كثفت الطائرات الأميركية والبريطانية غاراتها على جنوبالعراق أمس، واستهدفت مركزي رادار كشفت القيادة المركزية الأميركية أنهما نقلا إلى جنوب خط العرض 33، حيث حدود منطقة الحظر الجوي. تزامن ذلك مع تشدد فرنسي حيال بغداد، عبّر عنه الرئيس جاك شيراك الذي حض خلال لقائه نظيره الأميركي جورج بوش على هامش قمة حلف الأطلسي في براغ، الرئيس صدام حسين على أن يدرك أن أمامه فرصة أخيرة للامتثال وتنفيذ القرار 1441. لكن اعضاء الحلف انقسموا على حتمية العمل العسكري ضد العراق. ووجه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير من براغ انذاراً جديداً إلى صدام ملوّحاً باستخدام القوة، في حين تبنت القمة اعلاناً تعهد فيه أعضاء الحلف تقديم الدعم الكامل لتطبيق القرار 1441، مؤكدين عزمهم على "اتخاذ تدابير فاعلة من أجل مساعدة الأممالمتحدة ودعمها في جهودها لحمل العراق على أن ينفذ القرار من دون أي شرط". وذكّر الإعلان بغداد بالفرصة المتاحة بوصفها الأخيرة، لكن صياغته جاءت باسم اعضاء الحلف وليس باسمه. في غضون ذلك، أقر مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون ينص على منح العلماء العراقيين الذين يوافقون على تقديم معلومات "ذات صدقية" حول برامج الأسلحة العراقية، اذن اقامة دائماً في الولاياتالمتحدة وأقر المجلس المشروع الذي حمل عنوان "قانون هجرة العلماء العراقيين 2002" مباشرة قبل انتهاء دورته الأخيرة لهذه السنة. ويمنح القانون وزير الخارجية أو وزير الدفاع صلاحية اقتراح بطاقة اقامة دائمة - من دون اللجوء إلى الاجراءات العادية - على كل عالم عراقي "يملك معلومات محددة وذات صدقية عن أي برنامج عراقي" يتعلق بالأسلحة المحظورة. وعلى رغم التوافق الأميركي - الفرنسي الذي تجلى في لقاء بوش - شيراك، عكست تصريحات لمسؤول فرنسي خلافاً آخر مع واشنطن، ونقلت عنه وكالة "رويترز" من براغ أن باريس لا تشاطر بوش "تفسيره الشخصي" لمسألة تقديم بغداد البيانات الكاملة لبرامج التسلح. وكان الرئيس الأميركي حذر صدام من أنه سيدخل "المرحلة الأخيرة" إذا أنكر في البيانات حيازة أسلحة نووية وكيماوية وجرثومية. وتابع المسؤول: "لم نقل أبداً ان هناك دليلاً على امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، بل قلنا وجود مؤشرات، وفي 8 كانون الأول ديسمبر سنتابع ما سيقوله عما في حوزته وعما لا يمتلكه، وإذا عثر المفتشون على شيء بعدها سيمثل ذلك انتهاكاً خطيراً" للقرار 1441. وكانت الناطقة باسم الرئاسة الفرنسية كاترين كولونا أشارت إلى أن بوش وشيراك تطرقا إلى التهديد الذي يمثله العراق وسبل مواجهته، واتفقا على ضرورة أن تدرك بغداد الفرصة الأخيرة. وبدا واضحاً الانقسام داخل حلف الأطلسي على حتمية العمل العسكري، على رغم ابداء مسؤول أميركي ارتياحه إلى أن صيغة إعلان براغ "تتجاوز الإعلان السياسي" الذي كانت واشنطن تسعى إليه. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد قوله في العاصمة التشيخية إن دولاً أعضاء في حلف الأطلسي ناقشت "بطريقة بناءة" مسألة المشاركة في عمل عسكري ضد العراق، مضيفاً ان أي قرار باستخدام القوة لم يتخذ بعد و"من المحتمل ألا يكون ضرورياً إذا قرر صدام نزع أسلحته". وزاد ان كل دولة ستتخذ قرارها في حال اندلاع حرب و"سيقرر الحلف كمؤسسة ما يريد فعله". ونسبت وكالة "اسوشييتد برس" إلى وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر تجديده موقف برلين المعارض للحرب والمشاركة فيها، لكنه لمح للمرة الأولى إلى "التزامات بموجب القانون الدولي" ستترتب على بلاده، في إشارة إلى إمكان استخدام الأميركيين الأجواء والقواعد العسكرية الألمانية. وفي دمشق، دعا وزراء خارجية الدول العربية المشاركون في اجتماع لجنة المتابعة إلى "وقف التهديدات الموجهة إلى العراق، كي ينجز المفتشون عملهم في مناخ ملائم" راجع ص3 و4.