بدأ امس السبت في بغداد مهرجان "المربد" الشعري الثامن عشر الذى يعقد تحت شعاره التقليدي "لماضينا نغني... لمستقبلنا نطلق الكلمة" ويستمر حتى الحادي والعشرين من الجاري بمشاركة 400 شاعر وأديب من العراق والوطن العربي بحسب ما اعلنه مدير الشؤون الثقافية في بغداد عادل ابراهيم. وأبلغ ابراهيم وكالة الانباء العراقية ان الدورة الجديدة من المهرجان ستُعقد في ظرف استثنائي يشهده العراق، ما يتطلب من الشعراء موقفاً يرتفعون به الى مستوى التحدي. وقال: "يعقد المربد في ظرف يتصدى شعب العراق للمخططات التآمرية التي تريد الشر بهذا البلد الحضاري"، لافتاً الى "تضامن" الشعراء العرب: "سيكون تظاهرة يعبر من خلالها ابناء الامة العربية عن تضامنهم مع أشقائهم في العراق". وأشار الى ان قاعات بغداد وعدداً من المحافظات ستشهد جلسات شعرية "ينشد فيها شعراء الأمة لصمود العراق وشعبه الوفي الصابر وحاضر الأمة ومستقبلها الزاهر". وقال: "ان هناك جلسات ستعقد على هامش الاحتفال تناقش عدداً من البحوث تتناول شأن الشعر العربي والأدب والثقافة لحضارة تمتد جذورها الى اكثر من تسعة آلاف سنة... وهي تواجه الآن حصاراً شمل كل مناحي الحياة بما فيها قطاع الثقافة". مشدداً "على ان المشاركة العربية التي لم يكشف عن حجمها ولا عن ابرز الشعراء فيها ستكون ضد التهديدات العدوانية للعراق". ويشارك فيها اكثر من 400 اديب وشاعر وباحث من العراق والاقطار العربية والدول الصديقة وسيكون حضورهم متميزاً هذا العام، لأنه يتزامن مع تصاعد التهديدات العدوانية الأميركية والبريطانية للعراق". الشعر... الى اين؟ ومع بدء الدورة الجديدة للمهرجان الذي يشهد غياب ابرز ممثلي الشعر العراقي، اذ هاجر من العراق منذ اكثر من عشرين عاماً شعراء من اربعة اجيال طبعوا الشعر في بلادهم والوطن العربي بملامح من التجديد، صدر في بغداد كتاب بعنوان "الشعر الى اين" هو توثيق لمحاور الحلقة النقدية المقامة في "المربد" السابق، وهي ثلاثة محاور: الاول "جدل التراث والحداثة" والثاني "واقع الشعر في العالم" والثالث بحث في موضوعة الشعر وفلسطين وحمل عنوان "شعر الانتفاضة". وكان هناك ثمانية عشر باحثاً اشتغلوا للاجابة عن سؤال: الشعر الى اين؟ الذي تبنته الحلقة الدراسية لمهرجان المربد الشعري السابع عشر المعقود من 22 لغاية 17/12/2002. وقد اشتمل المحور الاول في الكتاب الذي اعده الشاعر علي الطائي على 12 بحثاً في موضوعة "جدل التراث والحداثة"، منها بحث للناقد فائق مصطفى وقف فيه عند العلاقة بين التراث والحداثة في النقد العربي المعاصر من خلال دراسته كتاب محمد عبدالمطلب "قضايا الحداثة عند عبدالقاهر الجرجاني" الذي سعى فيه الى دراسة التيارات النقدية الجديدة في ضوء الموروث القديم. والجرجاني كان حضر منهجاً نقدياً في بحث آخر حمل عنوان "فلسفة اللغة الشعرية بين ناقدين: سلطة التأويل واشكالية الهيمنة" للناقد محمد سالم سعدالله، اختار فيه الناقدين عبدالقاهر الجرجاني الذي يمثل المعطى النقدي للحضارة العربية الاسلامية، وأمبرتو ايكو الذي يمثل المعطى النقدي للحضارة الغربية المعاصرة. وأوضح الباحث ان اختياره هذا تم لكون "الجرجاني وإيكو يمثلان حضارة النص في عنصرين متباعدين وفي انتماءات عقدية متباينة، وسلك كل منهما طريق التأويل بصفته سلطة وشاهداً على ما يحيط بهالة النص" وعرض الناقد الأردني سمير قطامي تجربة الشاعر عبدالرحيم عمر في تعامله مع التراث من خلال بحثه: "عبدالرحيم عمر بين الحداثة والتراث" مورداً تعامله مع الاسطورة والتزامه بالشعر العمودي في قصائده التالية التي افصحت عن ولعه بالقديم. ويطرح ناقد اردني آخر هو محمد احمد القضاة في بحثه "الشعر العربي الحديث وأسئلة في مفهومه وأزمته ومستقبله" جملة من التساؤلات منها: "كيف يبدو واقع الشعر العربي الحديث؟ هل ما زال مفهومه هو المفهوم نفسه الذي عرفناه عبر مسيرة الشعر العربي؟ وهل هو في ازمة؟ وأين نحن من هذه الازمة؟ وما مستقبل الشعر العربي الحديث؟". وحاول بحث الناقد قاسم محمد عباس "حداثة القصيدة العربية: محاولة في انماط فهم الحداثة" الكشف عن "قدرة القصيدة الحديثة في زحزحة انماط التلقي وإثارة اشكالية اساسية مفادها ان الكثير من التجارب الشعرية ستبقى بمنأى عن التداول من دون تحديد التغير الجمالي في التلقي وبسبب دور التلقي في اعادة بناء مفردات القصيدة طبقاً لتجربة المتلقي وخبرته وثقافته". وضمن محور "جدل الحداثة والتراث" ذاته جاء بحث الشاعر والناقد البحريني علوي الهاشمي: "خواطر نقدية حول الحداثة الشعرية العربية" وبحث الناقد التونسي: مصطفى الكيلاني "مشكلات الكتابة بين القيمة والقيمة المضادة في راهن الشعر العربي". وضم محور "واقع الشعر في العالم" ثلاثة بحوث: الاول للناقد طراد الكبيسي "واقع الشعر في العالم في القرن العشرين: الشعر والشفاهية"، والثاني بحث للناقد الراحل عبدالجبار داود البصري "جناية الشعر العالمي المترجم على شعرنا العربي" شخَّص فيه الملامح والسمات التي طغت على الترجمات النثرية للشعر العالمي منها: "انها نثر عادي جداً يخلو من الوزن والقافية، وان الشعر المترجم يتخلى عن كل مظاهره الشكلية في لغته الام، وانه حين يصل الينا يكون قطع اشواطاً بعيدة من واقعه ومن جذوره وأصبحت جمله الموحية غير موحية وإشاراته البعيدة والمحببة الى النفوس اشارات ضائعة وصارت تضميناته بحاجة الى الشرح والهوامش وحل الغموض في رموزه وصوغه الاصلي محل الوضوح والاشراق". أما البحث الثالث فكان لحميد الحميداني وهو بعنوان "طبيعة الشعر ودوره الحضاري: مقارنة نظرية" طرح فيه تساؤلاً هو: "كيف انحسر دور الشعر في بعض الاوقات ليقوى في اوقات اخرى"؟ مجيباً: "ان انحسار دور الشعر في العالم العربي مؤشر خطر وداهم، وقد لا يكون في وسع الشعراء العرب وحدهم ولا المجتمعات التي ينتمون اليها ان يعيدوا هذا الدور الى مجراه الطبيعي إلا في ظل علاقات سوية مع المجتمعات الأخرى القائمة في هذا العالم". وضمن محور "شعر الانتفاضة" جاءت ثلاثة بحوث: الاول بعنوان "سيف علي امام باب خيبر/ من الغربة الى انسجام الخطاب" للناقدة بشرى البستاني، التي قرأت فيه نص الشاعر خالد علي مصطفى "سيف علي امام باب خيبر". وتناول بحث الناقد خليل السوامري اثر الانتفاضة في الشعر الفلسطيني، متحدثاً عن مضامين هذا الشعر ومنها: "الحجر والحجارة، والشهادة والشهداء، والمعتقلات والسجون، والمخيم". وكان آخر البحوث لستار عبدالله: "شعر الانتفاضة من لغة الحجارة الى لغة القصائد".