيمين قرب نابلس، فضلاً عن نابلس القديمة، فإن القصف لم يوفر أمس أيضاً مقر الرئيس عرفات. واعيد احتلال السموع فيما قصف مخيم الدهيشة. وطلبت إسرائيل مساعدة منظمة غوث اللاجئين الاونروا لاخلاء المخيمات، لأنها تريد تدميرها بالكامل، ورفضت "الأونروا" البحث في مثل هذه المطالب. وأعلنت كتائب عزالدين القسام في الخليل ان الإسرائيليين اغتالوا أمس مسؤولاً في المدينة أكرم صدقي الأطرش 30 عاماً، إذ اكتشفوا مخبأه في بلدة دورا وقاموا بتفجيره. وأعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، أمس، ان 500 فلسطيني قتلوا برصاص وقذائف وصواريخ الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ بدء الاجتياح الإسرائيلي للمدن والمخيمات الفلسطينية في 29 آذار مارس الماضي. وأكد عريقات أن الجيش الإسرائيلي أعدم ثمانية فلسطينيين بعد تسليم أنفسهم في مخيم جنين. وقال إن "الشهداء الثمانية هم عبدالرحمن تركمان ومحمد الفايد وشقيق له والشيخ إبراهيم جبر وابنه صعب، ومحمود حلوة ومحمود طوالبة، إضافة إلى أبو محمد الشهلة الذي هدموا المنزل عليه بواسطة جرافة عسكرية". وكان سكان من المخيم أكدوا العثور على جثة مسؤول حركة "الجهاد" الإسلامي في جنين محمود طوالبة، يوم الأربعاء، بعد اعلان الجيش الإسرائيلي سيطرته على المخيم اثر مواجهات عنيفة مع المقاتلين الفلسطينيين. والتقى عرفات أمس أعضاء القيادة الفلسطينية في مقره المحاصر في رام الله، وأعلن مستشاره نبيل أبو ردينة أنه "تقرر ارسال بعض الاخوة المفاوضين للقاء الجنرال زيني مساء اليوم أمس". والأعضاء الذين حضروا الاجتماع، إضافة إلى أبو ردينة، هم محمود عباس أبو مازن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وصائب عريقات كبير المفاوضين، وياسر عبدربه وزير الثقافة، والعقيد محمد دحلان مدير الأمن الوقائي في قطاع غزة. وأشار أبو ردينة إلى أن "الرئيس عرفات وأعضاء القيادة أشادوا ببيان اللجنة الرباعية في مدريد الذي دعا إسرائيل للانسحاب الفوري". وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن الفلسطينيين رفضوا اقتراحاً إسرائيلياً بعقد اللقاء بين عرفات وباول في أريحا، صباح السبت، وأن الرئيس الفلسطيني رفض مغادرة مقره خشية أن تقدم إسرائيل على اقتحامه. وتابعت أن الولاياتالمتحدة ارادت عقد اللقاء خارج رام الله لسببين، أولهما يتعلق بالترتيبات الأمنية والثاني رغبتها في رفع الحصار عن الرئيس الفلسطيني "هذا فضلاً عن رغبتها في عقده في مكان محترم وليس في المقر الذي تعرض للتدمير". وأشار مسؤول أميركي إلى أن اللقاء بين عرفات وباول يشكل "كابوساً" على صعيد الأمن، "ولا نعرف حتى الآن كيف نحل هذه المسألة، فالطرفان، جماعة عرفات والقوات الإسرائيلية، لا رغبة لديهما في التعاون اطلاقاً". وفي نيويورك، قررت المجموعة العربية في الأممالمتحدة عدم طرح مشروع قرارها إلى التصويت فوراً. وقال مندوب فلسطين الدكتور ناصر القدوة إن المجموعة قررت أن هناك "تطوراً سياسياً مهماً هو بيان مدريد"، وانه يستدعي "أن تنتظر المجموعة لترى النتائج العملية المترتبة على هذا البيان قبل أن تقرر موعد التصويت على مشروع القرار". وقال رئيس المجموعة للشهر الجاري مندوب تونس السفير نورالدين مجدوب: "المشروع لا يزال على الطاولة إنما لن يقدم إلى التصويت في الساعات المقبلة لئلا يعطل ما قامت به الرباعية وما سيقوم به وزير الخارجية الأميركي". وكان الوفد الأميركي أبلغ المجموعة العربية، عبر سورية العضو العربي في المجلس، أن الولاياتالمتحدة ترفض قطعاً أي مشروع قرار قبيل توجه باول إلى المنطقة حتى وإن اضطرها ذلك إلى استخدام "الفيتو".