سيكون من الصعب تلقّي ندوة "ثقافة الصحراء : مقوّماتها المغربية و خصوصياتها" التي نظّمتها أكاديمية المملكة المغربية خارج سياق التطوّرات الأخيرة التي يعرفها ملف الصحراء المغربية. ولكن إذا كانت أكاديمية المملكة اختارت الدفاع عن "القضية الوطنية" من خلال ندوة فكرية، فإنّ رابطة أدباء المغرب التي يترأسها الدكتور أحمد المديني ستصدر بلاغاً مباشراً بلغة يكاد ينسحب فيها الأدبي تماماً لمصلحة السياسي. وهكذا أكّد البلاغ أنّ قضية ما يسمّى ب"الصحراء الغربية" ليست سوى "حلقة جديدة في المخططات الاستعمارية القديمة. حلقة جديدة لأنّ أعداء المغرب سخّروا لتنفيذها أدوات وعناصر من ذوي القربى والمؤلّفة قلوبهم كوسائل للتّمويه والإيهام وتغليف الأهداف الحقيقية التي تبطّنها أطراف التّآمر بشعارات برّاقة وعناوين مضللة مثل "تقرير المصير" و"دعم حركات التحرير" وأخيراً التقسيم، الشعار الجديد القديم، الخادع والكاذب. ولأنّ الرابطة ترى أنّ أدباء المغرب يجب أن يكونوا دائماً في الطليعة حينما يتعلّق الأمر بالدفاع عن الوحدة الترابية والمقدّسات، فإنها ستذكّر في بلاغها بمحطّة المسيرة الخضراء التي "شاركت فيها مختلف الشرائح الإجتماعية والمنظّمات الرّسمية والجماهيرية، ومن بينها شريحة المثقفين من أدباء وكتاب وفنانين وصحافيين"، كما أشار البلاغ إلى أنّ أعضاء مؤسّسين لرابطة أدباء المغرب كانوا شاركوا في المسيرة الخضراء ونظّموا بعد ذلك ندوات وتظاهرات ثقافية في الصحراء لتعميق ارتباطها بالوطن الأم. وتدعو الرابطة في الختام الأدباء والمثقفين المغاربة إلى "اليقظة والتّنبّه الدقيق". أما اتحاد كتّاب المغرب الذي سيستضيف في أيار مايو المقبل ندوة تنظيمية للتّدقيق في ميثاق تأسيس اتحاد كتاب المغرب العربي الإطار الذي أعلن عن تأسيسه في الجزائر في لقاء تاريخي حضره وفد مغربي ضمّ كلاً من عبدالحميد عقار و نجيب خداري ورشيدة بنمسعود وبشير قمري. فهو بدا أكثر تحفّظاً من الرابطة إزاء التطوّرات الحالية. وبهذا الصّدد، أكّد الشاعر حسن نجمي رئيس الإتحاد للحياة أنّ لكل إطار الحق في تدبير الأمور بطريقته و"ربّما الإخوان في الرابطة لهم بعض المصالح في الموضوع، يقول نجمي، أما نحن فقد تجنّبنا صيغة البلاغ. لم يصدر عنا أي بلاغ رسمي كي لا نعطي الإنطباع بأننا منخرطون في حملة رسمية. طبعاً مسألة الصحراء مبدئية بالنسبة لنا. لكننا حريصون على عدم الدّخول في الجوقة. فالأدباء والمبدعون عموماً يتبرّمون من كلّ أشكال الإجماع نظراً للكيمياء الفردية لتجاربهم". ولكن على رغم ما عبّر عنه نجمي فإنّ اتحاد الكتاب سيعلن عن موقفه من التطورات الراهنة من خلال الكلمة التي ألقاها عضو مكتبه المركزي الناقد عبدالرحيم العلاّم بمناسبة افتتاح أشغال "منتدى السياحة والعولمة" الذي خصّص هذه السنة لموضوع العولمة وآثارها على الثقافات المحلية وتمّ تنظيمه في مدينة أرفود التي لا تبعد عن الحدود الجزائرية سوى 40 كيلومتراً فقط. وحاول العلاّم في كلمته التّأكيد على أنّ الوقت قد حان لبناء اتحاد المغرب الكبير بروح من التّجاوز والحرص على المستقبل، قبل أن يضيف بأنّ الخيار السياسي الذي اتخذته الجزائر بخصوص الصحراء المغربية يسير عكس حركة التاريخ ويتعارض مع كل رهان على المستقبل. وبغضّ النّظر عن الطريقة التي سيستجيب عبرها الأدباء الجزائريون لدعوة اتحاد كتاب المغرب، والتي قد تأخذ شكل بلاغ مضادّ يكثّف طروحات الجانب الآخر ويسوّغها، فإنّ جدول أعمال لقاء أيار مايو قد يخضع للكثير من التعديلات بسبب الإحتقان السياسي الحالي. لكنّ اتحاد كتاب المغرب يبدو حريصاً مع ذلك على أن يوفّر لمسار تاسيس اتحاد كتّاب المغرب العربي كل اسباب النجاج الممكنة. لهذا ربّما بادر يوم السبت 16 آذار مارس الحالي إلى استضافة الروائي الجزائري واسيني الأعرج في لقاء هادئ وعميق أريد له أن يكون مقدمة حوار يعيد الإعتبار لسؤال الأدب وقلق الأدب الجميل بعيداً من تشنّجات السياسة والسياسيين.